موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢١ يونيو / حزيران ٢٠٢٢
كلمة الأب لويس حزبون في حفل تأبين الشهيدة شيرين أبو عاقلة في بيرزيت
إنَّ حَبَّةَ الحِنطَةِ الَّتي تَقَعُ في الأَرض إِن لَم تَمُتْ تَبقَ وَحدَها. وإذا ماتَت، أَخرَجَت ثَمَراً كثيراً. (يوحنا 12: 42)

الأب د. لويس حزبون :

 

إنني اعتزُّ وافتخر أن أقف بينكم في هذا المساء المبارك بصفتي راعي هذا الدير وكنيسته ومدرسته العريقة التي كانت دائمًا صرحًا روحيًا وعلميًا واجتماعيًا ووطنيًا يجمع أبناء بيرزيت بل أبناء فلسطين كي افتتح حفل تأبين شهيدة فلسطين شيرين أبو عاقلة في ذكرى الأربعين لارتقائها إلى مصاف الأكرمين.

 

أترك المجال لأعضاء الهيئة الشعبية لعدالة وسلام القدس، وتجمّع بالقدس يهتدون، وإلى الإخوة في المنصة التكلم عن شهيدة فلسطين شيرين أبو عاقلة. أما أنا فاسمحوا لي أن أعطي المجال لشيرين صاحبة هذا الحفل أن تكلمنا: شيرين رحمها الله تعالى تقول لنا أنا حبة الحنطة التي تكلم عنها سيدنا يسوع المسيح معلمي: "متُّ لكيلا ابق وحدي، بل لأُخرج َ ثَمَرًا كثيرًا. شيرين جمعتنا اليوم لتخاطبنا جميعا بأربعِ كلمات:

 

أنا إنسانة فلسطينية عربية متدينة:

 

أنا إنسانة:

كنت صوت الإنسان المظلوم والمتألم والمهمَّش والمضطهد والمنبوذ والمُشرّد والأسير واللاجئ، صوت لمن لا صوتٌ له، لأحمل باسمهم جميعا صوت القيم الإنسانية: صوت الحق والضمير والعدل والحرية والمساءلة تجاه للانتهاكات والتجاوزات لحقوق شعبنا أفرادًا وجماعات من مصادرة الأراضي، والاعتقال الإداري، ومنع تصاريح البناء، وهدم البيوت، والحصار المستمر. صوت يُسمع في أقاصي الأرض.

 

أنا فلسطينية:

 جذوري في بيت لحم، مسقط راسي القدس، هويتي فلسطينية، عملي صحفية إعلامية واكبتُ الجماهير الفلسطينية والعربية وخصوصا مع بداية الانتفاضة الثانية فحملت صوت شعبي وارضي وقضيتي الفلسطينية بعزيمة وإصرار إلى العالم باسره متخطِّية المخاطر والموت والاستشهاد في سبيل انتصار الحق على الباطل، والخير على الشر، والفضيلة على الرذيلة والمحبة على العنف والحرية على العبودية، والوحدة على الانقسام والمساواة على التمييز العنصري والسلام على الحرب. قلت للحاكم ما يريده الشعب ولم أقل للشعب ما يريده الحاكم. وغايتي تحقيق مجتمعٍ حرٍ.

 

أنا عربية:

عربية في لغتي وثقافتي وتاريخي وقوميَّتي. استخدمتُ كل هذا الإرث في رسالتي الصحفية لأدعو أبناء الدول العربية لمعرفة فلسطين وما يدور على أرضها في ظل الاحتلال من الاعتداءات والانتهاكات وسياسة الاستعمار والخطر الذي يُهدِّد وجودَنا وتراثنا العربي في القدس وفلسطين. فجعلت الفلسطيني عربيًّا حيثما كان والقدس عربية في كل الدول العربية.

 

أنا متدينة:

أومن بالله وبالسيد يسوع المسيح مخلصي الذي انتصر على الموت بالموت، وأعطى الحياة للذين في القبور. وكما بذل نفسه في سبيلي كذلك ابذل نفسي في سبيل الأخرين أذ "لَيسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعظمُ مِن أَن يَبذِلَ نَفَسَه في سَبيلِ أَحِبَّائِه" (يوحنا 15: 13). لا يهمُّني كيف ومتى أموت، المهم أن تبقى القضة الفلسطينية حيَّة في الضمائر والنفوس. أنا الشهيدة الحية كما يقول يسوع "لا تَخافوا الَّذينَ يَقتُلونَ الجَسد ولا يَستَطيعونَ قَتلَ النَّفْس" (متى 10: 28). ماتت شيرين شهيدة من أجل الجميع بسبب شهادتها حاملة الغفران على العنف حتى في جنازتها. فكان تابوتها الصامد على أكتاف الشباب الفلسطيني أمام ضراوة الهراوات الإسرائيلية، تابوت عهد الأخوَّة والصمود والوحدة بين كافة أطياف الشعب الفلسطيني من جنين إلى القدس الحاملين هلال الأقصى وصليب القيامة. شيرين ضمانة عزتِنا وإنسانيتِنا ووحدتِنا وشاهدة شهيدة على القضية الفلسطينية. ليس كل الشهداء يحملون السلاح، أكثرهم يحملون الأحلام، ويحلَمون بالسلام.  فالشهيد لا يموت بل يبقى شاهدا.

 

رحم الله أرواحا لا تعوّض ولا تولد مرة أخرى، رحم الله أرواح شهدائنا الغالية. رحم الله كل روح غالية تحت الثرى. رحم الله شيرين شهيدة فلسطين، التي ستبقى حيةٌ في كل قريةٍ ومدينةٍ ومخيم كما يرنِّم صاحب المزامير "ذكرّ الصِّديق يدومُ إلى الأبد" (المزامير 112: 6) في جوار الصالحين والأبرار. آمين.