موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
عدل وسلام
نشر الأربعاء، ٣ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٥
الأساقفة الكاثوليك في نيجيريا: لا يمكن تحقيق سلام دائم بالصمت أو التأخير

أبونا :

 

في بيانهم الصادر في 25 تشرين الثاني بعنوان «السلام في نيجيريا: الانتقال من الهشاشة إلى الاستقرار»، عبّر أساقفة نيجيريا عن قلق بالغ إزاء موجات العنف المستمرة التي حصدت الأرواح ودمّرت المنازل وشرّدت العائلات، خصوصًا في مناطق الشمال والحزام الأوسط من البلاد.

 

وقالوا في بيانهم: «إن الوضع الأمني المتردّي في بلدنا نيجيريا والخطاب المستمرّ الذي يؤجّج هشاشتها الاجتماعية والدينية، يثيران القلق الشديد… ومع استمرار المجموعات الإجرامية في شنّ هجمات على مواطنين عُزّل، فإنّنا ندين بشّدة هذه الفظائع التي جلبت معاناة لا تُوصف للعديد من المجتمعات».

 

وأشار الأساقفة إلى أن الهجمات طالت بشكل خاص المناطق ذات الغالبية المسيحية «يدعو للقلق العميق أن العديد من المجتمعات المسيحية، خصوصًا في الشمال والحزام الأوسط، تتعرّض لهجمات متكررة ووحشية أسفرت عن خسائر فادحة في الأرواح وخسائر مأساوية للعديد من المسيحيين».

 

 

دعوة للحكومة النيجيرية للتحرّك

 

شدد مجلس الأساقفة الكاثوليك في نيجيريا على أن السلطات الفدرالية والإقليمية مطالبة بواجبها الدستوري في حماية الحياة ومحاسبة المسؤولين عن العنف. وجاء في البيان: «تتحمّل الحكومة مسؤولية ووسيلة وضع حدّ لهذا العنف، ولا يجوز أن يستمر الإفلات من العقاب... السلام الدائم لا يتحقق بالصمت أو التأخير، بل يتطلب عدالة وشجاعة والتزامًا راسخًا بقدسية الحياة البشرية».

 

في الأشهر الأخيرة، قلّلت السرديات الإعلامية والنقاشات الدولية من خطورة ما يجري في نيجيريا أو زادت من الاستقطاب، محولةً مأساة إنسانية وطنية إلى تفسيرات متضاربة بدلاً من التركيز على معاناة الضحايا. ورد الأساقفة على هذا النقاش بالحث على الوضوح والتوازن في وصف الأزمة.

 

وقالوا: «لقد أدّت هذه الظروف القاسية والممتدّة إلى ظهور مزاعم بارتكاب ’إبادة جماعية‘ في بعض الأوساط. ومع ذلك، وإدراكًا من للكرامة المقدّسة والقيمة التي لا تُقدّر بثمن لكل حياة بشرية، فإنّنا نشعر بقلق بالغ أيضًا لأن المسلمين وغيرهم من المواطنين الأبرياء من خلفيات عرقية متنوعة كانوا أيضًا ضحايا لهذه الوحشية التي تنتهك إنسانيتنا المشتركة».

 

 

أحداث دامية تكشف عمق الأزمة

 

وتُظهر المآسي الأخيرة حجم الأزمة: اختطاف 265 طالبًا ومعلّمًا في بابيري (ولاية النيجر)، وخطف 25 فتاة في كيبي و13 مزارعة في بورنو، إضافة إلى مقتل أكثر من 70 شخصًا في جنوب تارابا وتشريد الآلاف هناك، فضلًا عن اغتيال العميد موسى أوبا وعدد من رجال الأمن.

 

وطالب مجلس الأساقفة الكاثوليك في البلاد الحكومة النيجيرية إلى الوفاة بواجبها الدستوري في حماية أرواح وممتلكات المواطنين، والتحقيق في تقارير حول تأخر الاستجابة الأمنية، وضمان العودة الآمنة للمختطفين والأسر النازحة.

 

 

التمييز ضد المسيحيين

 

وأبدى الأساقفة قلقًا من الانتهاكات المستمرة لحقوق الأقليات المسيحية في بعض الولايات الشمالية: «إنّ حرمان المسيحيين من الأراضي المخصّصة لبناء الكنائس، وخاصة داخل المؤسسات الفيدرالية، وتدمير أماكن العبادة المسيحية، وخاصة خلال ذروة تمرّد جماعة بوكو حرام، أمور تتطلّب تدخلاً حكوميًّا عاجلاً وحاسمًا. ويُثير تجاوز المحاكم الشرعيّة في بعض الولايات مخاوف دستوريّة خطيرة، إذ يهدّد الطابع العلماني لنيجيريا وينتهك حقوق الأقليات المسيحية».

 

كما استذكر الأساقفة قضية ديبورا صموئيل ياكوبو التي قُتلت عام 2022 في سوكوتو، مجدّدين المطالبة بتحقيق العدالة. وأشاروا إلى أنّ جماعات تطبيق الشريعة الإسلامية، مثل "الحسبة"، قد ضايقت المسيحيين والمسلمين على حدّ سواء. وقالوا: «نطالب مجدّدًا بالعدالة لها، لأنّ الإفلات من العقاب في مثل هذه الحالات يُقوّض سيادة القانون ويُعرّض حقوق جميع المواطنين للخطر».

 

 

دعوة إلى الوحدة

 

وحذّر الأساقفة الكاثوليك في البلاد من انجرار النيجيريين إلى سباق تنافس حول حجم المعاناة، مؤكدين أن اللحظة تتطلّب تضامنًا وطنيًا شاملًا. واختُتم البيان بالقول: «بدلاً من الدخول في نقاشات تقسّمنا حول من تكبّد خسائر أكثر، علينا أن نتحدّ للدفاع عن قدسية كل حياة بشرية وحماية الضعفاء… السلام ليس مسؤولية فئة معيّنة، بل هو واجب الجميع».