موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢٠ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٥
رسالة المطران حنا جلوف لعيد الميلاد المجيد 2025
إلى الكهنةِ والرهبانِ والراهباتِ والمكرسينَ والمؤمنينَ وأبناءِ أبرشية ِاللاتينِ في سورية
المطران حنّا جلوف، النائب الرسولي للاتين في سورية

المطران حنّا جلوف، النائب الرسولي للاتين في سورية

أبونا :

 

انها رسالتي الثالثة اليكم بعد ان تسلمت مهامي الأسقفية بعد اختياري من الرب يسوع لأكون خادماً للكلمة ولكي أقود قطيع الرب الى المراعي الخصبة.

 

أيها الأحبّةُ في المسيحِ: 

 

أوجّه إليكم هذه الرسالة َالميلاديةَ، وقلبُنا جميعاً يئنُّ تحت وطأةِ المحنِ والتحدياتِ التي تعصفُ ببلاِدنا، ومع ذلك، نرفعُ أنظارَنا برجاءٍ نحو الطفلِ الإلهي، الذي نتهيّأُ لاستقبالهِ في سرِّ التجسّدِ، مبتهلينَ أن يفيضَ علينا ببركاتهِ، ويملأََ حياَتنا سلاماً ونوراً.

 

نختتمُ عاماً حمل اسمَ "سنةِ الرجاءِ"، كما أعلنهُ قداسةُ البابا الراحلِ فرنسيس، فكانَ يوبيلاً يذكّرُنا بأنَّ "الرجاءَ لا يخيب" (روما ٥:٥). نعم، الرجاءُ هو النورُ الذي لا ينطفئُ، حتى حينَ تشتدُّ الظلماتُ، وتثقلُ القلوبَ بالألمِ والقلقِ، وتضطربُ الأرواحُ في دوّامةِ العنفِ والضياعِ غير المبررِ، وكلُ هذا يّوِلدُ فينا نوعاً من الاغترابِ وعدم ِالوضوح في الرؤيا. 

 

في قلبِ هذا الليلِ، يسطعُ نورُ التجسّدِ، فيأسرَ قلوَبنا ويوقظَ فينا رجاءً جديداً: "اليومَ وُلد لكم مخلّصٌ، هو المسيحُ الربُ. تجدونَه طفلاً مقمّطاً مضجعاً في مذودٍ." هذا الطفلُ هو كلمةُ اللهِ المتجسّدةِ، وهو الجوابُ الإلهي على أنينِ البشريةِ المتعطّشة ِللخلاصِ والحرية.

 

في ضعفِ المذودِ، يتجلّى مجدُ اللهِ، وفي بساطةِ الطفلِ، يسطعُ حبُّ الله الأمين، الرافضِ لكل عنفٍ وكبرياءٍ وتسلّطٍ فالله لا يخلّصنا بالقوة، بل بالرحمة ولا يفرضُ نفسِه، بل يهبُ ذاتَه.

 

بميلادِ المسيحِ، أشرقَ نورٌ عظيمٌ على الرعاةِ، نورُ النعمةِ الذي لا يزال يضيءُ دروبَنا. نحنُ اليومَ، أكثرُ من أي وقتٍ مضى، بحاجةٍ إلى هذا النورِ الأزلي، نورٌ يدفئُ القلوبَ ويبدّدُ ظلماتِ العالم. إن معرفةَ المسيحِ في حياتنا ليست مجرّد َمعرفةٍ عقليةٍ، بل لقاءٌ يغيّرُ الحياةَ. فلنسأل ذواِتنا: لماذا جاءَ المسيحُ إلى الأرضِ؟ جاء ليعلّمَنا أن نبنيَ عالماً يرتكزُ على العدلِ والحقِ والأخوّةِ والكرامةِ، جاء ليكشفَ لنا أن كلَ إنسانٍ، مهما كان دينه أو عرقه أو لونه، هو محبوبٌ من الله، لأن اللهَ محبة، وكلنا أبناءُ له، وحتى أولئكَ الذينَ لا يريدون َ المسيحَ ولا يُحبونَ التلفظَ باسمه ِ ينعمون َ بنعمه. كلُ ميلادٍ هو بدايةٌ جديدةٌ، هو عهدٌ يتجدّدُ بين الله والإنسانِ، ونورُ الميلادِ، وإن حاول البعضُ طمسَه، يبقى مشعاً في القلوب المؤمنة.

 

أصلّي إلى الطفل الإلهي، الذي سنحتفلُ بقدومهِ أن يحفظَ وطننا الحبيبِ سورية، ويبارك عائلاِتنا، ويمنحَ قادَتنا الحكمةَ ليسيروا بشعبهم نحو السلام والطمأنينة والعدالة. ليكن هذا الميلادُ بدايةً لزمنٍ جديدٍ، زمنُ حريةِ أبناء الله.

 

أتمنى للجميعِ أعياداً ميلاديةً مجيدةً، وسنةً جديدةً مفعمةً بالرجاءِ والبركةِ.