موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١٢ سبتمبر / أيلول ٢٠٢١
ملخص زيارة البابا فرنسيس إلى العاصمة المجريّة بودابست

أ. مايكل عادل أمين – المجر :

 

في يوم مشمس واجواء احتفالية وصل قداسة البابا فرانسيس إلى مطار بودابست الدولي يوم الأحد الموافق 12 أيلول 2021 في زيارة رسولية قصيرة استغرقت قرابة الـ6 ساعات، حيث كان في استقباله وفد من الكنسية الكاثوليكية يترأسه رئيس مجلس أساقفة المجر الكاردينال بيتر أردو، وسفير الكرسي الرسولي بالمجر، ومن القيادات المجرية كان في استقبال قداسته نائب رئيس الوزراء السيد جولت شميان، بصحبته وزير الموارد البشرية ووزير الدولة للعلاقات الخارجية بالدولة.
 

لقاءات رسمية

 

وكعادته استقل قداسة البابا فرنسيس سيارة غير مصفحة، وانطلق موكب البابا بعد الاستقبال الرسمي من مطار بودابست الدولي إلى متحف الفنون الجميلة أمام ساحة الأبطال، وهناك تقابل مع السيد رئيس الجمهورية المجري السيد يانوش آدر، ورئيس الوزراء السيد فيكتور أوربان، ونائب رئيس الوزراء السيد جولت شميان، في حديث استمر نصف ساعة تقريبًا.

 

وجاء في بيان لدار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي أن اللقاء قد دار في أجواء ودية وقد حضره أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين، وأمين السر للعلاقات مع الدول المطران بول ريتشارد غالاغير. وأضاف البيان أن من بين المواضيع الكثيرة التي تم التطرق إليها كان هناك دور الكنيسة في المجر، الالتزام من أجل حماية البيئة، والدفاع عن العائلة وتعزيزها. وفي نهاية اللقاء تم تبادل الهدايا التذكارية.

لقاءات دينية

 

عقب هذا اللقاء الرسمي تقابل قداسته مع الأساقفة المجريين، وبعد انتهاء اللقاء تقابل الأب القدس مع رؤساء الأديان المختلفة بالمجر المتمثلين في وفد المجلس المسكوني للكنائس المجرية، ولقد ألقى البابا كلمة قصيرة لهم، حيث شبّه قداسته العلاقة الأخوية بين المجتمعات المسيحية واليهودية بجسر السلاسل Chain Bridge الذي يربط بين ضفتي بودابست. ودعا البابا فرنسيس إلى الوحدة ضد معاداة السامية، مؤكدًا على أن التزام اليهود والمسيحيين أدى إلى هدم جدران الماضي.

 

وقال: إنني "أراكم إخوة في إيمان أبينا إبراهيم. وأقدّر كثيرًا الالتزام الذي أبديتموه في هدم جدران الماضي الفاصلة. يهودًا ومسيحيين، تريدون أن تروا في الآخر لا إنسانًا غريبًا، بل صديقًا، لا خصمًا، بل أخًا. هذا هو التغيير في النظرة الذي يباركه الله، والتوبة التي تفتح البدايات الجديدة، والتطهير الذي يجدد الحياة". وتحدّث عن أن من يتبع الله مدعو إلى أن يترك، حيث يُطلب منا أن نترك سوء فهم الماضي والادعاءات بأننا على صواب، واعتبار الآخرين مخطئين، وذلك "لكي نسير نحو وعده بالسلام، لأنّ الله لديه دائما خطط للسلام، وليس للبلوى".

في ساحة الأبطال

 

ومع نهاية هذه اللقاءات الرسمية، رافق الكاردينال يتر إردو قداسته إلى ساحة الأبطال حيث كان في انتظاره مئات الآلاف من المشاركين في ساحة الأبطال، ولقد تجول البابا فرنسيس بسيارته بين المشاركين، وأوقف السيارة لمباركة بعد الأطفال الذين تواجدوا هناك.

 

وبنهاية جولته بين المؤمنين والاكليروس الحاضرين بدأ القداس الاحتفالي بمناسبة ختام المؤتمر الإفخارستي، ومن الجدير بالذكر قامت أسرة مجرية بالزي التقليدي مع طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة بتقدم قربان القداس الإلهي في لفته لربط البعد الثقافي المحلي والبعد الليتورجي الكنسي.

عظة البابا في القداس

 

وألقى الأب الأقدس عظة إليكم ترجمة نصها بحسب إذاعة الفاتيكان "في قيصريّة فيليبس سأل يسوع التلاميذ: "مَن أَنا في قَولِ النّاس؟". يضع هذا السؤال التلاميذ في مأزق ويشكل نقطة تحول في مسيرتهم في اتباع المعلم. لقد كانوا يعرفون يسوع جيدًا، ولم يعودوا مبتدئين: كانوا قد اعتادوا عليه، وقد شهدوا العديد من المعجزات، وتأثروا بتعليمه، وكانوا يتبعونه أينما ذهب. ومع ذلك، ما كانوا يفكرون مثله. كان تنقصهم تلك الخطوة الحاسمة، من الإعجاب بيسوع إلى الاقتداء بيسوع. واليوم أيضًا، إذ يحدق الرب نظره في كل واحد منا، يسألنا شخصيًا: ولكن من أنا حقًا بالنسبة لك؟. من أنا بالنسبة لك؟ إنه سؤال موجه إلى كل فرد منا، ولا يطلب إجابة دقيقة وحسب، إجابة من التعليم المسيحي، وإنما إجابة شخصية، جواب حياة.

