موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
ولد القديس أوغسطينوس يوم 13 تشرين الأول عام 534 في مدينة روما.
قبل أن ينتخب القديس غريغوريوس الكبير أسقفًا لكرسي القديس بطرس، كان قد عزم أن ينطلق إلى أقوام انجلترا الذين كانوا وثنيين لكي يضيء لهم بنور الانجيل ويهديهم إلى الإيمان بالمسيح. ولكن أهل روما لم يتركوه أن يفارقهم. فلما انتخب حبرًا أعظمًا باشر هذا العمل السامي. فاختار راهبًا من دير القديس اندراوس في روما، اسمه أوغسطينوس، وعمد أن يرسله مع رهبان آخرين إلى بلاد الانجليز ليبشرهم بالإنجيل.
كان هؤلاء الرهبان فرحين بالرجاء، الذي كان لهم في هداية أمة جديدة إلي يسوع المسيح وبنوال اكليل الاستشهاد. وبعدما سار هؤلاء المرسلون مدة أيام ضعفت شجاعتهم فعيوا الأمر وأرادوا أن يرجعوا. فأرسلوا أمامهم أوغسطينوس إلى البابا غريغوريوس ليطلب الأذن لهم بالرجوع. أما البابا فلم يرد أن يسمح لهم بالرجوع، فكتب لهم رسالة وبعثها مع رئيسهم أوغسطينوس، يحثهم على إتباع رسالتهم ويشجعهم بقوة العناية الإلهية على مقاومة جميع الموانع التي كانوا يخافونها.
فلما قرأ الرهبان المرسلون تلك الرسالة أخذوا بالحزم وواصلوا سفرهم بشجاعة. فأوصلهم الله سالمين إلى جزيرة ثانت الواقعة في شرقي بلاد كنت، وكان ذلك سنة 596 وكان عددهم أربعين رجلاً مع المترجمين الذين أخذوهم معهم من فرنسا. ولما وصلوا أرسل أوغسطينوس يقول لآثلبرت، ملك بلاد كنت: اننا جئنا من مدينة روما جالبين إليك بشارة سعيدة من قبل الله بمملكة أبدية. فبعث الملك خبرًا إلى المرسلين أن يمكثوا في تلك الجزيرة، وأمر أن يقدم لهم كل لوازم المعيشة إلى أن يأتي بنفسه إليهم. وبعد أيام جاء الملك إلى جزيرة ثانت وطلب أن يرى المرسلين. فاجتمع هؤلاء الرهبان وأتوا إلى الملك حاملين الصليب ويرتلوا ترانيم دينية. ولما مثلوا أمام الملك وعظوه بكلمة الانجيل فسمع لهم بإصغاء وسمح لهم أن يكرزوا بين رعيته، وعين لهم راتبًا لقيام حياتهم الجسدية.
شرعوا حينئذ بالوعظ بإنجيل المسيح وكانوا منعكفين على الصوم والصلاة والسهر وسائر أعمال التقشف وكانوا يجتمعون في كنيسة كان البريطانيون قد بنوها على اسم القديس مرتينس وكانت قد تركت. وهناك صاروا يقربون الذبيحة الإلهية ويخدمون الاسرار ويبشرون بكلمة الله. فنجحت رسالتهم واهتدى الملك آثلبرت وعدد كبير من أهل مملكته إلى الإيمان، واعتمد عشرة آلاف نفس في نهر التايمز.
ولما رأى أوغسطينوس تلك المبادئ الناجحة انطلق إلى فرنسا ورسم هناك أسقفًا.
رجع إلى بريطانيا وثبت كرسي أسقفيته في مدينة كانتربري، فأصبح القديس أوغسطينوس أول أسقف لمدينة كانتربري. أرسل اثنان من رفاقه إلى مدينة روما يخبران البابا غريغوريوس بنجاح رسالتهم ويطلبان منه فعلة آخرين لأن الحصاد كان كثيرًا والفعلة قليلين لا يكفون للرسالة. فلما سمع البابا ذلك أرسل رجالاً غيورين للتبشير مع أوغسطينوس ورفاقه. وبعث معهم كل ما كان لازمًا لخدمة الكنائس ولخدمة الأسرار كالأواني المقدسة والثياب الكهنوتية. وأمرهم الا يدكوا هياكل الأوثان بل أن يطهروها بالماء المبارك ويجعلوها كنائس.
كتب البابا غريغوريوس رسالة إلى القديس أوغسطينوس يهنئه هو ورفاقه على النجاح العظيم، وسمح له أن يرسم اثني عشر أسقفًا ويكون هو مطرانًا رئيسًا عليهم. وعمل هذا القديس معجزات مختلفة من ذلك أنه رد البصر لأعمى أمام الناس. قضى حياته في هذه الأعمال الرسولية إلى أن رقد بالرب يوم 26 أيار 604. ودفن في كانتربري، في الدير المخصص للقديسين بطرس وبولس والذي سمي اليوم باسم القديس أوغسطينوس.
فلتكن صلاته وشفاعته معنا دائما