موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
بدأت معركة التجديد لولاية وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، والمقرر التصويت لها خلال اجتماع أممي حاسم الشهر المقبل، وذلك بفرض الضغوط الكثيفة على الوكالة من زاوية سوء الإدارة، وبتعليق كل من سويسرا وهولندا مساعداتهما المالية لميزانيتها، والمقدرة مجتمعة بنحو 36.782 مليون دولار، ما يشكل “عقاباً ثنائياً للاجئين الفلسطينيين”، وفق مسؤولين.
ولا تزال تداعيات التحقيق الداخلي الأممي الذي تجريه “الأونروا” مع مسؤولين كبار حول مزاعم قضايا سوء الإدارة واستغلال السلطة لمنافع شخصية، مستمرة، وذلك قبيل شهر تقريباً على انعقاد الدورة 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة، في نيويورك في شهر أيلول (سبتمبر) المقبل، للتصويت حول تجديد ولاية الوكالة.
وترى مصادر مطلعة في “الأونروا”، لـ”الغد”، أن “توقيت إجراء التحقيق الأممي، والكشف عن تقرير لجنة الأخلاقيات في منظمة الأمم المتحدة، حول مزاعم تورط كبار المسؤولين في الوكالة بممارسات استغلال السلطة، ليست بريئة”.
وقالت نفس المصادر إن “ذلك يأتي ضمن مخطط إنهاء عمل “الأونروا”، التي تقدم الخدمات، التعليمية والصحية والإغاثة الاجتماعية، لأكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني، منهم زهاء مليوني لاجئ في الأردن، وتمثل الشاهد الأبرز على النكبة الفلسطينية عام 1948”.
ونوهت إلى أن “الأونروا تتعرض منذ فترة إلى ضغوط خارجية، لاسيما أميركية وإسرائيلية، للدفع تجاه إقناع المجتمع الدولي بإنهاء عملها، وتسويق مزاعم وجود الفساد داخل أروقتها”، فيما أوقفت الولايات المتحدة تمويلها بالكامل لميزانية الوكالة والبالغة نحو 360 مليون دولار سنوياً.
واعتبرت أن “تعليق كل من سويسرا وهولندا مساعداتهما “للأونروا” قد لايؤثر بشكل دراماتيكي على الخدمات التي تقدمها الوكالة للاجئين الفلسطينيين، ولكنه بالتأكيد سيلقي بظلاله السلبية على سمعة الوكالة ومسار عملها”.
وقد خطت هولندا، أمس، نفس قرار سويسرا، عند إعلان وزيرة التجارة الخارجية والتعاون الإنمائي، سيخريد كاخ، أن بلادها “أوقفت المساهمة السنوية التي تدفعها لدعم “الأونروا” البالغة حوالي 14.439 مليون دولار، (13 مليون يورو)، بسبب تقارير تتهم مسؤولين في الوكالة بالفساد وسوء السلوك”.
وأصدرت الوزيرة الهولندية هذا القرار، عقب تلك التقارير، حيث قالت كاخ، وفق ما أوردته الأنباء، “لقد عبرنا عن قلقنا الكبير وطلبنا توضيحات حول ذلك، ونحن نتشاور أيضاً مع المانحين الآخرين.”
يأتي ذلك بعد قرار سويسرا، أول من أمس، تعليق مساعداتها المقدمة لدعم “الأونروا” مؤقتاً، بعدما دفعت المساهمة السنوية البالغة 22.289 مليون دولار، (20.2 مليون يورو)، لكنها لن تضيف أي مساهمات أخرى لحين انتهاء التحقيق.
من جهته، قال المتحدث باسم وكالة “الأونروا”، سامي مشعشع، إن “ضغوطات خارجية تمارس على الوكالة وسط محاولات للتشكيك بدورها.”
