موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ١٠ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٢
الكاردينال بارولين: لدينا القليل من الوقت لتصحيح المسار، لا ينبغي إضاعة هذه الفرصة

فاتيكان نيوز :

 

في القمة المنعقدة في مصر حول المناخ، ألقى أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين مداخلة جدد فيها النداء لتنفيذ مقاربات متكاملة لمعالجة "الأزمة الاجتماعية والبيئية". وقال: لا يمكننا أن نبني أنفسنا في كتل من البلدان المعزولة وغير المستدامة، لدينا واجب أخلاقي لمنع الآثار الإنسانية الناجمة عن تغير المناخ والاجابة عليها، مثل الظاهرة المتنامية للمهاجرين النازحين.

 

ويُعقد في مدينة شرم الشيخ مؤتمر الأطراف حول المناخ "كوب 27"، وهي الأولى التي يُشارك فيها الكرسي الرسولي كدولة طرف بعد أن وقّع في 4 تشرين الأول الماضي على اتفاقيّة الأمم المتحدة الإطاريّة بشأن تغيّر المناخ لعام 1992، واتفاقيّة باريس للمناخ لعام 2015.

 

حول الترابط بين تغير المناخ وإمدادات المياه والغذاء والفقر والهجرة تمحورت المداخلات التي ألقاها الكاردينال بارولين في القمّة، مشدّدًا على ضرورة اغتنام هذه الفرصة الإضافية للتعامل بجدية مع الركائز الأربع لاتفاق باريس: التخفيف والتكيف والتمويل والخسارة والأضرار. ونقل رغبة البابا في أن تكون هذه القمة خطوة إلى الأمام من أجل "خيارات ملموسة وبعيدة النظر، يتم اتخاذها بالتفكير في الأجيال الشابة، قبل أن يفوت الأوان ويتعرض مستقبلهم للخطر".

 

وذكّر بالتزام الكرسي الرسولي بالوصول إلى هدف صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050، وتكثيف الجهود لتحسين إدارته البيئية، وتعزيز التربية على الإيكولوجيا المتكاملة. وأشار إلى "أنّ التدابير السياسية والتقنية والتنفيذية ليست كافية، ولكن يجب أن تقترن بنهج تربوي يروّج لأنماط حياة جديدة، ويعزز نموذجًا متجددًا للتنمية والاستدامة يقوم على العناية والأخوَّة والتعاون".

 

وتحدّث بارولين عن "أزمة اجتماعيّة بيئيّة"، مسلطًا الضوء على أننا نعيش "لحظة ملائمة للإرتداد الفردي والجماعي ولقرارات ملموسة لم يعد من الممكن تأجيلها". وقال: "لدينا الواجب الأخلاقي في اتخاذ إجراءات ملموسة لمنع الآثار الإنسانية المتزايدة والخطيرة الناجمة عن تغير المناخ والاجابة عليها". وأشار في هذا السياق إلى تنامي ظاهرة النازحين المهاجرين، موجّهًا النداء إلى الحكومات الدولية: حتى عندما لا يتمتع النازحون بالحماية الدولية، "لا يمكن للدول أن تتجاهل الحلول الملموسة، بما في ذلك في مجالات التكيُّف والتخفيف والقدرة على الصمود". وركّز في هذا السياق على أهمية "الاعتراف بالهجرة كشكل من أشكال التكيُّف": ومن هنا تأتي الحاجة إلى زيادة توافر ومرونة مسارات الهجرة النظامية.

 

بعد ذلك توجّه الكاردينال بارولين بفكره إلى وباء فيروس الكورونا والصراعات في جميع أنحاء العالم والتي "تخاطر بتقويض الأمن العالمي، وتفاقم انعدام الأمن الغذائي، وتعريض التعددية للخطر، بل وتلقي بظلالها على جهودنا هنا في شرم الشيخ". وسلّط الضوء على أنه "لا يمكننا أن نسمح بحدوث ذلك. فالدول المنظمة في كتل معزولة وغير مستدامة لا تساعد القضية التي تبقى عالمية"، داعيًا إلى اغتنام هذا الوضع كلحظة لنشر التضامن الدولي وبين الأجيال، وقال: "علينا أن نتحلى بالمسؤولية والشجاعة ونتطلع إلى المستقبل ليس فقط لأنفسنا، وإنما أيضًا من أجل أبنائنا".

 

وإذ ذكّر بالرسالة التي وجّهها البابا فرنسيس إلى مؤتمر الأطراف 26 في غلاسكو العام الماضي، شدّد بارولين على الحاجة الملحة إلى أن يقود الإرادة السياسية الوعي بأننا إما أن نفوز معًا أو نخسر معًا. الاعتراف هو أن الطريق إلى تحقيق أهداف اتفاقية باريس معقد وأن الوقت المتاح قد أصبح أقل لتصحيح المسار. لا ينبغي إضاعة فرصة أيام النقاش هذه حتى فيما يتعلق بالنظر في الجوانب غير الاقتصادية للضرر، مثل فقدان التراث والثقافات. وأكّد في هذا السياق أنه لدينا الكثير لنتعلمه من الشعوب الأصلية.

 

 

الأمن المائي

 

وعلى طاولة مستديرة حول الأمن المائي، توقّف الكاردينال بارولين عند اعتبار أن تغير المناخ يعرّض دورات المياه العالمية للخطر. وجاء النداء في هذه الحالة أن يكون للأمن المائي دورًا أساسيًا في سياسات المناخ وأن يتم إدراجه في استراتيجيات المناخ الوطنية.

 

وأشار إلى أن ندرة المياه والتلوث آخذان في الازدياد ويؤثران على السكان الأشدّ فقرًا، وبالتالي، يصل سوء التغذية أيضًا إلى مستويات خطيرة لاسيما بالنسبة للأطفال، معربًا عن أمله في أن يتم تضمين الأمن المائي في استراتيجيات المناخ الوطنية.

 

وأكّد بالحاجة لإجراء تغييرات في إدارة المياه، بما في ذلك الاستخدام العادل لموارد المياه وتوزيع أكثر ذكاء للمياه في النظم الغذائية، وقال: هناك حاجة ماسة إلى نُهج متكاملة جديدة وجهود معززة. ومن بين الإجراءات المستهدفة المقترحة لمواجهة هذه التحديات: تحسين إدارة المياه في الزراعة؛ تنسيق تقاسم المياه وحقوق المياه على طول أنظمة المياه العابرة للحدود، وجعلها إرثًا للجماعة بدلاً من أن تكون مصدرًا للصراع؛ تقليل هدر المياه والغذاء؛ معالجة التفاوتات الاجتماعية في وصلات المياه والتغذية وتسهيل الوصول إلى "الغسيل"؛ تحسين جودة البيانات ومراقبة التوصيلات بين المياه ونظام الغذاء، واستغلال الابتكارات التكنولوجية.

 

وسلّط الضوء على الصلة العميقة بين الجوع في العالم، والحروب، وأزمات المناخ، واضطرابات السوق، وعدم المساواة، بوصفها حلقة مفرغة يجب كسرها بشكل عاجل. وتتعلق الإجراءات التي تمَّ اقتراحها بالإدارة المستدامة للإقليم، وتنويع الإنتاج الزراعي، وتعزيز المستضعفين، والحماية الاجتماعية التي يعززها المجتمع المدني والجماعات الدينية. ومن الممارسات الجيدة التي يتعين مواصلة تنفيذها الحد من هدر الطعام وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري بالإضافة إلى إدراج النظم الغذائية في تمويل المناخ على نطاق واسع.