موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢٠ يونيو / حزيران ٢٠٢١
روبرت شومان، أحد الآباء المؤسسين للاتحاد الأوروبي، على طريق القداسة

أبونا :

 

وافق البابا فرنسيس على إصدار مرسوم الاعتراف "بالفضائل البطولية" لروبرت شومان (1886-1963)، وهي الخطوة الأولى في عملية طويلة قد تؤدي إلى إسباغ صفة القداسة عليه. وتتطلب العملية نسبة معجزة واحدة لشومان من أجل تطويبه، ومعجزة ثانيّة حتى يمكن اعتباره قديسًا.

 

ويعني المرسوم الذي أقرّ حاليًا على أنه منح صفة "المكرّم" في الكنيسة الكاثوليكيّة. وكان لشومان دور مفصلي في في خلق مؤسسات أوروبا الحالية. وقد أثنى العديد من البابوات على الدور الذي لعبه شومان، الذي كان كاثوليكيًا مخلصًا، في كسر حلقة الحروب في أوروبا.

 

ولد شومان في لوكسمبورغ، في 29 حزيران عام 1886. وأصبح مواطنًا فرنسيًا، واعتقله الغيستابو (الشرطة السريّة الرسميّة لألمانيا النازيّة) بعد احتلال القوات النازية فرنسا، من 14 أيلول 1940 إلى 12 نيسان 1941. لكنه استطاع الفرار، وبقي مختفيًا حتى نهاية الحرب العالمية الثانية.

 

انتخب نائبًا في الجمعية التأسيسيّة لفرنسا في عامي 1945 و1946. وبصفته عضوًا في البرلمان، تولّى مناصب مهمّة في الحكومة الفرنسيّة: وزير الماليّة، رئيس الوزراء، وزير الخارجية، وزير العدل؛ ليصبح نقطة مرجعيّة أخلاقيّة للبلاد، ويعمل من أجل إنشاء نظام مشترك للنمو اقتصاديًا واجتماعيًا.

 

 

السياسة: رسالة، خدمة وطاعة

 

وإلى جانب الألمانيّ كونراد أديناور والإيطاليّ ألكيد دي جاسبري، يُعتبر شومان أحد الآباء المؤسسين لأوروبا الموحدّة. وقد أدى عملهم إلى توقيع "معاهد روما" في 25 آذار 1957، والتي أنشأت المجموعة الاقتصاديّة الأوروبيّة (أو السوق الأوروبية المشتركة) عام 1957، ومن ثم "الاتحاد الأوروبي" عام 1993.

 

ففي عام 1950، اقترح أن يجري تعدين الفحم والصلب في أوروبا بشكل متفق عليه بين الدول الأوروبية من أجل تجنب النزاعات المستقبلية. وقد أصبحت الخطة تعرف باسم "إعلان شومان"، ويجري الاحتفال بيوم إعلانها، وهو 9 أيار، تحت اسم "يوم أوروبا". وفي عام 1958 انتخب بالتزكيّة كأول رئيس للبرلمان الأوروبي الجديد. في العام التالي، أصيب بنوع حاد من التصلب الدماغي. وحين تنحى من منصبه بسبب سوء أحواله الصحية منح لقب "أبي أوروبا". وعيّن رئيسًا فخريًا للجمعية البرلمانيّة الأوروبيّة. وقد توفي شارلمان في فرنسا بتاريخ 4 أيلول 1963، عن عمر يناهز 77 عامًا.

 

وكان شومان مؤمنًا بأن السياسة هي رسالة وخدمة، وعمل طاعة لإرادة الله. وعاش حياة صلاة، متقربًا من القربان المقدس بشكل يوميّ. أثنى على كتابات البابا بيوس الثاني عشر الذي أدان كلًا من الفاشية والشيوعية. وكان خبيرًا في فلسفة العصور الوسطى خاصة كتابات القديس توما الأكويني. وقال البابا فرنسيس العام الماضي، في الذكرى السبعين لإعلان شومان، إنّ ذلك الإعلان أدى إلى أن تعيش أوروبا فترة طويلة من الاستقرار والسلام الذي ننعم بمزاياه اليوم.