موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
رئيس الأساقفة غالاغر خلال زيارته إلى الأردن (تصوير: موقع أبونا)
في إطار الاحتفال بيوبيل العسكريين، شارك أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان للعلاقات مع الدول والمنظمات الدوليّة، رئيس الأساقفة بول ريتشارد غالاغر، في مؤتمر عُقد في المعهد الفرنسي – مركز القديس لويس في روما، حول موضوع "عسكريون من أجل تحقيق السلام".
وفي مداخلته، شدّد غالاغر على أن شجاعة السلام لا تقتصر على البحث عن وقف إطلاق النار أو عن تبني إجراءات من شأنها أن تحمي السكان المدنيين وحسب لأن هذا الأمر يتطلب التدخل قبل اندلاع العنف، ويقتضي أيضًا نبذ كل منطق يجرد الشخص من إنسانيته، وكل ما من شأنه أن يولّد صراعات، إذ لا بد أن يتم العمل من أجل بناء التضامن والأخوة، متسلحين بالعزم على تخطي كل عدائية. كما ينبغي أن نعمل مع شعوب الأرض من أجل بلوغ مصالحة حقيقة ودائمة، لاسيما في هذا السياق الدولي المعقد الذي نشهده اليوم.
وعاد سيادته بالذاكرة إلى الثامن من حزيران من العام 2014، عندما التقى البابا فرنسيس في الحدائق الفاتيكانية بالرئيسين الإسرائيلي والفلسطيني، وتحدّث الحبر الأعظم آنذاك عن شجاعة صنع السلام. ثم انتقل غالاغر إلى الحديث عن الواقع العسكري الذي تبدل اليوم، وأضاف أن السلام لم يعد اليوم من المسلمات خصوصًا في وقت تنمو فيه الشكوك حيال قدرة المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية على الحفاظ على ثقة الشعوب.
وسلّط سيادته الضوء على تعاليم البابوات السابقين، منذ المجمع الفاتيكاني الثاني، التي أكدت على أن الإنسان يعيش في وهم عندما يعتقد أن السلام هو مجرد غياب الحروب والصراعات المسلحة، خصوصًا وأن الحرب اليوم لا تقتصر فقط على استخدام القوة. ورأى سيادته أن الصراعات الراهنة اليوم متعددة الأبعاد وهي تتطلب مقاربة متكاملة للقضايا الأمنية، ما يشمل الأمن الغذائي والبيئي والصحي والاقتصادي، وكلها مسائل لا بد أن تؤخذ في عين الاعتبار. ومن هذا المنطلق ينبغي أن يُبنى نظام يرتكز إلى العدالة والمحبة، ويكون أيضًا ثمرة التضامن وحماية بيتنا المشترك وتعزيز الخير العام.
في سياق حديثه عن الصراعات المسلحة قال غالاغر إنّ العالم يشهد حروبًا تقليدية، بالإضافة إلى العديد من الحروب التي تُخاض بالإنابة، فضلا عن الحروب الأهلية والهجينة، والصراعات المجمدة وتلك التي أُرجأت، وهناك حروب باتت تتحول إلى صراعات عابرة للحدود. وأكد أن الوضع الجيوسياسي يكون أحيانًا كثيرة معقدًا جدًا ومستقطبًا ويصبح البحث عن حلول أمراً صعبًا للغاية.
كما توقف سيادته عند استخدام أنواع جديدة من الأسلحة، لافتًا إلى أن العديد من الدول تملك أسلحة للدمار الشامل وتستخدم أيضًا الذكاء الاصطناعي. وقال إن هذه التكنولوجيات والأنظمة المتطورة تسمح بضرب الأهداف دون أي تدخل مباشر من قبل الإنسان، وهي مسألة تحمل أبعادًا خلقية هامة.
ختاماً عاد المطران غالاغر ليذكر بأن كرامة الإنسان والمبادئ الخلقية هي ركيزة مجتمعاتنا البشرية، وهي تجمع بين الأشخاص بغض النظر عن الاختلافات السياسية والثقافية والدينية، والتقيد بها يتطلب شجاعة، وهو شرط أساسي لبناء السلام ولقيام نظام دولي متناغم.