موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ١٨ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٤
رسالة النائب الرسولي للاتين في سورية بمناسبة عيد الميلاد 2024
من النائب الرسولي، إلى الكهنة والرهبان والراهبات والمؤمنين، وأبناء أبرشية اللاتين في سورية
المطران حنا جلوف، النائب الرسولي للاتين في سورية (تصوير: موقع أبونا)

المطران حنا جلوف، النائب الرسولي للاتين في سورية (تصوير: موقع أبونا)

المطران حنا جلوف :

 

أكتب إليكم هذه الرسالة الميلادية في خضم الأوقات الصعبة التي تمر بها بلادنا طالباً من الطفل الإلهي الذي سنحتفل بعيد قدومه لخلاص البشرية أن يكون معنا ويبارك اعمالنا ويساعدنا على أن نرى الأشياء بعيون الإيمان والرجاء.

 

هذه السنة أعلنها قداسة البابا فرنسيس سنة يوبيل وعنوانها "الرجاء لا يخيب صاحبه (روما  5,5)".

 

إنّ الرجاء يولد من المحبة ويقوم على المحبة المتدفقة من قلب يسوع المطعون على الصليب وتظهر حياته في حياة الإيمان فينا، التي تبدأ بالمعمودية، وتنمو في الأنقياد لنعمة الله ولهذا يحييها الرجاء، الذي يجدّده عمل الروح القدس ويثبته دائمًا.

 

والروح القدس بحضوره الدائم في مسيرة الكنيسة، الذي يشعّ نور الرجاء في المؤمنين يبقيه مضاءً مثل شعلة لا تنطفئ أبداً، ليمنح حياتنا العون والقوة. فالرجاء لا يستسلم في الصعاب، إنه يرتكز على الإيمان ويتغذى من المحبة ويسمح لنا بأن نستمر في الحياة.

 

الحياة فيها أفراح وأحزان، والمحبة تتعرض للاختبار. عندما تزداد الصعاب ويبدو أن الرجاء ينهار أمام المعاناة والألم. ويقول القديس بولس، نفتخر بشدائدنا نفسها لعلمنا أن الشدة تلد الثبات، والثبات يلدُ فضيلة الاختبار وفضيلة الاختبار تلد الرجاء (رومة 5، 3-4). من هذا الرجاء يلد الصبر. لقد اعتدنا حتى الآن على أن نريد كل شيء فوراً، في عالم صارت السرعة فيه ميزة ثابتة. وهذه السرعة قضت على الصبر والتروي، وفي هذا ضرر كبير للناس. إذ يسيطر على حياتنا القلق والعصبية وأحياناً العنف الغير المبرر وكل هذا يولد فينا عدم الرضى والانغلاق.

 

يقول قداسة البابا فرنسيس بالاضافة إلى استمرار الرجاء من نعمة الله، نحن مدعوون لأن نكتشفه في علامات الأزمنة التي يقدمها الله لنا. لذلك من الضروري الانتباه إلى الصلاح الكثير الموجود في العالم حتى لا نقع في تجربة اعتبار أنفسنا غارقين في الشر والعنف. وعلامات الأزمنة، التي تتضمن أشواق قلب الإنسان، المحتاج إلى حضور الله الخلاصي، تقتضي أن تتحول إلى علامات رجاء.

 

أول علامات الرجاء هي السلام في العالم وخاصة في شرقنا، فمن حقنا أن نحلم بأن تصمت الأسلحة وتتوقف عن جلب الدمار والموت، وأن يعم السلام والوئام هذا البلد. وهذه المنطقة بالكامل وعلامة أخرى أن نحلم بأن نغلق السجون، ويعم العفو العام وتخفف الأحكام التي تهدف إلى مساعدة الأشخاص على استعادة الثقة بأنفسهم وبالمجتمع.

 

علينا في هذه السنة سنة الرجاء تقديم علامات الرجاء للمرضى سواء في البيت أو المشفى كي نجد آلامهم راحة في قرب الأشخاص الذين يزوروهم وفي المودة التي يلقونها معهم. إن أعمال الرحمة هي أيضاً أعمال رجاء، توقظ مشاعر الشكر في القلوب.

 

علامات الرجاء يحتاج إليها أيضاً الشباب، الذين يرون أحلامهم تنهار فالمستقبل يعتمد على حماسهم واندفاعهم.

 

نحن بحاجة لأن تفيض نفوسنا رجاء، في الرجاء فرحين وفي الشدة صابرين وعلى الصلاة مواظبين، لكي نشهد بطريقة صادقة وجذابة للإيمان والمحبة اللذين نحملهما في قلوبنا.

 

أرجو من الطفل الإلهي الذي سنحتفل بقدومه. أن يبارك ويحافظ على بلدنا وعلى أولادنا وعلى جميع المواطنين في هذا البلد الطيب، ليعود إلينا الاطمئنان والوئام والسلام من رب السلام.

 

أتمنى للجميع سنة مباركة وأعياداً مجيدة