وأوضح مشعشع، في تصريح له، أن “مكتب خدمات الرقابة الداخلية التابع للأمم المتحدة في نيويورك كان أبلغ الوكالة في بداية العام الجاري بأن هناك تحقيقًا سيتم عمله بناء على اتهامات، وهذا التحقيق ما زال جارياً ولم ينته ولم تصدر عنه أي نتائج”.
وأضاف أن “الوكالة تعاملت بالكامل مع التحقيق وحال صدور نتائجه سيجري التعامل معها”، مؤكداً أن “الهم الأساسي للأونروا ينصب حالياً على ضمان بدء العام الدراسي في وقته، وتجديد ولاية “الأونروا” في الأمم المتحدة في اجتماع الأمم المتحدة في أيلول (سبتمبر) الحالي لكي تواصل عملها في خدمة اللاجئين الفلسطينيين”.
وأشار مشعشع إلى أنَ “الدعم الكبير الذي حصلت عليه “الأونروا” في العام (2018) ومكَنها من تعويض الفاقد الأميركي والتبرعات التي حصلت الوكالة عليها خلال العام الجاري، هي رسالة قوية للمشككين بأنَ هناك ثقة كبيرة بالدول المتبرعة والدول المضيفة للوكالة”.
دعم دولي لوجود “الأونروا”
ويعد دعم “الأونروا” وتأكيد أهمية وجودها واستمرار عملها السمة الغالبة على الموقف الدولي؛ وهو الأمر الذي أكد عليه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بأنه “لا يزال يؤمن بأنَ عمل “الوكالة يشكِل أهمية جوهرية”.
وقال نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، خلال مؤتمر صحفي عقده في المقر الدائم للمنظمة الدولية بنيويورك، إنَ “مكتب الرقابة الداخلية يحقِق في الوقت الحالي في هذه الأمور وأنَه غير مخول بالحديث عن تحقيق لم ينته بعد”.
وأكد أن “الأمين العام يواصل إيمانه بأنَ عمل ا”لأونروا” يشكل أهمية جوهرية بالنسبة للفلسطينيين”، لافتاً إلى أن “الأمين العام سيقوم باتخاذ إجراءات بأسرع ما يمكن وذلك بعد أن يتسلم التقرير كاملاً”.
على صعيد متصل، دعت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، حكومتي سويسرا وهولندا إلى التراجع عن قرارهما وقف تمويل “الأونروا” بدعوى التحقيق في قضايا فساد متهمة بها بعض الدوائر في الوكالة الدولية.
وقالت الجبهة إن “قرار المقاطعة يأتي في وقت تدعو فيه الولايات المتحدة إلى وقف تمويل “الأونروا” وحلها ونقل خدماتها إلى الدول المضيفة، ما يلقي على قرار حكومتي سويسرا وهولندا ظلالا من الشك لا يمكن إزاحتها إلا بالعودة إلى تحمل مسؤولياتهما السياسية والقانونية والأخلاقية أمام ملايين اللاجئين الفلسطينيين والالتزام بتمويل الوكالة عملا بقرارات الأمم المتحدة إلى أن تتوفر الظروف السياسية لعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم عملا بالقرار 194″.
وأضافت أن “الفساد حيثما وجد له أساليب أخرى لمعالجته عبر آليات وإجراءات قانونية بإشراف الأمانة العامة للأمم المتحدة دون اللجوء إلى معاقبة الشعب الفلسطيني بحرمانه من خدمات الوكالة في توقف تمويلها”.
ونوهت إلى أن “اللجنة التي شكلها الأمين العام للأمم المتحدة مازالت تمارس عملها ما يجعل من قرار حكومتي سويسرا وهولندا خطوة استباقية خطيرة”.
ودعت الجبهة “المجتمع الدولي للوفاء بتعهداته نحو وكالة الغوث ونحو اللاجئين الفلسطينيين الذين يعانون صعوبات العيش في ظل أوضاع اجتماعية يدرك الجميع حقيقتها المرة”.