موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ١٨ ابريل / نيسان ٢٠٢٥
رسالة عيد الفصح 2025 لبطاركة ورؤساء الكنائس في القدس

أبونا :

 

من وسط الظلام الذي يكتنف منطقتنا، نحن -بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس- نعلن للعالم بجرأة رسالة حياة وأمل. إنّها نفس الرسالة التي أعلنها الملاك للنساء اللواتي أتين لينُحن عند قبر المسيح، وكما قال لهنّ الملاك: "لماذا تطلبن الحي بين الأموات؟ ليس هو ههنا، لكنه قد قام" (لوقا 24: 5). فعند سماع هذه الكلمات المذهلة، تحوّل حزن النساء فجأة إلى فرح، وحِدادهنّ إلى تهليل. لقد قام الرّب حقًا!

 

بعد ألفي عام، لا يزال نور المسيح الحيّ القائم من بين الأموات، الذي انبثق من القبر في فجر الفصح، يسطع في وجه الظلام، ويغلب قوّة الخطيئة والموت (رومية 8: 2). وكبشر، مررنا عبر التاريخ بأزمنة حرب وظلام. وكذلك في حياتنا الشخصيّة، نسقط أحيانًا. ولكننا نؤمن أنّ يسوع في موته قد حمل جسديًّا ثقل سقوطنا. ومع ذلك، لم يسحقه السقوط، بل نهض وقام من جديد. وقيامته النور الذي يبدّد الظلام، ويقيم من يسقطون، ويأتون إليه بإيمان (رومية 6: 4).

 

هذا النور العجيب الذي يُرشد شعب الله الأمناء ويقوّيهم، ليظهروا أعمال الله العظيمة في رحمته نحو الفقراء، والمنكسرين والمظلومين (1 بطرس 3: 9-10 ، لوقا 4: 18). وبامتنان عميق لنعمة الله المخلّصة في المسيح، نحتضن هذه الرسالة، لاسيّما ونحن نسعى إلى رعاية أولئك الذين عانوا كثيرًا في منطقتنا، ومؤاساتهم خلال سنة ونصف مضت.

 

ومع ذلك، لا يمكننا أن ننجز هذه المهمة الجسيمة وحدنا. لذلك، نناشد المسيحيين، وجميع ذوي النوايا الحسنة في أنحاء العالم، أن يجدّدوا التزامهم بالصلاة، والعمل من أجل التخفيف عن المتألمين، وإطلاق سراح جميع الأسرى، وإنهاء الحروب والاعتداءات التي سبّبت معاناة إنسانيّة لا تُقاس، وموتًا، ودمارًا في أرضنا المقدّسة الحبيبة، وفي بقاع أخرى من العالم تعاني نفس المصير.

 

وقبل كل شيء، فإنّنا ندعوهم أن ينضموا إلينا في العمل من أجل سلام عادل ودائم، يبدأ من القدس، مدينة القيامة، ويمتدّ من القدس إلى أقاصي الأرض (أعمال الرسل 1: 8).

 

وفيما نقدّم هذه الرسالة الفصحيّة إلى المسيحيين في كل مكان، نودّ أن نوجّه تحيّات خاصة إلى كنيستنا الأمينة من الإكليروس والمؤمنين الذين احتموا خلال العام والنصف الماضيين في كنيسة القديس برفيريوس الأرثوذكسيّة وكنيسة العائلة المقدّسة الكاثوليكيّة في غزة. كما نعبّر عن تضامننا مع الطاقم العامل في مستشفى الأهلي العربي، التابع للكنيسة الأنغليكانيّة، الذين واصلوا بشجاعة مدّ يد الله الشافية للجرحى في ظروف تفوق التصوّر من المعاناة.

 

وأخيرًا، نعبّر عن فرحنا بأنّ احتفال الكنائس الشرقيّة والغربيّة بقيامة الرّب يتزامن هذا العام في التاريخ نفسه، وهذا التلاقي المبارك يتلاقى مع الذكرى الألف وسبع المئة لانعقاد مجمع نيقية، أول المجامع المسكونيّة العظيمة التي جمعت قادة الكنيسة من مختلف أنحاء العالم.

 

نصلي أن يُلهم هذا التوافق السعيد كنائسنا، لتسعى بشكل أعمق نحو وحدة متزايدة في المسيح، ونحن نعلن لبعضنا البعض هذا العام –في اليوم نفسه- تلك التحيّة الفحصيّة القديمة التي لا تزال تتردّد أصداؤها عبر الأجيال: "المسيح قام! بالحقيقة قام! هللويا!".