موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٢٠ يونيو / حزيران ٢٠٢٥
عظة المطران إياد الطوال في الاحتفال بعيد العذراء سيدة الجبل 2025

النائب البطريركي للاتين في الأردن :

 

أيها الأخوات والاخوة المباركون في الرب الحاضرين معنا هنا، والمشاهدين والمستمعين عبر البث المباشر، أحييكم تحية المحبة وسلام المسيح يغمر قلوبكم وعقولكم.

 

جئنا اليوم، من جميع أنحاء بلدنا الغالي الأردن، لنصلي عيد سيدتنا مريم العذراء، في مزار سيدة الجبل. هذا العيد الذي أصبح مميّزًا في كنيستنا، وأصبح عيدًا يجمعنا في محبة العذراء حيث نفتح قلوبنا ونقول معها: ها أنا أمة الرب فليكن لي بحسب قولك.

 

واليوم، في هذه السنة نحتفل بسنة اليويبل، تحت شعار حجاج الرجاء، أو نسير في الرجاء بقوة الايمان، وأن نثابر ونسير وسط تقلبات الدنيا ودروب الحياة ولكن بوصلتنا هي السماء.

 

اليوم أريد أن أتأمل معكم في فضيلتين لسيدتنا مريم العذراء:

 

1. التواضع والوداعة: لعل الفضيلة الأساسية التي جعلت الرب ينظر إليها انها كانت وديعة إذ قالت "لإنه نظر إلى تواضع أمته" (لو 48:1). فهذه الوداعة والتواضع هي التي صبغت حياتها بالرغم من عظمة وغنى النعمة التي حلت فيها. فهي والدة الاله، ولكن قضت حياتها في الخدمة والعطاء.

 

2. الفضيلة الثانية هي الإيمان: قالت أليصابات للعذراء "فَطوبى لِمَن آمَنَت: فسَيَتِمُّ ما بَلَغها مِن عِندِ الرَّبّ" (لو 45:1). وكقراءة سريعة لرواية الزيارة لربما لا يوجد معنى كبير ومباشر سوى ان مريم تزور خالتها ومن ثم سوف تعود الى بيتها. ولكن المهم في هذه الزيارة هو الحديث البسيط ولكن العميق والقوي بين هاتين المرأتين. مريم حاملٌ بيسوع واليصابات حاملٌ بيوحنا. كلتاهما عاشتا خبرة البشارة وكلتاهما حبلتا بحبل غير طبيعي، بمعجزة. مريم حبلت وبقيت عذراء وهنا المعحزة، واليصابات حبلت بعمر متأخر. تدخل الله بطريقة حاسمة وقاطعة في تاريخ البشرية، ليخلص البشرية. فعبرت اليصابات عما في قلبها بوحي من الروح القدس واعترفت بأهمية هذا الحدث، وبكل فرح، ولكن بكل تواضع تسلّم وتخضع لمشيئة الله:" من اين لي أن تأتيني ام ربي"؟ وتعترف ايضاً وتعلن أهمية ومركزية دور مريم فتقول:" مباركة انت بين النساء". كلتاهما استسلمتا لمشيئة الله. كلتاهما تعيشان الفرح، الفرح بالله.

 

أيها المباركون في المسيح، أدعوكم وأصلي لكم ومعكم، أن تكون مريم العذراء هي نجمة الرجاء والامل في حياتكم، نجمة الايمان التي تقودنا، فهي امنا الحبيبة وأم الكنيسة، وان تكون مريم العذراء هي المثال والقدوة في حياتكم، فمهما كثرت الأسئلة والتساؤلات في حياتها كان الايمان هو الجواب الذي قاد حياتها وطبعها بالثقة والفرح. ونحن اليوم لدينا الكثير من التساؤلات وقلبنا يتردد ويبحث عن علامة، وعقلنا يبحث عن منطق ما في ظل صعوبات الحياة، ولكن مريم اليوم تقول لنا أملئوا قلوبكم في كلمة الله، من انجيله الطاهر وتأملوا فيه وعيشوه.

 

معكم أصلي للسيد المسيح بشفاعة امنا العذراء أن تكونوا شجعانًا أقوياء، أن نثمر محبةً لأنّ المحبّة في قلوبنا، أن نثمر عطاءً وخدمة لأنّ التواضع في قلوبنا، أن نثمر سلامًا لأنّ التسامح والمغفرة في قلوبنا، أن نثمر يسوع المسيح لأنّ يسوع حيّ في قلوبنا وعقولنا ووجداننا.

 

وفي الختام كما جئتم في مسيرة حج لهذا المزار المبارك، طالبين النعمة والتوبة، عودوا الي بيوتكم من شمال الى جنوب وطننا الحبيب، حاملين النعمة والغفران، وكونوا نورا وبركة في رعاياكم وبيوتكم ومجتمعاتكم. وكما فعلت العذراء بادروا أنتم أيضا بالخير وزورا واخدموا وعيشوا الحياة بملئها لأن سيد الحياة، يسوع المسيح حي في قلوبكم.

 

كل عام وأنتم بالخير والبركة، ووطننا الحبيب الأردن بالسلام والازدهار، كنيسة وشعباً وقيادةً.

 

حماكم الله وبارككم.