موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
مع استمرار تصاعد تحدي تغير المناخ، يستعد "جناح الأديان" الذي ينظمه مجلس حكماء المسلمين، للعب دورٍ محوريٍّ في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ COP29، الذي تستضيفه العاصمة الأذربيجانية "باكو" في شهر نوفمبر المقبل، وذلك بهدف البناء على النجاح الذي تحقَّق في النسخة الأولى خلال COP28، التي استضافتها دولة الإمارات العربيَّة المتحدة العام الماضي، وحظي بمشاركة عالمية واسعة واحتفاء دولي كبير.
ومن المقرَّر أن يضم جناح الأديان مجددًا تحالفًا عالميًّا، يضم ٩٧ منظمة، تمثل ١١ ديانة وطائفة متنوعة لتقديم رؤًى ومقترحاتٍ دينيةٍ وأخلاقيَّةٍ بشأن تعزيز جهود العمل المناخي، وذلك من خلال مجموعة من الفعاليات تشمل أكثر من ٤٠ جلسةً نقاشيَّةً تتعمَّقُ في تكامل الروحانية والأخلاق من أجل العمل المناخي، لمناقشة استعادة الجذور الروحيَّة لمعالجة أزمة المناخ، واستكشاف الآثار غير الاقتصاديَّة لتغير المناخ من خلالِ وجهات نظر دينيَّة، وآلية تمكين الطلاب من مواجهة التحديات البيئية من خلال التعاليم الدينية، ودور القيادة النسائيَّة في تحقيق العدالة المناخية، وتعزيز الشراكات من أجل التكيف مع المناخ، وتسخير الحكمة المحلية والأديان.
كما يناقش جناح الأديان في COP29 عددًا من الموضوعات الأخرى التي تتناول أنماط الحياة المستدامة والقرى البيئيَّة المستوحاة من تعاليم الأديان بالإضافة التمويل المبتكر للمناخ والحوار بين الأجيال، وكذلك إلقاء الضوء على المبادئ التي نصَّت عليها وثيقة "نداء الضمير: بيان أبوظبي المشترك لقادة ورموز الأديان من أجل المناخ"، وذلك في إطار تفاعلي يجعل من جناح الأديان مركزًا للأفكار التحويليَّة والحلول التعاونية، المدفوعة بالقيم المشتركة والتزام المجتمعات الدينيَّة في جميع أنحاء العالم، بهدف تأكيد الالتزام المشترك بين هذه المجتمعات المتنوِّعة لمعالجة التحديات البيئيَّة، واستكشاف كيف يمكن للتعاليم الروحيَّة أن توجه وتلهم العمل المناخي العاجل.
وصرَّح الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، سعادة المستشار محمد عبد السلام، بأنَّه أصبح ضرورةً ملحةً في نهج العمل المناخي اعتماد حلولٍ مبتكرةٍ، تستند إلى القيم الأخلاقية والمعرفة العلميَّة، لافتًا إلى أهمية ما يمثله قادة ورموز الأديان والفكر من صوتٍ أخلاقيٍّ قويٍّ، يمكنه توجيه الأفراد والمجتمعات نحو تبنِّي مبادئ العدالة والاستدامة، مشيرًا إلى أن جناح الأديان في COP29 يعد استمرارًا للنجاح الكبير الذي حقَّقه في نسخته الأولى فيCOP28 بدبي، ويستهدف الحفاظ على استدامة مبادرات COP28 والتعزيز من قوة العمل الروحي الجماعي من أجل حلول المناخ.
