موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢٩ يونيو / حزيران ٢٠٢٤
عميد دائرة الكنائس الشرقيّة: المشكلة الأساسية في الشرق الأوسط هي الحروب

فاتيكان نيوز :

 

غداة لقاء البابا فرنسيس مع المشاركين في الجمعية العامة لهيئة رواكو، المعنية بمساعدة الكنائس الشرقية، أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع عميد الدائرة الفاتيكانية للكنائس الشرقية، الكاردينال كلاوديو غوجروتي الذي علق على خطاب البابا، وحذّر من خطر أن يصبح الدين في بعض الأحيان أداة لإثارة الكراهية، بدلا من إخمادها، مذكرا بأن البابا يواصل الإصرار على تجربة أشكال من التعايش والتفاوض والشهادة المشتركة لأولئك الذين يجب أن يكونوا "أعداء" والذين ينجحون في الاجتماع والصلاة معًا.

 

 

المشكلة الأساسية هي الحرب

 

وأشار إلى أن خطاب الحبر الأعظم تطرق إلى النقاط العصبية للمشاكل التي واجهناها ضمن هيئة رواكو، في ضوء دعم الكنائس الشرقية ولفت إلى أن المشكلة الأساسية هي الحرب، وأن البابا قال كلمة قوية جدًا، ألا وهي: توقفوا، توقفوا! وهي عبارة يكررها الحبر الأعظم باستمرار. وعبّر عن قناعته بأن رسالة البابا بأكملها هي في الأساس طلب للسلام، بالإضافة إلى مسألة هروب المسيحيين بسبب الحرب. كما أن النقطة الأخرى هي منطق القوة المرتبط بمنطق الحرب.

 

وقال: لا ينبغي أبدًا إخضاع أهمية إعلان عقيدة الإيمان لأي وضع ذي طبيعة سياسية، سواء فيما يتعلق بالكنيسة أو فيما يتعلق بالوضع العام أو الصراع مع الكنائس الأخرى. هذا واضح والجميع يفهمه، لكن من الصعب وضعه موضع التنفيذ. وأضاف أنه غالبًا ما يكون من الصعب على المسيحيين في حالة حرب عدم الإشارة إلى الظروف، بما في ذلك الظروف ذات الطبيعة السياسية، مؤكدًا أن الناس يحتاجون إلى الرجاء، والأمل الوحيد هو حقيقة أن المسيح مات وقام من بين الأموات. وأشار إلى أن الشرق شهد دائمًا تماهيًا عميقًا بين الكنيسة والحياة الوطنية، وأنّ معظم كنائسنا لديها هوية قوية، لكن لا يجب أن ننسى أن هذه هي أيضًا كنائس شهداء لم يستسلموا للسلطة وعاشوا في أجسادهم قصة المسيح، الذي قتلته سياسة الإيمان. هذا يمر أيضًا من خلال التفكير في الحرب.

 

تابع: في الغرب، استيقظنا مع القرن العشرين لطرح مشكلة حول الحرب، حول مأساتها وشرعيتها. في السابق، كان لدينا على الأكثر إشارة إلى "الحرب العادلة" فيما بدت الحرب حتمية مثل الوباء. وقد أصبحت الحرب أحيانًا حدثًا يكتشف فيه المرء الكبرياء والاعتزاز بهويته ويتناقض مع هوية الآخر، والخطر هو أن يصبح الدين في بعض الأحيان أداة لإثارة الكراهية، بدلا من إخمادها. لهذا السبب يواصل البابا الإصرار على تجربة أشكال من التعايش والتفاوض والشهادة المشتركة لأولئك الذين يجب أن يكونوا "أعداء" والذين ينجحون في الاجتماع والصلاة معا. في فيرونا، خلال زيارة البابا الأخيرة، كانت هناك حادثة جميلة احتضن فيها فلسطيني ويهودي بعضهما البعض وانضم البابا فرنسيس إلى هذا العناق. وقال: المعجزات ليست أن الكنيسة تكسب الحرب، المعجزات هي أن الكنيسة تعمل من أجل المصالحة.

 

 

مشاريع لإعادة بناء ما دمره الإنسان

 

في سياق حديثه عن الجمعية العامة لهيئة رواكو هذا العام، أكد الكاردينال غوجروتي أنه كوّن انطباعًا بأن هذه المنظمات -خاصة الأوروبية والأمريكية- التي تساعد الشرق قد أعدت مشاريع مختلفة لدعمه، ومن الملاحظ أنها لا تزال مشاريع "عادية".

 

وقال إنه بغض النظر عن الضروريات الأساسية فإننا عاجزون عن مساعدة الناس في الحرب لأننا لا نستطيع الذهاب إلى هناك وفي بعض الحالات لا يمكننا حتى إرسال المال. لذلك نحن مضطرون للحديث عن المشاريع المعتادة، مؤكدُا على ضرورة أن نعد أنفسنا لمواجهة إعادة الإعمار. وأكد أنه جهد ضخم، لكن لا يمكن فعل أي شيء حيال ذلك حتى تنتهي الحروب. وأضاف أن ما أدهشه كثيرًا هو الاعتقاد بأن مشاريع الهيئة عادة ما تكون مشاريع تنموية، لكنها سرعان ما تصبح مشاريع لإعادة بناء ما دمره الإنسان. وقال بهذا الصدد: لقد أنفقنا على البناء، وأنفقنا على التدمير، والآن علينا أن ننفق مرة أخرى لإعادة البناء بينما يموت الناس من الجوع واليأس. وقد شاءت رواكو أن تصب الاهتمام على المشاريع الممكنة في الوقت الراهن.

 

 

الأوضاع في الشرق الأوسط

 

لم تخل كلمات نيافته من الحديث عن الوضع في كاراباخ متوقفًا عند أزمة اللاجئين الذين جميعهم تقريبًا من أرمينيا، فيما لا توجد مخيمات تأويهم. وأكد أن الكنيسة الأرمنية الكاثوليكية على الأرض صغيرة جدًا وهشة في الوقت الحالي، وقد توجهت إلى الكنيسة الأرمنية الرسولية طلباً للمساعدة إزاء العديد من المشاكل الراهنة من بينها: المهاجرون من أبخازيا، والمهاجرون من الحرب الأهلية في جورجيا، والمهاجرون من الحرب في أوسيتيا الجنوبية.

 

وفي معرض حديثه عن الصراع الدائر في الشرق الأوسط، قال نيافته إنه غاضب من الطبيعة القبلية للصراعات الداخلية لافتًا إلى أن كل هذه الحروب هي نتيجة لخيارات خارج البلدان، لقوى تريد ممارسة نفوذها لتقسيم العالم فيما بينها. واعتبر أنه إذا أرادت القوى العظمى التوصل إلى اتفاق، فلن تكون هناك حرب من هذا النوع.

 

وتوقّف الكاردينال غوجروتي في الختام عند الوضع في لبنان مشيرًا إلى أن هذا البلد هو مهد الكنائس الشرقيّة. إذا انتشرت الحرب هناك، فسنواجه مذبحة أخرى في بلد يجثو على ركبتيه بالفعل، مثل سورية. وسيكون من الممكن القضاء على الكنائس التي تستمد مباشرة من تقليد يسوع وتلاميذه الأوائل. وهذه الكنائس ليست متاحف، إنها تعكس الإيمان الحي.