موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
لمناسبة اللقاء الذي عُقد في هيروشيما يومي 9 و10 تموز، وموضوعه "أخلاقيات الذكاء الاصطناعي من أجل السلام"، والذي يتضمن توقيع قادة دينيين على "نداء روما من أجل أخلاقيات الذكاء الاصطناعي"، وجه البابا فرنسيس رسالة إلى المشاركين شدد فيها على أن القرار يجب أن يكون دائمًا للإنسان وأنه لا يمكن السماح لأية آلة بأن تقرر القضاء على حياة كائن بشري.
وأراد قداسته التأكيد على كون الذكاء الاصطناعي والسلام موضوعين يتمتعان بأهمية كبيرة، مذكرًا بتشديده على هذا في كلمته إلى القادة السياسيين لمجموعة السبع خلال القمة الأخيرة التي عُقدت في إيطاليا الشهر الماضي. وقال: إنّ الآلة يمكنها، في بعض الأشكال وبواسطة هذه الوسائل الجديدة، أن تُنتج خيارات خوارزمية، وما تقوم به الآلة هو عبارة عن اختيار تقني من بين احتمالات عديدة ويرتبط اختيارها إما بمعايير محددة جيدا أو باستدلالات إحصائية. أمّا الإنسان، فهو لا يختار فقط بل هو قادر في قلبه على اتخاذ القرار. والقرار وهو أمر يمكننا اعتباره أكثر استراتيجية من الاختيار، ويتطلب منا تقييما عمليا.
وأشار من جهة ثانية إلى أننا أحيانًا، وغالبًا في مهمة الحكم الصعبة، نكون مدعوين إلى أن نتخذ قرارات تترتب عليها تبعات على أشخاص كثيرين. وذكر بأنّ التأمل الإنساني منذ القدم وخلال تطرقه إلى مثل هذه المواضيع يتحدث عن حكمة الفلسفة اليونانيّة (phronesis)، وأيضًا ولو جزئيًا عن حكمة الكتاب المقدّس. وأمام قدرات الآلات التي تبدو أنها قادرة على الاختيار بشكل مستقل، يجب أن يكون واضحًا لنا أن القرار يجب أن يبقى دائما للإنسان، حتى في الظروف المأسوية والعاجلة التي ترافق ضرورة اتخاذ القرارات في حياتنا في بعض الأحيان. إن سلبنا الأشخاص قدرتهم على اتخاذ القرار بشأن أنفسهم وبشأن حياتهم، فإننا سنحكم على البشرية بمستقبل بلا رجاء فيه حاكمين عليهم بأن يكونوا خاضعين لاختيارات الآلات. وشدد قداسته بالتالي على ضرورة أن نضمن ونحمي فسحة كبيرة لرقابة الإنسان على عملية اختيار برامج الذّكاء الاصطناعيّ فالكرامة الإنسانيّة نفسها مرهونة بذلك.
وأكد أن انعقاد اللقاء حول الذكاء الاصطناعي والسلام في مدينة هيروشيما له أهمية رمزية كبيرة. فوسط النزاعات الحالية التي تضرب العالم نسمع كثيرًا مع الأسف، وإلى جانب كراهية الحرب، الحديث عن هذه التقنية، ومن الضروري أن نُذكِّر العالم متحدين كأخوة بأنه في مأساة مثل مأساة الصراعات المسلحة من المُلح أن نعيد التفكير في تطوير واستخدام أجهزة مثل تلك التي تُسمى الأسلحة القاتلة المستقلة لكي نحظر استخدامها، وذلك بدءً بالتزام فعلي وملموس من أجل فرض سيطرة بشرية بشكل أكبر دائمًا. لا يجوز على الإطلاق أن يُترك لأية آلة قرار القضاء على حياة إنسان.
وتحدّث عن أهمية إشراك الثراء الثقافي للشعوب والأديان في التعامل مع الذكاء الاصطناعي، واصفًا هذا بأمر استراتيجي لنجاح عملكم من أجل إدارة حكيمة للمستجدات التكنولوجية. ثم ختم قداسته راجيًا أن يحمل اللقاء ثمار أخوّة وتعاون كي يكون كلٌّ منا أداة سلام للعالم.