 

تابع: من هذا الجواب يأتي تجدُّد التتلمُذ. ويتم ذلك من خلال ثلاث خطوات قام بها التلاميذ ويمكننا نحن أيضًا أن نقوم بها: إعلان يسوع، التمييز مع يسوع، السير خلف يسوع. إعلان يسوع. على السؤال "وَمَن أَنا، في قَولِكُم أَنتُم؟" أجاب بطرس كممثل عن المجموعة كلها: "أنت المسيح". يقول بطرس كل شيء في بضع كلمات، الجواب صحيح، ولكن من المدهش، أنه بعد هذا الاعتراف، نَهاهُم يسوع أَن يُخبِروا أَحَدًا بِأَمرِهِ. لماذا هذا الحظر الصارم؟ لسبب محدد: إنَّ القول بأن يسوع هو المسيح، هو أمر صحيح ولكنه غير كامل. هناك دائمًا خطر إعلان مسيح كاذب، وفقًا للبشر وليس وفقًا لله. لذلك، بدءًا من تلك اللحظة، يبدأ يسوع في الكشف عن هويته، هويّته الفصحية، تلك التي نجدها في الإفخارستيا. ويوضح أن رسالته ستبلغ ذروتها، نعم، في مجد القيامة، ولكن من خلال العبور في ذل الصليب. أي أنها ستتمُّ بحسب حكمة الله "التي -وكما يقول القديس بولس- لَيسَت بحِكمَةِ هذِه الدُّنْيا ولا بِحِكمَةِ رُؤَساءِ هَذِه الدُّنْيا". لقد فرض يسوع الصمت على هويته المسيحانيّة، لكن ليس على الصليب الذي ينتظره. في الواقع - يلاحظ الإنجيلي - بدأ يسوع يعلم "علانية" أن "ابنَ الإِنسانِ يَجِبُ عَلَيهِ أَن يُعاني آلامًا شَديدَة، وَأَن يَرذُلَهُ الشُّيوخُ وَالأَحبارُ وَالكَتَبَة، وَأَن يُقتَل، وَأَن يَقومَ بَعدَ ثَلاثَةِ أَيّام".

 

وختم الأب الأقدس عظته بالقول: أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، لنسمح للقاء يسوع في الإفخارستيا أن يحوِّلنا. ولا نستسلمنَّ لإيمان من يعيش على الطقوس والتكرار، ولننفتح على حداثة الإله المصلوب والقائم من بين الأموات، الخبز المكسور لكي يمنح الحياة للعالم. وسنكون في الفرح، وسنحمل الفرح. إنَّ هذا المؤتمر الإفخارستي الدولي هو نقطة وصول مسيرة، ولكن ليكن بشكل خاص نقطة انطلاق. لأن السير خلف يسوع يدعونا لكي ننظر إلى الأمام ونقبل نقطة تحول النعمة، ونعيد فينا كل يوم إحياء هذا السؤال الذي يوجهه الرب كما في قيصرية فيليبس، لنا نحن تلاميذه: "وَمَن أَنا، في قَولِكُم أَنتُم؟".

نهاية وشكر

 

وفي نهاية القداس الاحتفالي أعرب الكاردينال أردو عن فرحته بحضور قداسة البابا ومشاركة بطريرك القسطنطينية المسكوني برثلماوس الأول، ولفيف من الإكليروس من بلادن مختلفة. وأشار إلى أن "المسيح من خلال شهادتنا وكرازتنا يريد أن يصل إلى الناس، من خلال خدمتنا المحبة للفقراء والمرضى والمضطهدين والذين يتحملون عبء لغتهم وعرقهم وجنسيتهم، ولكل من يعيش حياته. ليست في نظر العالم. ذات مغزى وليست ذات قيمة، ومن يبحث بيأس عن طريقه". بدوره شكر قداسة البابا فرنسيس كل المسؤولين والقائمين على هذا الاحتفال، كما أنهى شكره باللغة المجرية: "ليبارك الله المجر".

 

وبعد نهاية القداس الختامي بالترانيم والأناشيد المجرية توجه قداسة البابا فرنسيس إلى مطار بودابست الدولي حيث أقلعت طائرته من المجر إلى سلوفاكيا مستكملا رحلته الرسولية الدولية الرابعة والثلاثين، ليصل إلى براتيسلافا بعد الظهر. حيث تستغرق زيارته ثلاثة أيام إلى سلوفاكيا، سيلتقي خلالها بزعماء الكنيسة والعلمانيين وأعضاء من جماعة الروما والجاليات اليهودية. ويختتم زيارته بقداس احتفالي يوم 15 أيلول بمناسبة عيد مريم العذراء، سيدة الأحزان "أم الأوجاع".