موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
حوار أديان
نشر الجمعة، ٥ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٤
عيد الغطاس: عيد الظهور لاهوتيًا، و"ليلة القدر" وفق حسابِ أمّي

جورج كلاس، وزير لبناني :

 

يا ربّنا رَجَوْناكَ إِبْقَ على السَمَعِ!

زَمَن العِمادِ والدَنَح

وكُلِّما الوجدُ صدح

والرَّبُ مَنَح

عيدُ الظهورِ

وحلول الروحِ

ونُزُولِ النور

أصْبِغْنا بماءِ قُدسِكَ السماوي

أَيُّها المُعتَمِدُ بالروح القدسِ والنار!

 

عيدُ الغِطاسِ... ليلَةُ القَدْرِ وِفقَ حساب أمّي و عيد الظهور وحُلُولِ الرُّوحِ القُدُسِ، وهطول البركاتِ والنِعَم، وفق تعاليم الكنيسة، هو من أَقْدَسِ إحتفالاتنا الإيمانيّة التي تَربّيْنا على معانيها الروحية ودلالاتها الحلوليَّة وتراثاتها العَيْلِية اللطيفة الدافئة.

 

تَعَلَّمْنا إيمانًا مِنْ أهلِنا أبًا عن جِدّ، أنَّ الدُعاءَ للرَّبِّ في (لَيْلَةِ القَدْرِ) هُوَ من الطقوسيّاتِ الحُلْوةِ المبروكة، حيثُ خُشوعِيَّةُ الإيمانِ النَقيِّ تَرْفَعُنا من تُرابِيَّتنا، إلى مراتِبِ النور وتُقَرِّبُنا منَ السَّمَاءِ أكثر!

 

كانتْ أُمِّي في ليلةِ القَدْرِ، حضَنَها الّلهُ، تَرْكَعُ تَسْتَشْفِعُ تَدْمَعُ، تُكَلِّمُ رَبَّها. تُهامِسُهُ مَرَّةً، تُعاتِبُهُ مَرَّات، تُطالبُه مرارًا، تَلِجُّ تُلِّحُّ تَسْتَشفِعُهُ تحكيهِ توشوشه قلبًا لقلبٍ، تعتمد بدمعها، تُخْفِضُ رأسها، تبتهِلْ: "دايم نورك.. دايم دايم يا رب". وتطرقُ تصفنُ، تُصلّيِ، تُشْعِلُ البخُّورَ، تُشَيِّعُنا بالنور، تَدُقُّ على الصَّدْر، تَخْشَعُ حتى الفَجْر، تُصلِّي تَضرَعْ… الرب يسمع والسماءُ بنا تَشْفَع!

 

وكُلَّما كان يَعلو الدَقُّ على الصدر، عَرِفْنا أنّها (ليلَةُ القَدْرِ)، وأنَّ أبوابَ السماءِ مَفْتوحَةٌ، لإبتهالات الأمّهاتِ، وصلواتِ الأطهارِ الخَيِّرين، ودَعَواتِ مُنْكَسري الخاطرِ ومَجْروحي القلب!

 

أُمّيَ… يا ربّي ماتَتْ كسيرةَ الخاطِرِ جَريحَةَ القَلْبِ! في ليلة القَدْرِ هذه، أصلّي لروحها ولروح ابي وأخي وأهلنا والاقارب والصحب والمنسيين وكلِّ ضيوفِكَ السماويينَ، لأَنْ تُفيضَ عليهم من نورٍكَ نورًا وتزيدَهم راحَةً في أبدِيَّتِكَ الكُلِّيَّةِ الرأفة! لا تَنْسَ يا ربّ أرواحُ أهلِنا أمانَةٌ في ملكوتِ مَجْدِكَ!

 

تذكرهم يا رب. تذكرهم لا تَنْسَاهم يا نبعَ الرأفة! نُصلّي هذه الليلة لا ليَسْمَعَنا الله، الذي هو "دائِمًا على السَمَع". نَحنُ نُصلّي لِنُخاطِبَ الرَّبَ، قلبًا لِقلْب، ونقول لَهُ: إننا عِطاشٌ لِحنانِكَ يا نُورَ المَحَبّة! نَحْنُ يا ربّ...جِئنا نَعْتَمِدُ بحبِّكَ، فَأَلْبِسْنا نورَكَ يا حَنَّان! إِبْقَ على السَمَعِ يا رب!

 

يا رب،

كلُّ لبنانَ يُصلّي ويرجوك:

بارِكْ أهلنا، قَدِّسْ أرضنا،

أرحَمْ دُنيانا، تَحَنَّنْ على موتانا.

اِستَجِبْ دُعاءَنا، يا خالِقَ الأكوان،

اصْبغْنا بحنانك، أَسْكِنْ قلبَك،

القدسَ جريحة، خَلِّي عينَكَ على لبنان!