موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ١٢ مايو / أيار ٢٠٢٥
الكاردينال بييترو بارولين ينشر شهادته عن الكونكلاف
شهادة الكاردينال بييترو بارولين، أمين سر دولة الفاتيكان، التي أرسلها إلى صحيفة "Giornale di Vicenza" الإيطاليّة

موقع زينيت :

 

في حين ما زالتُ تجربة الكونكلاف معبرة ومليئة بالعواطف، يسرني أن أستجيب لطلب صحيفة "Giornale di Vicenza" بكتابة تعليق على انتخاب البابا لاون الرابع عشر، الكاردينال روبرت فرنسيس بريفوست، أسقف روما.

 

إن هذا أكثر من مجرد تعليق، فهو شهادة موجزة أستطيع تقديمها، مبنية على فرحي بأن الكنيسة الجامعة قد وجدت في وقت قصير راعيًا لها، خليفة لبطرس، أسقف روما، بعد مرض البابا فرنسيس ووفاته الذي تحلى بالصبر ليبقيني كأمين سر الدولة لما يقرب من اثني عشر عامًا.

 

نؤمن إيماناً عميقاً بأن الروح القدس، من خلال عمل الكرادلة الناخبين ومن خلال إنسانيتهم أيضاً، هو الذي يختار الرجل القادر على قيادة الكنيسة. فبصورة تقنية إنه انتخاب، لكن ما يحدث في كنيسة سيستين تحت أنظار صورة المسيح الديّان، يجدد ما حدث في بداية عهد الكنيسة، عندما حاولوا إعادة بناء المجمع الرسولي بعد الإنشقاق المؤلم ليهوذا الإسخريوطي.  ثم صلى الرسل طالبين أن يريهم الرب، العارف بقلوب الجميع، من هو الشخص المختار (أعمال الرسل ١٢: ٢٥).

 

لقد تكرر هذا الأمر السري في هذه الأيام، ونحن ممتنون للغاية للرب الذي لا يتخلى عن الكنيسة، جسده السري، بل يقدم لها رعاة مسؤولين بحسب رغبته. ونحن ممتنون للغاية للبابا ليون الرابع عشر لقبوله دعوة الرب "أكثر من هؤلاء" وأن نتبعه، وأن نطعم خرافه وحملانه كما طلب يسوع من بطرس في إنجيل الأحد الماضي.

 

لا أكشف سراً عندما أكتب أن كلمة "أقبل" هي التي جعلته البابا المئتي السابع والستين للكنيسة الكاثوليكية حيث أعقب ذلك تصفيق حار وطويل. فأكثر ما ترك بي انطباع هو الهدوء الذي اشرق على وجهه في تلك اللحظات الرائعة، أو بالأحرى "الدراماتيكية" إلى حد ما، لأنها تغير حياة الإنسان بصورة تامة. فهو لم يفقد ابتسامته الجميلة أبداً، مع أنني أتصور أنه كان مدركا تماما للمشاكل العديدة والمعقدة التي تواجهها الكنيسة هذه الأيام. لقد تحدثنا عن هذا الأمر بصورة مطولة خلال اجتماعات الكرادلة التي سبقت الكونكلاف، حيث تمكن كل المشاركين الكرادلة الناخبين وغير الناخبين من عرض صورة الكاثوليكية في بلدانهم، والتحديات التي تنتظرهم، وآفاق المستقبل.

 

وبما أن الكنيسة، التي تسير على خطى ربها، متجسدة بعمق في تاريخ الرجال والنساء في كل العصور والأزمان، فإن البابا الجديد يدرك بصورة تامة مشاكل عالم اليوم، كما أظهر من كلماته الأولى في شرفة القديس بطرس، مشيرا على الفور إلى السلام "الأعزل".