موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٦ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٥
ماذا قال البابا بندكتس السادس عشر أثناء وضع حجر أساس كنيسة المعموديّة؟
فيما يلي نص الكاملة التي ألقاها البابا بندكتس السادس عشر خلال مباركة حجر أساس كنيسة معموديّة السيّد المسيح، 10 أيار 2009، ضمن زيارته الرسوليّة إلى الأردن.
البابا بندكتس السادس عشر، والملك عبدالله الثاني والملكة رانيا، في احفاليّة وضع حجر أساس كنيسة المعموديّة (10 أيار 2019 - أرشيف أبونا)

البابا بندكتس السادس عشر، والملك عبدالله الثاني والملكة رانيا، في احفاليّة وضع حجر أساس كنيسة المعموديّة (10 أيار 2019 - أرشيف أبونا)

أرشيف أبونا :

 

أيها الإخوة الأساقفة، أيها الأصدقاء الأعزاء،

 

يغمرني فرحٌ روحيّ عظيم إذ جئتُ لأبارك حجري الأساس للكنيستين الكاثوليكيتين اللتين ستشيدان عبر نهر الأردن، هذا المكان المطبوع بأحداث عدّة مترابطة بالتاريخ البيبلي. النبيّ إيليا التشبيّ قدم من هذه المنطقة القريبة من جلعاد باتجاه الشمال. وعلى مقربة من هذا المكان، أمام أريحا، انفتحت مياه نهر الأردن أمام إيليا الذي رفعه الرّب بمركبة ناريّة (2 ملوك: 9-12). هنا دعا روح الرّب يوحنّا، ابن زكريا، للتبشير بتوبة القلوب. يتحدّث يوحنا الإنجيليّ عن اللقاء الذي تمّ في هذه المنطقة بين يوحنا المعمدان ويسوع الذي "مسحه" روح الله خلال اعتماده، إذ نزل عليه وكأنه حمامة وأُعلن ابن الله الحبيب (يوحنا 1: 28 ، مرقس 1: 9-11).

 

كان لي شرف أن يستقبلني في هذا الموقع الهام جلالة الملك عبدالله الثاني والملكة رانيا. أعبّر مجدّدًا عن امتناني الكبير لضيافتهما الحارّة خلال زيارتي المملكة الأردنيّة الهاشميّة. أُحيي بفرح غبطة البطريرك غريغوريوس الثالث لحام، بطريرك أنطاكية لكنيسة الروم الملكيين. وأُحيي أيضًا بحرارة غبطة بطريرك القدس للاتين رئيس الأساقفة فؤاد الطوال. وأُوجه تحياتي الحارّة أيضًا إلى غبطة ميشيل صبّاح والأساقفة المعاونين الحاضرين هنا، خاصًا بالذكر رئيس الأساقفة جوزيف جول زريعي وسيادة المطران سليم الصائغ وجميع الأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات والمؤمنين المتواجدين بيننا. يسّرنا جدًا أن البناءين التابعين لكنيسة اللاتين وكنيسة الروم الملكيين سيساهمان في إنماء عائلة الله الواحدة كلّ وفقًا لتقاليد جماعته الكنسيّة.

 

حجر الأساس للكنيسة هو المسيح

 

إنّ الحجر الأساس لأيّ كنيسة يرمز إلى المسيح. فالكنيسة ترتكز إلى المسيح ولا يمكن فصلها عنه. إنّه الأساس الوحيد لكلّ جماعة مسيحيّة، الحجر الحيّ الذي رذله البناؤون، الثمين في أعين الله الذي اختاره فصار رأسًا للزاوية (1 بطرس 2: 4-5، 7). معه نصبح نحن أيضًا حجارة حيّة نقدّم أنفسنا لبناء بيت روحانيّ، بيت الله (أفسس 2: 20-22 ، 1 بطرس 2: 5).

 

كان القديس أغسطينوس يحّبُ الحديث عن سرّ الكنيسة كالمسيح الكامل، ما يعني جسد المسيح الكامل والتام، الرأس والأعضاء. هذا هو واقع الكنيسة؛ إنّها المسيح ونحن، المسيح معنا كالكرمة مع أغصانها (يوحنا 15: 1-8)، وفي المسيح تصبح الكنيسة جماعة حياة جديدة وواقع نعمة حيويّ ينطلق منه، وبواسطة الكنيسة ينقّي قلوبنا وينير عقولنا ويوحّدنا مع الآب ومع الروح القدس، ويقودنا إلى ممارسة يوميّة للمحبّة المسيحيّة. نؤمن بهذا الواقع الفرح ككنيسة واحدة، مقدّسة، كاثوليكيّة ورسوليّة.

ذكرى معموديّة المسيح حاضرة هنا

 

نلج الكنيسة بواسطة العماد. إنّ ذكرى عمّاد المسيح حاضرة أمامنا في هذا المكان بشكل حيّ. وقف يسوع في صفوف الخطأة وقبل عماد مغفرة يوحنا كعلامة نبويّة لآلامه ذاتها، وموته وقيامته من أجل مغفرة الخطايا. وعبر القرون، قصد الأردن حجّاج كثيرون لتنقية نفوسهم وتجديد إيمانهم ليكونوا قريبين من الرّب. وهذا ما فعلته الحاجة إيجيريا التي دوّنت ما شاهدته من حجّها في نهاية القرن الرابع. اعتمدت الجماعات المسيحيّة في كنائسها الجديدة سرّ العمّاد الذي نشأ بعد موت وقيامة المسيح وأولت هذا السرّ اهتمامًا خاصًا.

 

فليذكركم نهر الأردن على الدوام أنكم غسلتم بماء المعموديّة وأصبحتم أعضاء في عائلة يسوع. لقد تحوّلت حياتكم، بفعل الطاعة لكلمته، إلى صورته ومثاله. وإ تجهدون لأنّ تكونوا أمناء لالتزامكم في ارتدادكم عبر العماد والشهادة والرسالة، اعلموا أنكم أصبحتم أكثر قوّة بفعل عطيّة الروح القدس.

دعوة مسيحيي الشرق الأوسط

 

 

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء،

 

ليكن هذا التأمل بهذه الاسرار مصدر غنى روحيّ وشجاعة أدبيّة لكم. أدعوكم مع الرسول بولس إلى النمو في مجموعة من التصرفات النبيلة التي تحمل اسم المحبّة المسيحيّة (راجع 1 قورنتس 13: 1-13). اعملوا من أجل الحوار والتفاهم في المجتمع المدنيّ وخصوصًأ عندما تطالبون بحقوقكم الشرعيّة. إنّ المسيحيين في الشرق الأوسط، المطبوع بآلام مأساويّة وسنوات عنف ومسائل بدون حلّ، مدعوون إلى تقديم إسهاماتهم المستوحى من مثال يسوع، بالمغفرة والسخاء، من أجل المصالحة والسلام.

 

واصلوا أمتنانكم لمن يخدمونكم بأمانة كخدام للمسيح. حسنًا يفعلون بقبولكم إرشادهم في الإيمان وعيًّا منكم أنّه عندما تقبلون تعاليمهم الرسوليّة إنما تقبلون المسيح والإله الوحيد الذي أرسله (راجع متّى 10: 40). أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، لنبارك الآن حجري الأساس، بداية الكنيستين الجديدتين. فليعضد الرّب الجماعات التي ستمارس عبادتها فيهما وليقويها وليبارككم جميعًا بعطيّة السلام. آمين.