موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
في لحظات الفرح كما في لحظات الحزن وعند التجربة وعندما يقترب الموت أيضًا نردّد على مثال أيوب: "إِنّي لَعالِمٌ بِأَنَّ فادِيَّ حَيٌّ، وَسَيَقومُ آخِرًا عَلى التُّراب". هذا هو الرجاء المسيحي، عطيّة وحده الرب قادر على منحنا إياها إن طلبناها منه. واليوم إذ نفكّر في العديد من إخوتنا وأخواتنا الذين رحلوا، سيساعدنا أن ننظر إلى المقابر ومن ثمّ إلى السماء مردّدين كلمات أيوب.
هذا هو جوهر العظة التي ألقاها قداسة البابا فرنسيس مترئسًا القداس الإلهي عصر الاثنين بمناسبة تذكار الموتى المؤمنين في كنيسة معهد الـ"Teutonico" الحبري في الفاتيكان قبل أن يتوجّه للصلاة أمام مقابر الفاتيكان وبعدها أمام مقابر البابوات المتوفَّين.
استهل البابا عظته انطلاقًا من القراءة الأولى التي تقدمها الليتورجية من سفر أيوب الذي واذ كان المرض قد أنهكه وكان مشرفًا على الموت، كان لديه اليقين ليقول: "إِنّي لَعالِمٌ بِأَنَّ فادِيَّ حَيٌّ، وَسَيَقومُ آخِرًا عَلى التُّراب". ويشرح البابا فرنسيس لقد كان أيوب مُحبطًا في تلك اللحظة ولكن كان هناك عناق من النور والدفء يطمئنه "إِنّي لَعالِمٌ بِأَنَّ فادِيَّ حَيٌّ... أَنا أُعايِنُهُ بِنَفسي، وَعَينايَ تَرَيانَهُ لا غَيري".
أضاف: هذه الثقة وهذا اليقين في نهاية الحياة هما الرجاء المسيحي. رجاء هو عطيّة: نحن لا نملكها ولكن علينا أن نطلبها: "يا رب أعطني الرجاء". هناك الكثير من الأشياء السيئة "التي تقودنا إلى اليأس، وإلى الاعتقاد بأن كل شيء سيكون هزيمة نهائية، وأنه لا يوجد شيء بعد الموت. لكن صدى صوت أيوب يعود إلينا. لقد قال لنا القديس بولس أن الرجاء لا يخيِّب. إنَّ الرجاء يجذبنا ويعطي معنى للحياة. أنا لا أرى الحياة الأبدية. لكن الرجاء هو عطية الله التي تجذبنا نحو الحياة ونحو الفرح الأبدي. الرجاء هو المرساة التي نملكها على الجانب الآخر: ونحن، إذ نتشبَّثُ بالحبل، ندعم بعضنا البعض. ولذلك يمكننا أن نقول مع أيوب في لحظات الفرح كما في لحظات الحزن: "إِنّي لَعالِمٌ بِأَنَّ فادِيَّ حَيٌّ... أَنا أُعايِنُهُ بِنَفسي".
تابع: الرجاء هو عطية مجانية لا نستحقها أبدًا: تُعطى وتوهب لنا. إنه نعمة. وفي النص الذي سمعناه من إنجيل يوحنا، يؤكد يسوع أنَّ هذا الرجاء الذي لا يخيب:" جَميعُ الَّذينَ يُعطيني الآبُ إِيَّاهُم يُقبِلونَ إِليَّ". هذا هو هدف الرجاء: الذهاب إلى يسوع. "ومَن أَقَبَلَ إِليَّ لا أُلقيهِ في الخارج". وختم البابا فرنسيس عظته بالقول الرب هو الذي يستقبلنا هناك حيث توجد المرساة. والحياة في الرجاء هي أن نعيش على هذا النحو: أن نمسك الحبل بيدنا بإحكام، عالمين بأن المرساة موجودة هناك، ولا تخيِّب. واليوم إذ نفكر في العديد من الإخوة والأخوات الذين تركونا سيساعدنا أن ننظر إلى المقابر ومن ثمّ إلى السماء مردّدين كلمات أيوب: "إِنّي لَعالِمٌ بِأَنَّ فادِيَّ حَيٌّ... أَنا أُعايِنُهُ بِنَفسي، وَعَينايَ تَرَيانَهُ لا غَيري". وهذه هي القوّة التي تعطينا الرجاء، تلك العطيّة المجانيّة التي هي فضيلة الرجاء. ليمنحنا الرب جميعًا هذه العطيّة.