موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
نيافة الكاردينال بليز كوبيتش الأكرم
الآباء الكهنة الأفاضل
أصحاب السعادة سيدات وفرسان القبر المقدس
الأصدقاء، والأخوات والإخوة الأعزاء
"حيث الأسقف، هنالك الكنيسة". كلمات للقديس الكبير أغسطينوس، تجد كمال معانيها في هذا المساء التاريخي المبارك. وإنه ليسرّني الترحيب بكم يا صاحب النيافة، باسمي وباسم اللجنة التأسيسة وباسم الأخوات والإخوة في الجماعة العربية الكاثوليكية -وهم بناتكم وأبنائكم- في رعية سيّدة الأرض المقدسة – شيكاغو. يا صاحب النيافة، إنّنا ونحن نفرح بحضوركم بيننا أبًا وراعيًا، فإننا نحييكم تحية بنوية ونشكركم من كل قلوبنا ليس فقط على التعاون لا بل على الدعم القوي والمستمر الذي أظهرتموه نحونا لأجل ولادة هذه الجماعة الجديدة. إننا نرفع الصلاة معكم ومن أجلكم في رسالتكم الأسقفية – الرعائية لشعب الله في هذه المدينة الغالية علينا والتي صارت لنا وطنًا وبيتًا.
إننا كبنات وأبناء للكنيسة الكاثوليكية المقدسة، أي الكنيسة الجامعة، نعرف بأننا أينما كنا فنحن في كنيستنا – بيتنا. إن ما دعانا إلى خلق هذه الجماعة الكاثوليكية العربية، لم يكن شعورنا بالغربة والضعف، بل كان رغبة بمزيد من الحضور والوحدة. أردنا أن نبني جماعة لتسند الأفراد والعائلات المنتشرة في هذه المدينة ولنبني جسورًا فيما بيننا هنا ومع كنيستنا الأم هناك، في القدس – الأرض المقدسة، ولخير أمنا الكنيسة الواحدة الجامعة المقدسة الرسولية، ولترسيخ الإنتماء لأمنا الكنيسة في قلوب الأجيال القادمة من أبناء وبنات عائلاتنا.
تعلمون بأن كثيرًا من العرب المسيحيين قد عانوا الشدّة والإضطهاد في بلادهم، ولكنهم بالرغم من ذلك يستمرون بإظهار الإيمان الحي والحب والإنتماء. وبالرغم من أصوات التشاؤم على مصيرنا، والظروف المعقّدة لدى كثير من الأخوة في الإيمان والصلبان الثقيلة التي يحملونها، فإن ولادة هذه الجماعة اليوم -هنا والآن- لهي علامة أمل لاستمرارية عائلاتنا في الإيمان والحياة ورجاء لمستقبل الكنيسة وبقائها هنا. وكذلك نريد أن ندعم ثبات كنيستنا الأم –هناك- في الأرض التي أحبها الرب ذاكرين كلماته الخالدة: "لا تخَف، أيها القطيعُ الصغيرُ". فسيبقى الإيمان المتجذّر في نفوس وقلوب العرب المسيحيين منذ أقدم العصور حيًّا ما دامت يدُ الله ترعاه، وتوجيهات رعاة الإيمان الذين يرأسون جماعة المحبة تمدّهم بالعزم على الثبات في زمانهم ومكانهم وتدعوهم لتجسيد الإيمان في حياتهم وبيوتهم ومحيطهم.
صاحب النيافة، إسمح لنا، بأن نتوجه بكلمة إلى راعينا الجديد – الأول،
أيها الأب العزيز وسام، ها أنت تصل إلى هذه الرعيّة – الجماعة في شيكاغو، التي انتظرتك طويلاً. وبالرغم من البرد الخارجي، نستقبلكم بقلوبنا التي تفيض بدفء الفرح والحب والأمل. وكم هو جميل وعميق أن تكون انطلاقة مسيرة جماعتنا في هذا اليوم حيث تبدأ فيه الكنيسة الجامعة سنة ليتورجية جديدة، حيث يتداخل الزمن بالأبدية والأرضي بالسماوي والإنساني بالإلهي.
وفيما نجتمع معًا حول هذه الإفخارستيا التي هي القمة والينبوع لحياتنا المسيحية، والتي ستكون مركز لقاءاتنا الأسبوعية، فإننا نعدك بصلاتنا البنوية من أجلك، وبالتعاون معك في خدمتك الراعوية لكي تكون هذه الجماعة - الكنيسة منارة إيمان وإشعاع محبة في كل أعمالها ورسالتها في محيطها. نعي جيدًا حجم الاعمال والمسؤوليات التي تواجهك خاصة بناء هذة الرعيّة ولم شمل أبناؤها. نعدك أن نكون لك السند في كل الأوقات بالصلاة والمحبة والعمل الجاد الحقيقي، يدًا بيد معك في كل الأوقات. لك منا جميعًا كل الحب والشكر والتقدير لوجودك معنا اليوم وهنا. أعرف جيدًا أننا جميعًا أهلك وناسك وكل بيت هو بيتك وأنك ستكون دومًا في قلوبنا قبل بيوتنا. وكذلك نود في هذا المساء أن نؤكّد من خلالك محبتنا لبطريركيتنا الغالية في القدس لصاحب الغبطة الكاردينال بييرباتيستا على محبته واهتمامه الأبوي بنا، ولكننا في الوقت عينه نعلن واجب البقاء في وحدة الإيمان مع رؤسائنا الكنسيين الروحيين في شيكاغو.
وهنا والآن نتذكر بكل الحب والفخر والشكر لله كل الآباء الكهنة الذين خدموا هذه الرعيّة رغم بعد المسافات ومشقات السفر من الأرض المقدسة خلال العام السابق، ونخص بالذكر قدس الأب عدنان بدر، يوحنا معمدان هذه الجماعة والذي هو لحسن الحظ معنا اليوم. شكرًا لك من القلب أبونا عدنان. ولا يفوتنا أن نشكر كل من أعطانا صلاته ومن وقته وجهده وماله في سبيل بناء هذه الرعيّة خلال السنوات الطويلة السابقة ليجعل من الحلم حقيقة وليجعل من جماعة سيدة الأرض المقدسة حجارة حية لخدمة النفوس ولم شمل أبناء الأرض المقدسة في بيت الرب وتحت شفاعة ورعاية سيدة الارض المقدسة.
وأما أنتم أيّها الشعب المسيحي الكريم في شيكاغو، فأباركُ لكم ولادة جماعتكم العربية الكاثوليكية في هذه الكنيسة. فاجعلوها بيتًا عامرًا في الآحاد والأعياد، وكل الأوقات، بحضوركم وتوافدكم عليه. فأنتم، أوّلاً وأخيرًا، حجارته الحيّة. أنتم زينته بوجوهكم المشرقة في حفل تدشينه اليوم. فابقوا هكذا. في كل مرة تحلّون فيه بنات وأبناء مباركين مجتمعين تحت حماية وشفاعة الإم السماوية الحنون التي أردنا أن تكون جماعتنا الوليدة مكرسة لها. فهي ابنة بلادنا وفخر شعبنا. هي "سيدة الأرض المقدسة". هي أمنا، فلتجمعنا دومًا بالوحدة والمحبّة والسلام.