ووجَّه الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين الشكر للجنة الوطنيَّة العليا للإشراف على التحضير لـCOP28، لدعمها لمبادرة جناح الأديان التي نظَّمها مجلس حكماء المسلمين، والتي انعقدت في COP28، وحرصها على استمرار هذه المبادرة المهمة لتكون منصة دائمة للحوار بين قادة ورموز الفكر والأديان بهدف إيجاد حلول ناجعة لقضايا المناخ. وفي تطورٍ مهمٍّ، يقدِّم برنامج الأمم المتحدة للبيئة، ولأوَّل مرة، سلسلة من الجلسات العلمية في جناح الأديان، تركِّز على سد الفجوة بين العلم والدين، وتقديم رؤى متطورة حول الأزمة البيئيَّة مع ترسيخ هذه المناقشات في الأطر الأخلاقية والروحية، ويؤكِّد هذا التعاون أهمية دمج المعرفة العلمية مع الضرورات الأخلاقية لمعالجة أزمة المناخ.
ويستهدف جناح الأديان في COP29، مواصلة العمل على تأطير تغيُّر المناخ باعتباره قضية دينية وأخلاقية عميقة؛ حيث من المقرَّر أن يوجه القادة الدينيون من الأديان والطوائف الـ١١ المشاركين في الجناح، نداءً إلى صناع السياسات على مستوى العالم من أجل النظر في العواقب الروحية والأخلاقيَّة للإهمال البيئي واتخاذ إجراءاتٍ فوريَّةٍ وحاسمة لحماية الكوكب؛ حيث من المتوقَّع أن يؤثر هذا الإطار الأخلاقي على المفاوضات الأوسع لمؤتمر الأطراف التاسع والعشرين، مما يشجع صنَّاع القرار على دمج الاعتبارات الأخلاقية في إستراتيجياتهم المناخيَّة.
وإدراكًا للدور الحيوي للشباب في مكافحة تغير المناخ، يضم جناح الأديان بشكل بارز قادة شباب من خلفيات دينية مختلفة، الذين سيقدمون وجهات نظر جديدة، مما يسلِّط الضوء على الحاجة إلى التعاون بين الأجيال في معالجة أزمة المناخ، بالإضافة إلى ذلك سيعرض الجناح العديد من المبادرات الشبابيَّة والمجتمعية الناجحة التي تقودها المنظمات الدينية، مما يدلُّ على التأثير الملموس للعمل المناخي الذي يقوده المجتمع.
ويهدف جناح الأديان في COP29 إلى سد الفجوات بين الجوانب الروحية والعلمية والموجَّهة نحو السياسات، ومن خلال تعزيز التعاون بين المنظمات المشاركة والزعماء الدينيين والعلماء وصانعي السياسات، يسعى الجناح إلى معالجة التحديات المحتملة وتعزيز فعالية الدعوة المناخية القائمة على الإيمان. وستكون هذه الروح التعاونية ضروريَّة لضمان دمج أصوات المجتمعات الدينية بشكل هادف في سياسة المناخ العالمية، كما يقدم الجناح رسالةً قوية للوحدة والأمل، مع التَّركيز على إمكانية العمل الجماعي للتغلب على أزمة المناخ. وسيدعو المشاركون المجتمع العالمي إلى تبني علاقة مستدامة مع الطبيعة، ترتكز على المبادئ الأخلاقية للرعاية والرحمة والعدالة، وبينما يجتمع العالم في باكو، سيكون جناح الأديان منارة للقيادة الروحية، ترشد الطريق نحو مستقبل أكثر عدلاً واستدامة.
هذا ويُعدُّ جناح الأديان في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين، الذي يستضيفه مجلس حكماء المسلمين وتحالف جناح الأديان، استمرارًا لمبادرة الأديان التي تم تنفيذها لأول مرة في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في دبي، بدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تهدف إلى غرس وجهات النظر الأخلاقية والمعنوية في المناقشات المناخية العالمية. وباعتباره جزءًا لا يتجزأ من مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ، يعد جناح الأديان بمثابة منصة مخصصة للمنظمات والمؤسسات الدينية من مختلف الأديان الرئيسية للدفاع عن العدالة المناخية وإلهام العمل الهادف من أجل مواجهة تحدي المناخ.