موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
الأب د. نجيب بعقليني، رئيس جمعيّة عدل ورحمة
يعتبر اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الاعدام، في 10 تشرين الأول، مناسبة للمجتمعات للاعتراف بضرورة إلغاء عقوبة الاعدام من النصوص والنفوس والتطبيق، لِما لها من تأثيرات وانعكاسات وتداعيات سلبية ومؤذية على مسيرة حياة المجتمعات. ويتساءل المرء ما هو الهدف من تلك العقوبة؟ الانتقام والردع وتحقيق العدالة الجنائية؟ هل هي للحماية من الشر، وردع المجرمين؟ وهل القصاص والعقوبة وإلغاء الحياة، هي الحلول المناسبة؟ أليست عقوبة الاعدام جريمة قتل قانونية؟
ونطرح السؤال تلو السؤال: ألا يتعرض الكثيرون من أفراد المجتمع إلى إعدام مقنع؟ وفاضح وقاتل؟ من قبل اصحاب السلطات وحيتان المال والمتحايلين على القانون، والمعتدين على حقوق الانسان وكرامته؟ أوليست منظومة الفساد والغش والتزوير والقمع والبطش أيضا إعدام مقنع؟ أوليس هؤلاء مجتمعين معاً ينفذون عقوبة الاعدام على الأبرياء والضعفاء والمساكين والفقراء والشرفاء؟
من هنا، على المجتمعات إيجاد البدائل، من خلال نبذ حالات الفساد والعنف والتطرف والارهاب، مبتعدين عن الكراهية والحقد، والانتقام والتعذيب والعنصرية، ومتمسكين بالعلم والثقافة، والاخلاق والقيم الانسانية، ومشددين على حبّ الحياة وصونها، وإحترام الذات والاختلاف والتنوع، وتطبيق القوانين والانظمة، ومكافحة الجريمة وأسبابها، والحدّ من انتهاك حقوق الانسان وكرامته، وذلك من خلال التوعية والتأهيل، والتربية والتعليم، ونشر روح المحبّة والتسامح، والإيمان والعمل الاستباقي.
نذكّر بما قاله البابا فرنسيس عن عقوبة الاعدام في رسالته العامة بعنوان "كلّنا إخوة" الصادرة في 3 تشرين الاول من العام الحالي، المستندة الى "وثيقة الأخوّة الإنسانيّة من أجل السلام العالمي والعيش المشترك" التي وقعّ عليها البابا إلى جانب الإمام أحمد الطيب، في أبوظبي (الإمارات المتحدة) العام المنصرم، ومما قاله: "هناك طريقة أخرى للتخلص من الآخر [...] وهي عقوبة الاعدام". وتابع: "إن عقوبة الاعدام غير مقبولة، والكنيسة تعمل بحزم على طرح إلغائها في جميع أنحاء العالم، [...] الكفاح ليس فقط من أجل الغاء عقوبة الاعدام، [...] بل من أجل تحسين ظروف السجن، [...] السجن المؤبد هو عقوبة إعدام مستترة"، [...] "كلّ من ياخذ بالسيف، بالسيف يهلك". يمكننا القول إنّ الإنسان، مدعو للحياة، لا للموت، وللمواجهة ورفض الإعدام المقنع، بشتى الوسائل القانونية والشرعية. ألاّ تكفي أحلام الانسان ورجائه كي يسير وراء الحياة ومعها وأمامها...؟