موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٥ مايو / أيار ٢٠٢١
اهتمام البابوات المتواصل بالعمل وظروف العاملين: الكنيسة تتابع العمال بأمومة واهتمام ومحبة
مع الاحتفال بعيد القديس يوسف العامل وعيد العمل والعمال في الأول من أيار نتذكر بعض ما قال البابوات عن العمل ما يؤكد اهتمام الكنيسة بالعاملين وظروفهم.

فاتيكان نيوز :

 

احتفلت الكنيسة في الأول من أيار بعيد القديس يوسف العامل واحتفل العالم بكامله بعيد العمل والعمال. وغنيّ عن التذكير اهتمام قداسة البابا فرنسيس بالعمل وظروف العاملين، اهتمام ميز أيضًا أسلافه المتوالين على الخدمة البطرسية خلال العقود الماضية.

 

ففي الأول من أيار 1955 على سبيل المثال تحدّث البابا بيوس الثاني عشر عن العمل والعمال مذكرًا بتأكيده وتأكيد الكنيسة على محبتها للعاملين بينما تنتشر افتراءات على الكنيسة متهِمة إياها بالتحالف مع الرأسمالية ضد العمال. وأكد حينها أن الكنيسة كأم ومعلمة للجميع تهتم دائما بأبنائها الذين يعيشون ظروفا صعبة، وقد ساهمت بقوة فيما تم تحقيقه من تقدم بالنسبة لفئات عديدة من العاملين، وتوقف بشكل خاص عند أهمية العدالة وروح الأخوّة في العمل.

 

ومن العدالة والأخوّة انطلق بعد خمس سنوات البابا يوحنا الثالث والعشرون ليتحدث عن التناقض الذي يريد البعض تغذيته بين الظروف الملموسة للعاملين والجانب الروحي للإنسان، حيث توقف في رسالة إذاعية لمناسبة عيد القديس يوسف سنة 1960 عند الإيديولوجيات الخاطئة مشيرًا من جهة إلى تلك التي تقوم على الحرية غير المكبوحة، ومن جهة أخرى إلى تلك التي تقمع الشخصية.

 

وقال إن هذه الإيديولوجيات حاولت حرمان العامل من عظمته محولة إياه إلى أداة صراع وتركته بمفرده، كما وحاولت زرع خلاف بين فئات الحياة الاجتماعية، وحاولت فصل العاملين عن الله الذي هو وحده حارس البسطاء والذي منحنا الحياة، وكأن ظروف العمال يُفترض أن تعفيهم من واجب معرفة الله، تمجيده وخدمته. وأوضح بأن الكنيسة تتابع العمال بأمومة واهتمام ومحبة، وهي قريبة بشكل خاص ممن يقومون بأعمال شاقة ومَن لا يتوفر لديهم عمل ثابت ويطرحون بقلق تساؤلات حول مستقبل عائلاتهم، الكنيسة قريبة أيضَا ممن اختبرهم المرض وحوادث العمل. وأكد عدم التوقف عن دعوة مَن لديه المسؤولية والسلطة والأدوات إلى العمل من أجل ضمان ظروف عمل وحياة أفضل، وفي المقام الأول من أجل ضمان الحق في عمل ثابت وكريم للجميع.

 

حبر أعظم آخر، البابا بولس السادس، توقف عند العمل وعلاقته بالكرامة البشرية. وأكد في عيد القديس يوسف سنة 1969 على ضرورة تفادي الخوف من المشاكل التي يشهدها في تلك الفترة عالم يهتم بالثراء الاقتصادي. وتابع أن الخيور الاقتصادية جديرة باهتمامنا كمسيحيين أيضًا ولكن شرط ألا تكون هدفا في حد ذاتها بل أدوات لدعم الحياة التي تتطلع إلى خيور أسمى، وألا تكون الخيور الاقتصادية محور أنانية جشعة بل وسيلة وموردا لأعمال المحبة، ألا تُستخدم لإعفائنا من العمل الشخصي وتخويلنا بالتمتع بما تُعرف بمتع الحياة، بل أن تُستخدم في الاهتمام النزيه والموسع بالخير العام.

ذكَّر من جانبه البابا الفخري بندكتس السادس عشر في القداس الإلهي احتفالا بعيد القديس يوسف سنة 2006 بإشارة الكتاب المقدس إلى ارتباط العمل بالإنسان، وأشار إلى أهمية العمل من أجل تحقيق الإنسان لذاته وبالنسبة لترقي المجتمع. ولهذا فعلى العمل أن ينظَّم وأن يتم دائمًا في احترام للكرامة البشرية وفي خدمة الخير العام، حسب ما ذكر، محذرًا في الوقت ذاته من عبادة العمل ومن أن يكون الإنسان عبدا له أو أن يرى فيه المعنى النهائي للحياة. وذكَّر البابا الفخري في هذا السياق بوصية الله: "أذكر يوم السبت لتقدسه. في ستة أيام تعمل وتصنع أعمالك كلها. واليوم السابع سبتٌ للرب إلهك".

 

أما البابا يوحنا بولس الثاني فتحدث على سبيل المثال سنة 1983 عن تحليل العمل في ضوء عمل الخلاص الإلهي، وأشار انطلاقا من هذا إلى ضرورة تحلي المسيحيين بمسؤولية متجددة إزاء مشاكل العمل مثل العمل غير العادل والمحروم من الحماية، مشددًا على أن أخلاقيات العمل تتعلق في المقام الأول بالبعد الذاتي للعمل أي بالإنسان كشخص والذي هو الأساس الرئيسي للعمل.