موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
"لنستخدم جميع الأدوات التي لدينا، ولاسيما أداة الإعلام القوية، من أجل بناء وتعزيز الخير العام. لنلتزم باستخدام الإعلام من أجل السلام". هذا ما كتب قداسة البابا فرنسيس في تغريدة له على موقع تويتر في 3 أيار، اليوم العالمي لحرية الصحافة. هذا وقد اختارت الأمم المتحدة موضوع هذا اليوم سنة 2021 "المعلومات كمنفعة عامة".
وحول هذا الموضوع تحدث عميد الدائرة الفاتيكانية للاتصالات باولو روفيني في مقابلة أجراها معه برنامج "إذاعة الفاتيكان معكم" للقسم الإيطالي في إذاعة الفاتيكان. وأكد في بداية حديثه أن كون الإعلام خيرًا عامًا يعني أننا ما ننقل وما نوصل. وأضاف أنه يدور الحديث عن الإعلام باعتباره سلطة وذلك لأنه وعلى أساس ما نتلقى وما نتقاسم من معلومات يتشكل وعينا، وإن كان الإعلام غير حر يغيب الخير العام المتمثل في تقاسم الحقيقة. وأكد عميد دائرة الاتصالات في هذا السياق أنه ما من حقيقة بدون حرية وما من حرية بدون مسؤولية.
وواصل السيد روفيني أن الحديث عن الإعلام كخير عام يعني أن نشارك جميعا في العمل كي يكون هناك إعلام تعددي وأيضا على أن يكون الإعلام قائما على بناء قيمة مشتركة، خير عام، وهو ما ينطلق من حقيقة ما نتقاسم. وشدد بالتالي على أن ضمان حرية الصحافة يعني ضمان نظام تتوفر فيه الحرية، وأشار إلى أن هناك أيضا حرية الخطأ، إلا أن ما يوحِّد هو الرغبة في جعل تقاسم معلومات حقيقية خيرا عاما.
هذا وأجاب عميد الدائرة الفاتيكانية للاتصالات خلال مشاركته في برنامج إذاعة الفاتيكان على سؤال حول ما قام به الإعلام من دور خلال فترة الوباء التي تتواصل منذ أكثر من سنة، فدعا في إجابته إلى تخيل كيف كان لهذه السنة الأخيرة أن تكون بدون إعلام، وتساءل كيف كان يمكن أن تكون عليه فترة الإغلاق إن لم تكن هناك فرص للتواصل، وكيف كان يمكن أن تنتشر الأنباء غير المراقَبة وأن نفقد جانب العلاقات المتمثل في تقاسم الأنباء والذي هو جزء من طبيعتنا البشرية. وتحدث السيد روفيني من جهة أخرى عن انتباهنا خلال هذه الفترة إلى انتشار كبير لأنباء زائفة وأيضا إلى صعوبة توجيه تدفق المعلومات أمام رغبة كل منا في معرفة كل شيء وعلى الفور، وهذا أمر ليس باليسير لأن الإعلام وكي يكون كاملا يتطلب وقتا.
وفي حديثه عن كيفية مساعدة الإعلام لنا للخروج من الأزمة، قال إنه من الضروري العودة إلى المفهوم الأساسي، أي مفهوم الخير العام، مذكرا بكون الإعلام وأيضا الصحة خيرا عاما. وقال في هذا السياق إن تقاسم المعلومات الصحيحة وفضح تلك الزائفة هو عمل يجب أن يشمل، وفي هذه الحقبة الرقمية، كل واحد منا، ولا يمكننا الاعتقاد أن بإمكاننا توكيل آخرين للقيام بهذه المهمة والتي هي جزء من مسؤولية الصحفيين والقراء أيضا.
وتابع أننا في زمننا الرقمي هذا نتقاسم معلومات غالبا ما لا نهتم بالتحقق من صحتها، فنصبح هكذا حاملين أصحاء لفيروس مختلف عن فيروس كوفيد، أي فيروس الإعلام السيء. وواصل إن إيكال هذه المهمة إلى "رقيب" على الحقيقة والزيف أمر تحيط به مخاطر من بينها تهديد حرية الإعلام، وأعرب بالتالي عن قناعته بأن فترة الوباء قد علمتنا أنه لمحاربة وباء الإعلام السيء علينا أن نكون جميعا مسؤولين. وذكَّر مجددًا بأننا اعتدنا عدم الرغبة في انتظار الوقت الضروري وكأن كل شيء في الحياة قد أصبح فوريا، بينما وإلى جانب سرعة الأنباء هناك حاجة إلى التعمق والتحقق.
وفي ختام مشاركته، تحدث روفيني عما وصفها بمفارقة في هذا العالم شديد العولمة، وهي أن الوباء قد أظهر وهمنا بالقدرة على حصر كل شيء في سردنا الخاص، في حياتنا، أي ان بإمكاننا سرد الوباء فقط فيما يتعلق بالدول الأكثر تقدما، أو أن بالإمكان الحديث عن الأزمة الاقتصادية فيما يتعلق ببلداننا فقط، بل وربما بمقاطعتنا داخل بلدنا. وتابع أن الأمر ليس بهذا الشكل وهذا أيضا جزء من مسؤوليتنا.
وختم مذكرا بالمسؤولية التي يدعونا إليها البابا فرنسيس في رسالته لمناسبة اليوم العالمي للاتصالات الاجتماعية، أي التوجه لرؤية ما يجري وذلك أيضا حيثما لا يريد أحد الذهاب، وذلك لأننا إن لم نذهب فلن نفهم، وإن لم نفهم ما نروي فسيكون زائفا، كما وأن هذا هو قصر نظر لأنه لا يمكننا الاهتمام بما يعنينا فقط عازلين أنفسنا عن الآخرين لأننا هكذا نُلحق الضرر بأنفسنا أيضا.