موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٢١ فبراير / شباط ٢٠٢٥
عرض فيلم "طريق الآلام" في مقرّ الأمم المتحدة في جنيف

مجلس الكنائس العالمي :

 

قال البطريرك ثيوفيلوس الثالث، بطريرك للقدس للروم الأرثوذكس، إنه يخشى من أن الجماعة المسيحية القديمة في غزة "قد تراجعت الآن إلى أقل من 600 شخص"، وذلك خلال عرض فيلم "طريق الآلام"، الذي يروي مسار الأحزان من مكان مولد المسيحية وحيث أصبح وجودها الآن مهدّدًا بشدة.

 

ويسرد الفيلم، الذي عرض في مقر الأمم المتحدة في العاصمة السويسريّة جنيف، في 18 شباط 2025، تفاصيل الوجود المسيحي في فلسطين، ويروي من خلال عيون المسيحيين فيها، ويصور لحظات مهمة شكلت تاريخهم وهويتهم وصمودهم.

 

وقال البطريرك ثيوفيلوس: "إنّنا نثني بفخر على هذا العمل المبارك" ولمخرجة الفيلم أميرة حنانيا، "وكذلك الرعاية الكريمة من مجلس الكنائس العالمي، وبعثة المراقب الدائم لدولة فلسطين، وكذلك لجميع المنظمات الدولية الأخرى التي قدمت اسمها ودعمها."

 

وأشار إلى أن "بطريركية الروم الأرثوذكسية في القدس هي أقدم مؤسّسة دينية تواجدًا في الأراضي المقدسة.، موضحًا أنّ الكنائس تعاني منذ بضع سنوات من الضغوط الماليّة. وقال: "يستمر الوضع الاقتصادي في جميع أنحاء الضفة الغربية والقدس في التدهور بسبب نقص الحجاج، وندرة الوظائف، والوضع الأمني غير المستقر في الضفة الغربية والقدس."

 

الأب فلتس

 

من جهته، أوضح الأب إبراهيم فلتس، نائب حراسة الأراضي المقدسة، بأنّ "هذا الفيلم الوثائقي هو ’طريق الآلام‘ لكلّ مسيحي في فلسطين. وأنا أعيش في فلسطين هو جزء من هذا الحزن. فأنا أعيش في فلسطين منذ 36 عامًا". وقال إنه شهد الانتفاضتين الأولى والثانية وحصار كنيسة المهد.

 

وأشار الأب إبراهيم الفرنسيسكاني إلى الوضع في الأرض المقدّسة في الوقت الحالي لا سابق له، من حيث التحدّيات والصعوبات التي يواجهها المسيحيون الذين فقدوا الإيمان والأمل، و"فروا من المناطق المسيحية في القدس وبيت لحم والناصرة".

 

 

المخرجة حنانيا

 

وقالت المخرجة الفلسطينية حنانيا، المقيمة في اليونان، إنّ الشعب الفلسطيني نادرًا ما يحصل على فرصة لتوثيق تاريخه، لكن فيلم "طريق الآلام" يظهر مسار الآلام من المكان الذي ولدت فيه المسيحية، وحيث أصبح وجودها مهدّدًا للغاية.

 

وقبل عرض الفيلم، قالت حنانيا للدبلوماسيين والجمهور في الأمم المتحدة في جنيف إنّ فيلم "طريق الآلام" هو أول فيلم وثائقي يوثق تاريخ المسيحية الفلسطينية من خلال عيون شعبها. وقالت: "فيلم يروي قصتهم كما عاشوها، خالية من التشويه، ومن دون نقص".

 

وأوضحت بأنّ الفيلم يمثّل "شهادة حيّة على دور المسيحيين الفلسطينيين في النضال من أجل العدالة، ودحض قوي للذين يسعون إلى محو هويتهم من الساحة الوطنيّة والدوليّة". وأردفت حنانيا: "في مواجهة المحاولات لمحو تاريخنا وتشريد شعبنا، نقف هنا لنعلن أن هذه الأرض ليست مجرد بقايا من الماضي، بل هوية حيّة لن يتم إسكاتها أو محوها."

بيلاي وخريشي

 

وقال الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي، القس الدكتور جيري بيلاي، أمام الجمع "بصفتنا مجلس الكنائس العالمي، نقف معكم، ومع كل من يسعون إلى العدالة والسلام والكرامة، والحقوق المتساوية لجميع الناس في الأراضي المقدّسة".

 

وأشار إلى أنّ مجلس الكنائس العالمي قد دعا "مرارًا وتكرارًا إلى الوقف الفوري وغير المشروط لإطلاق النار ووقف إراقة الدماء والدمار في غزة والسماح للمساعدات الإنسانيّة بالوصول إلى من هم في أمس الحاجة إليها"، ويدعو إلى الاعتراف "بالقيمة والكرامة المتساوية التي وهبها الله لحياة كل البشر، فلسطينيون، وإسرائيليون، مسلمون ويهود ومسيحيون. ولا يمكن أن يُبنى السلام المستدام إلا على ذلك الأساس وحده".

 

وقال: "لذلك، أدان المجلس أيضًا الهجوم على إسرائيل في 7 تشرين الأول." ومع ذلك، أضاف إنّ الأحداث المأساويّة التي شهدتها غزة على مدى الـ16 شهر الماضية، وفي سياق تصاعد العنف في الضفة الغربية، تمثل عكس السلام، وهو "الرفض والإنكار لإنسانية الآخر."

 

أما السفير فوق العادة ومفوض فلسطين في جنيف، إبراهيم خريشي، فقال: "رسالتنا من فلسطين، أرض الأديان، هي رسالة سلام، وتستند إلى الحقوق الوطنية والقانونية التاريخية للشعب الفلسطيني. لا يستطيع أحد طردنا من أرضنا، ولا تنفيذ أي شكل من أشكال التهجير القسري، أو التطهير العرقي، أو الهجرة القسرية."

 

الراهب

 

وفي حديثه أثناء المناقشة، حذر عالم اللاهوت الفلسطيني ومؤسّس ورئيس جامعة دار الكلمة في بيت لحم، القس الدكتور متري الراهب، من استئصال الوجود المسيحي في غزة. وأوضح بأنّ غزة كانت "مركزًا مسيحيًّا مهمًا في فلسطين"، مشيرًا من مسيحيتهم إلى جزء آخر من الأراضي المقدسة.

 

وقال: إنّ المسيحية لم تبدأ في روما أو فيتنبرغ أو كانتربري. بل بدأت في فلسطين.

 

وحذر ميتري من مخاطر الصهيونيّة المسيحيّة، واصفًا إياها بأنّها "أيديولوجية تستخدم الكتاب المقدس كسلاح للأغراض السياسية"، وأشار إلى أنه "بالنسبة لإسرائيل، سيكون الأمر سهلاً عليها أن يتم تصوير ذلك على أنه صراع بين اليهود والمسلمين".

 

ولكنه قال: "إنهم (الصهاينة المسيحيون) لا يهتمون بالشعب المسيحي في فلسطين"، ولا باليهود. وأضاف: "حان الوقت لإحلال السلام في الأرض التي ولد فيها السلام. فلسطين وهبت المسيح للعالم، وحان الوقت لإحلال السلام في فلسطين".