موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الخميس، ٢٩ ابريل / نيسان ٢٠٢١
نحو طريق القداسة: أعجوبتا الطوباويّ شارل دو فوكو

ليال حزبون، مكتب إعلام البطريركية اللاتينية :

 

سوف يترأس الحبر الأعظم البابا فرنسيس، يوم الاثنين 3 أيار 2021، كونسيستوارًا عاديًا عامًا في الفاتيكان، لإعلان قداسة سبعة طوباويّين من بينهم شارل دو فوكو، وهو الكاهن الفرنسي الذي قُتِل في الجزائر عام 1916، بعد إقرار الفاتيكان بأعجوبة ثانية نُسِبت إلى شفاعته.

 

 

أعجوبة جيوفانا تشيتيري بوليتشي

 

جرت الأعجوبة الأولى التي أدّت إلى إعلان شارل دو فوكو طوباويًا عام 2005، بعد أن شُفِيت إمرأة إيطالية من مدينة ميلانو تُدعى جيوفانا تشيتيري بوليتشي، من مرض سرطان العظام عام 1984 بشفاعة الطوباويّ شارل. فقد كان زوجها جيوفاني بوليتشي قد دعا أختَيه الراهبتَين إلى الصلاة من أجل زوجته، طالبين شفاعة ناسك مدينة تامنراست الجزائرية (وهي المدينة التي قُتِل فيها الطوباويّ شارل).

 

ولم يدرك جيوفاني أن معجزةً هي التي شفت زوجته إلا في نهاية عام 2000. نتيجة لذلك، بدأ التحقيق الأبرشيّ في ميلانو في خريف عام 2002. وبعد دراسة معمّقة، أقرّت اللجنة الطبيّة بالمعجزة عام 2004، لتتبعها بذلك اللجنة اللاهوتية التي كانت تُعنى بملفّ الأعجوبة.

 

 

أعجوبة الفتى النجّار شارل

 

وقّع البابا فرنسيس في 26 آذار 2020، مرسومًا يعلن فيه عن معجزةٍ ثانية نُسِبت إلى شفاعة الطوباويّ شارل دو فوكو، ممهّدًا بذلك الطريق نحو إعلانه قدّيسًا.

 

ففي 30 تشرين الثاني 2016، والذي صادف مساء الذكرى المئوية لوفاة الأب شارل، وبينما كان فتى يبلغ من العمر الواحدة والعشرين عامًا يدعى شارل، يساعد في عمليات ترميم كنيسة مدرسة القديس لويس في مدينة سومور الفرنسية، وقع الفتى من مسافة 15 مترًا ليهبط فوق مقعد خشبي اخترق مسند ذراعه جانب الفتى الأيسر. فحص الفتى سبعةُ أطبّاء أقرّوا بالإجماع بأن الوقوع من مسافة كهذه، فضلًا عن التعرض للطعن، يؤدّيان عامّةً إلى انفجار أعضاء الجسم. إلا أن الفتى كان قد نهض طالبًا المساعدة. وبعد وقوع الحادثة، أقام المئات من أبناء رعية مدينة سومور، صلاةً يطلبون من خلالها شفاعة الطوباويّ شارل دو فوكو كي ينقذ الفتى المريض.

 

مكث الفتى شارل في المستشفى مدّة ستة أيام، ليعود إلى عمله كالسابق بعد مرور شهرين، دون الشعور بأية أعراض جانبية جسدية كانت أو نفسية. وقد خلُص الأطباء إلى عجز العلم عن تفسير الحادثة.

 

 

حياة شارل دو فوكو

 

وُلد شارل دو فوكو في ستراسبورغ في فرنسا في 15 أيلول 1858 لعائلة أرستقراطية، والتحق بالمدرسة العسكرية عند بلوغه سن 18، قبل انضمامه إلى مدرسة الفرسان في سومور في عام 1878. زار الطوباوي المغرب ومكث فيها مدة عام والتقى بالعديد من المؤمنين، الأمر الذي دعاه لاكتشاف وجود الله في حياة الناس. لدى عودته من المغرب، التقى كاهنًا يُدعى الأب أوفلن في كنيسة القديس أوغسطين في باريس عام 1886 حيث تغيرت حياته كليًا وقرّر ترك كل شيء من أجل الله.

 

رُسم كاهنًا عام 1901 في فرنسا، وقرّر أن يعيش حياة نسكية في صحراء الجزائر بين القبائل، فكان كواحدٍ منها وتعلم لغتها وتقاليدها وثقافتها، وشرع في تأليف قاموس للمفردات والقواعد. استشهد شارل عام 1916، وفي تشرين الأول 2005 أعلنه البابا بندكتس السادس عشر طوباويًا.

 

أما عن حياته الروحية، فكان يقضي ساعات طويلة أمام القربان المقدّس، وكان شخصًا قريبًا لكل من كان يقرع بابه. وهكذا عاش شارل حياة تجمع بين الصلاة والاتحاد مع الله، ومشاركة الناس، لاسيمّا الفقراء والمهمشين، على غرار حياة يسوع في مدينة الناصرة.

 

عاش شارل دي فوكو في مدينة الناصرة، حيث أراد أن يختبر جزءًا من حياة السيد المسيح المتواضعة، فأخذ حياة البساطة والزهد نهجاً له، فكان مثالاً يحتذى به في الفقر والصمت والعمل، حيث أمضى وقته في دير الكلاريس في الناصرة وقام بالتناوب بين العمل اليدوي وساعات طويلة من العبادة والتأمل.