موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
بمناسبة حلول شهر رمضان الفضيل، قدّم المركز الكاثوليكيّ للدراسات والإعلام رسالة التهنئة للإخوة والأخوات المسلمين في العالم، التي يوجهها الفاتيكان سنويًّا، باسم الكنيسة الكاثوليكيّة، عبر دائرة الحوار بين الأديان، وقد حملت رسالة هذا العام عنوانًا: "المسيحيون والمسلمون: معًا لتعزيز المحبّة والصداقة".
استهلت الرسالة بالإشارة إلى أنّ شهر رمضان يكتسي أهميّة كبيرة للمسلمين، كما ولأصدقائهم وجيرانهم ومعارفهم من أتباع الأديان الأخرى، وبخاصة المسيحيين. ففي هذا الشهر، "تتعزّز الصداقات القائمة، وتُبنى صداقات جديدة، ما يمهّد الطريق لعيشٍ أكثر سلامًا وانسجامًا وبهجة. وهذا يتوافق مع الإرادة الإلهيّة لجماعتنا، وفي الواقع لكافة أعضاء العائلة البشريّة الواحدة وجماعاتهم".
وأكدت الرسالة على أنّ "العيش المشترك السلمي والوديّ يواجه العديد من التحديات والتهديدات: التطرّف، الأصوليّة، الجدل، الخلافات والعنف بدوافع دينيّة"، وبأنّ هذه التهديدات "تغذيها ثقافة الكراهيّة، لذلك بات من الضروري أن يجد المسيحيون والمسلمون أنسب السبل لمواجهة هذه الثقافة والتغلّب عليها، وفي المقابل تعزيز المحبة والصداقة، وبخاصة بين المسلمين والمسيحيين، بحكم الروابط الدينيّة والروحيّة التي تجمعنا".
وأضافت: "يبدأ كل شيء بموقفنا تجاه بعضنا البعض، لاسيّما عندما تكون هنالك اختلافات بيننا في الدين أو العِرق أو الثقافة أو اللغة أو السياسة. يمكن اعتبار هذه الاختلافات بمثابة تهديد، ولكن لكلّ فردٍ الحق في هويته الخاصة بمكوناتها المتنوّعة، دون تجاهل المشتركات أو نسيانها... إنّ المواقف والسلوكيات السلبية تجاه من يختلف عنّا عديدة للأسف: الشكّ والخوف والتنافس والتمييز والإقصاء، الاضطهاد والجدل والإهانات والاغتياب، على سبيل المثال لا الحصر".
كما أشارت إلى أنّ "منصات وسائل التواصل الاجتماعي هي مساحات معتادة لمثل هذه السلوكيات الضارّة، ما يشكّل إنحرافًا في دورها من وسائل للاتصال والصداقة إلى أدوات للعداء والتقاتل". واستشهدت الرسالة بما جاء في رسالة البابا فرنسيس العامّة "كلنا أخوة" في عام 2020، حيث قال: "بينما يدافع الناس عن عزلتهم الاستهلاكيّة الخاصة والمريحة، يختارون أن يكونوا مقيًّدين باستمرار وبهوس. وهذا يساعد على ظهور أشكال غير اعتياديّة من العدوانيّة، والإهانات، وسوء المعاملة، والإساءة، والكلام المؤذي لدرجة تشويه صورة الآخر، وبفجورٍ ما كان ليوجد لو كان التواصل مباشرًا بين الأشخاص دون أن ينتهي بنا الأمر بتدمير بعضنا البعض. إنّ العدوانيّة الاجتماعيّة تجد في الأجهزة المحمولة وأجهزة الكمبيوتر مجالاً، لا مثيل له، للانتشار".
وأوضحت الرسالة بأنّ "نقيض هذه السلوكيات السلبيّة المذكوره أعلاه هو الاحترام والطيبة والإحسان والصداقة والعناية المتبادلة للجميع والمسامحة والتعاون من أجل الخير العام، ومساعدة كلّ من هم في أي من أنواع الاحتياج، والاهتمام بالبيئة من أجل الحفاظ على "بيتنا المشترك" مكانًا آمنًا وبهيجًا يمكننا فيه العيش معًا في سلام وفرح"، مشدّدة على أنّه "ليس بإمكاننا التصدي لثقافة الكراهيّة ومكافحتها، وفي المقابل تعزيز ثقافة المحبة والصداقة، بدون تربية سليمة للأجيال القادمة في جميع الأماكن التي تتم تنشئتهم فيها: الأسرة والمدرسة وأماكن العبادة، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي".
وخلصت رسالة الفاتيكان لرمضان العام بالقول: إنّ عالمًا يسوده العدل والسلام والأخوّة والازدهار يرضى الله القدير ويمنحنا الفرح، ويتطلّب هذا منّا بالتالي التزامًا صادقًا ومشتركًا. نتمنى لكم، أيها الإخوة والأخوات المسلمون الأعزاء، أن تنعموا في شهر رمضان بوافر بركات الله كلّي القدرة، وأن تحتفلوا بعيد الفطر في الفرح الناتج عن طاعة الله وحبّه تعالى وكل من تعيشون معهم أو تلتقون بهم".
وأخيرًا، وفيما عبّر المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، عن سروره بنشر رسالة التهنئة الفاتيكانيّة هذا العام، فإنّه ممثلاً بمديره العام الأب د. رفعت بدر، وبمجلسيه الإستشاري والإداري، ليغتنم هذه المناسبة ليرفع بدوره التهنئة الصادقة لجميع الأخوة المسلمين في العالم، بحلول شهر رمضان الفضيل، خاصًا بالذكر الأسرة الأردنيّة الواحدة، والعائلة الهاشميّة بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، وصاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد المعظم، راجيًّا لجميع الصائمين في هذا الوقت من مسيحيين في زمن الصوم الأربعيني، ومسلمين في الصوم الرمضاني، أن يجنوا أفضل الثمار في حياتهم الروحيّة وفي تعميق الأخوّة والصداقة بين المؤمنين بالله الواحد، وفي مد يد العون للفقراء والمحتاجين.