موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
مع اقتراب الشهر الثاني عشر للحرب المدمّرة في غزة، نعبّر نحن، بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس، مرة أخرى، مضطرين، عن قلقنا البالغ إزاء الاتجاه الخطير الذي تسير فيه الأحداث. فبالرغم من الدعوات المتكررة من جانبنا والمجتمع الدوليّ لخفض مستوى العنف، فإنّ الوضع في أرضنا المقدّسة ما زال يعاني من تدهور مستمرّ.
لا يزال ملايين اللاجئين مشرّدين، غير قادرين على الوصول إلى منازلهم التي دمرت أو أصبحت غير صالحة للسكن. ويتم قتل أو إلحاق الإصابات بمئات الأبرياء أسبوعيًّا بسبب القصف العشوائي. وما زال عدد لا يحصى من الأشخاص يعانون من الجوع والعطش والأمراض المعدية. ومن بينهم كافة من يعيشون في الأسر وهم يواجهون خطر سوء المعاملة. وهناك آخرون، تعرّضت قراهم ومراعيهم وحقولهم لهجمات غير مبرّرة.
وفي خضم كل هذا، استمرّت مفاوضات وقف إطلاق النار بلا نهاية، حيث يبدو أن هناك قادة أكثر اهتمامًا بالمكاسب السياسيّة من إنهاء السعي وراء الموت والدمار. هذه التأخيرات المتكرّرة، بالإضافة إلى أعمال استفزازية أخرى، لم تؤدِ إلا إلى تصعيد التوترات لدرجة أنّنا نقف الآن على حافة حرب إقليمية شاملة.
وفي ظل هذه التطوّرات المقلقة، نناشد نحن، بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس، قادة الأطراف جميعًا مجددًا أن يستجيبوا لدعواتنا ودعوات المجتمع الدولي (قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2735) للتوصل إلى اتفاق سريع لوقف إطلاق النار الذي يؤدي إلى إنهاء الحرب، وإطلاق جميع سراح جميع الأسرى، وعودة النازحين، ومعالجة المرضى والجرحى، وتخفيف معاناة الجوعى والعطشى، وإعادة بناء جميع المنشآت المدنيّة العامة والخاصة التي دمّرت.
وبنفس القدر من الأهميّة، ندعو قادة الشعوب، بالتعاون مع المجتمع الدوليّ، إلى الشروع دون تأخير في مفاوضات دبلوماسيّة تعالج المظالم طويلة الأمد، بحيث تؤدي إلى خطوات ملموسة للوصول إلى سلام عادل ودائم في منطقتنا من خلال تبني حلّ الدولتين وفق الشرعيّة الدوليّة.
وفي حين نطلق هذه الدعوات للصالح العام، فإنّنا نعبّر عن قلقنا الخاص على رعايانا، بما في ذلك من لجأوا إلى كنيسة القديس برفيريوس الأرثوذكسيّة وكنيسة العائلة المقدّسة الكاثوليكيّة في غزة، وكذلك طاقم العمل الشجاع في مستشفى الأهلي الإنجيلي والمرضى تحت رعايتهم. ونعهد لهم بصلواتنا ودعمنا المستمرّ، سواء الآن أو بعد انتهاء الحرب، حيث سنعمل معًا على إعادة بناء وتعزيز الوجود المسيحيّ الأصيل في غزة وفي جميع أنحاء الأرض المقدّسة.