موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
"لقد وجد طريق دمشق" هذه العبارة الجميلة جدًا، والتي ما زالت تستعمل إلى اليوم في أوروبا، وفي فرنسا تحديدًا، تلخّص ليس فقط هذه الأيقونة، بل دعوة كلّ واحد منّا. هي تستعمل اليوم للدلالة على إنسان رجع عن خطئه وعاد إلى رشده، أي اصطلح.
وهي تعني بالأصل أنّ الشخص وجد طريق الربّ يسوع المسيح، أي وجد الطريق المستقيم.
إنّ أيقونة معموديّة القدّيس بولس الرسول على يد التلميذ حنانيا هي أيقونة حلبيّة طولها 37 سم وعرضها 29 سم. كاتب الأيقونة الكاهن يوحنا ابن الكاهن عبد المسيح. تعود هذه الأيقونة للعام 1715. هي من مجموعة خاصة في برلين ألمانيا.
موضوع الأيقونة
يدور موضوع هذه الأيقونة الحلبيّة حول هذا الحدث الإنجيليّ. وهو يُصوَّر بطريقة خاصة، لا بل نادرة.
نقرأ في أعمال الرسل الذي كتبه لوقا الإنجيليّ ما يلي:
"وَكَانَ فِي دِمَشْقَ تِلْمِيذٌ اسْمُهُ حَنَانِيَّا، فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ فِي رُؤْيَا: «يَا حَنَانِيَّا!». فَقَالَ: «هأَنَذَا يَا رَبُّ». فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «قُمْ وَاذْهَبْ إِلَى الزُّقَاقِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمُسْتَقِيمُ، وَاطْلُبْ فِي بَيْتِ يَهُوذَا رَجُلًا طَرْسُوسِيًّا اسْمُهُ شَاوُلُ. لأَنَّهُ هُوَذَا يُصَلِّي، وَقَدْ رَأَى فِي رُؤْيَا رَجُلًا اسْمُهُ حَنَانِيَّا دَاخِلًا وَوَاضِعًا يَدَهُ عَلَيْهِ لِكَيْ يُبْصِرَ».
فَأَجَابَ حَنَانِيَّا: «يَا رَبُّ، قَدْ سَمِعْتُ مِنْ كَثِيرِينَ عَنْ هذَا الرَّجُلِ، كَمْ مِنَ الشُّرُورِ فَعَلَ بِقِدِّيسِيكَ فِي أُورُشَلِيمَ. وَههُنَا لَهُ سُلْطَانٌ مِنْ قِبَلِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ أَنْ يُوثِقَ جَمِيعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ بِاسْمِكَ». فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «اذْهَبْ! لأَنَّ هذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ لِيَحْمِلَ اسْمِي أَمَامَ أُمَمٍ وَمُلُوكٍ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ. لأَنِّي سَأُرِيهِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي».
فَمَضَى حَنَانِيَّا وَدَخَلَ الْبَيْتَ وَوَضَعَ عَلَيْهِ يَدَيْهِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الأَخُ شَاوُلُ، قَدْ أَرْسَلَنِي الرَّبُّ يَسُوعُ الَّذِي ظَهَرَ لَكَ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جِئْتَ فِيهِ، لِكَيْ تُبْصِرَ وَتَمْتَلِئَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ». فَلِلْوَقْتِ وَقَعَ مِنْ عَيْنَيْهِ شَيْءٌ كَأَنَّهُ قُشُورٌ، فَأَبْصَرَ فِي الْحَالِ، وَقَامَ وَاعْتَمَدَ. وَتَنَاوَلَ طَعَامًا فَتَقَوَّى. وَكَانَ شَاوُلُ مَعَ التَّلاَمِيذِ الَّذِينَ فِي دِمَشْقَ أَيَّامًا." (أع 10: 9-19).
العماد والتوبة
نرى حنانيا يعمّد بولس بسكب الماء. حنانيا واقف وبولس ساجد، بخلاف العادة أن نشاهد المعمَّد في وضعية الوقوف، إشارة إلى قيامة المسيح. وهذا ما نقرأه في الرسالة إلى أهل رومية: "أَمْ تَجْهَلُونَ كُلَّ مَنِ اعْتَمَدَ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ اعْتَمَدْنَا لِمَوْتِهِ، فَدُفِنَّا مَعَهُ بِالْمَعْمُودِيَّةِ لِلْمَوْتِ، حَتَّى كَمَا أُقِيمَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ، بِمَجْدِ الآبِ، هكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضًا فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ؟" (رو 6: 3-4).
سجود بولس الرسول هنا يشير إلى توبته وبداية حياة جديدة بالمسيح.
اللباس في الأيقونة
نشاهد حنانيا في أبهى حلّته الكهنوتيّة، إذ يظهره كاتب الأيقونة وهو يرتدي لباس الأسقف الكامل. وهذا يظهر دور الرسول حنانيا ومكانته في الكنيسة. بينما بولس يرتدي لباسًا عسكريًّا، وهذا يترجم ماذا كان ينوي فعله قبل أن يصطاده الرّب على طريق دمشق. إذ كان أتيًا على رأس مجموعة عسكريّة لاعتقال المسيحيين كما كان يفعل في أورشليم. "حَدَثَ أَنَّهُ اقْتَرَبَ إِلَى دِمَشْقَ فَبَغْتَةً أَبْرَقَ حَوْلَهُ نُورٌ مِنَ السَّمَاءِ، فَسَقَطَ عَلَى الأَرْضِ وَسَمِعَ صَوْتًا قَائِلًا لَهُ: «شَاوُلُ، شَاوُلُ! لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟» فَقَالَ: «مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟» فَقَالَ الرَّبُّ: «أَنَا يَسُوعُ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ. صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ مَنَاخِسَ». (أعمال 3:9-5).
الهالة
نلاحظ عدم وجود هالة حول رأس بولس مثل حنانيا، وهذا مفاده أن بولس لم يتقدّس بعد، فهو في بداية طريقه. وكان بعدُ شاول.
المبنى
نشاهد في خلفيّة الأيقونة وخلف بولس تحديدًا مبنى على رأسه قبّة يعلوها صليب، وهذا يرمز إلى الكنيسة. فالمعمّد يعتمد على اسم الثالوث القدّوس ويُمسح بالميرون ويتناول القدسات ويصبح عضوًا في الكنيسة هدفه القداسة.
انتماء الأيقونة
تنتمي هذه الأيقونة إلى المدرسة الحلبيّة، وهذا ظاهر في طريقة التصوير والألوان والخطوط والزخرفة، بالأخص في إطار الأيقونة المذهّب على خلفيّة سوداء. كذلك الزخرفة الموجودة في الهالة خلف رأس حنانيا.
الكتابة في أعلى الأيقونة
نقرأ في أعلى الأيقونة باللغة اليونانيّة القدّيس حنانيا يعمّد بولس.
الكتابة في الإطار في أسفل الأيقونة
يوجد في إطار الأيقونة في القسم السفلي جملة باللغة العربيّة مفادها: هذه الأيقونة المكرّمة برسم القس يوحنا ابن المرحوم القس عبد المسيح، ليجعلها الرب مباركة، وكان ذلك في العام 1715م للتجسّد.
خلاصة: أعطنا يا رب أن نولد معك من جديد