موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ١٩ سبتمبر / أيلول ٢٠٢٢
المطران عطاالله حنا يوجّه رسالة للشببيبة المسيحية في فلسطين
المطران حنا يشارك في افتتاح المهرجان (تصوير: أحمد مزهر - وفا)

المطران حنا يشارك في افتتاح المهرجان (تصوير: أحمد مزهر - وفا)

القدس العربي :

 

وجّه المطران عطاالله حنا، رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس، الأحد 18 أيلول 2022، رسالة إلى الشبيبة المسيحية الفلسطينية، والتي تعقد مهرجانها في هذه الأيام في مدينة بيت لحم بعنوان: "قصة ابن البلد 2"، حيث تمنّى فيها لهم التمسك بإيمانهم وبانتمائهم لوطنهم.

 

وقال المطران بأنه يخاطب الشباب متمنيًا لهم بأن يكونوا دائمًا مخلصين لإيمانهم المسيحي، وتابع: "كونوا مسيحيين حقيقيين متشبثين بقيم الإنجيل المقدّس وتعاليمه ورسالته في هذا العالم. وانطلاقًا من إيماننا المسيحي نؤكد بأننا سنبقى دومًا دعاة حق وأخوة وسلام، وليس مطلوبًا منا أن نكون حياديين في الشأن الوطني، والحيادية في الشأن الوطني إنما تثير علامات استفهام كثيرة، فنحن لا نعيش أزمة هوية فهويتنا معروفة للقاصي والداني، نحن مسيحيون نجاهر بمسيحيتنا ونتمسك بها، ونحن فلسطينيون ننتمي إلى هذا الوطن وإلى هذه القضية العادلة التي هي قضيتنا جميعا كأبناء للشعب الفلسطيني الواحد".

 

وقال إنه يدرك جيدًا أن هنالك شريحة من الشباب تعيش حالة خوف من مستقبل مجهول بسبب الأوضاع الراهنة، وبسبب ما يحيط بهم من تحديات. وهنالك شباب ينتظرون تأشيرة السفر لكي يغادروا بلدهم ويهاجروا إلى بلدان أخرى، وهنالك من يتقوقعون ويتوهمون بأن المسيحيّة التي ننادي ونؤمن بها إنما هي عازل وحائل يقف بيننا وبين إخوتنا الآخرين من أبناء هذا الوطن.

 

وتابع: "أقول لشبابنا الذين يفكرون بالهجرة؛ لا تفكروا بذلك، فهذا خطأ كبير ترتكبونه، لأنكم لن تجدوا مكانًا أجمل من فلسطين في هذا العالم، وما أقوله لكم ليس شعارًا وكلامًا فضفاضًا كما يظن البعض، بل هذا هو الواقع". ودعاهم لسؤال من سافر خلال الحقب المنصرمة، وبعضهم يشعر بالندم على قرار خاطىء اتخذه في حياته، ولا يجد طريقة لتصحيح هذا الخطأ.

 

وأضاف مناديًا: "لا ترتكبوا هذا الخطأ الفادح لأن هجرة المسيحيين، وخاصة شريحة الشباب من هذا الوطن، إنما هي خسارة لنا جميعًا، وخسارة لكم أنتم بنوع خاص، لأننا لا نريد أن تشعروا بالغربة، ولا نريد أن تتحول كنائسنا إلى متاحف يؤمها الزوار والحجاج الآتون إليها من كل حدب وصوب". منوهًا بأن البعض يوجهون سهام اتهاماتهم للقيادات الكنسيّة، والبعض الآخر يحدثوننا عن ظاهرة التطرف والأصوات العنصرية، وكذلك انعدام وجود تصاريح تسهل حركة الانتقال من مكان إلى مكان، وكلها مبررات لا طعم لها ولا لون، ولا يجوز أن تجعل الشاب المسيحي أن يشعر بالغربة وأن يفكر بالهجرة.

 

 

بلادنا مقدسة

 

وقال المطران حنا، في مخاطبته للشباب الفلسطينيين المسيحيين، إنّ فلسطين أرض مقدسة ليس فقط بتاريخها ومقدساتها باعتبارها مهد المسيحيّة، بل هي مقدّسة لأن فيها أقدم وأعرق حضور مسيحي في هذا العالم، وهو امتداد للجماعة المسيحية الأولى التي عاشت في هذه الديار منذ أكثر من ألفي عام.

 

ومضى يحثهم لعدم الهجرة: حافظوا على هذا التاريخ وحافظوا على هذا التراث، فهذه مسؤوليتنا جميعًا، وقال إنها مسؤولية الكنيسة ومسؤولية القيادة السياسية، كما أنها مسؤولية الأفراد كبارًا كانوا أم صغارًا من أجل أن يبقى الحضور المسيحي نابضًا بالحياة في هذه الأرض المقدسة. وتابع: "كونوا شهودًا للإيمان في هذه البقعة المقدّسة التي منها انطلقت رسالة الإيمان إلى مشارق الأرض ومغاربها، وكونوا مدافعين حقيقيين عن شعبكم وقضيتكم فهذه القضية هي قضيتنا كما هي قضية كل أبناء الشعب الفلسطيني الواحد".

 

كذلك دعاهم لعدم تحويل سياسات الاحتلال ومن التيارات المتطرّفة والخطاب الإقصائي الذي نسمعه في بعض الأحيان سببًا يدخلكم إلى أزمة وحالة من التوتر والخوف، لأن حالة من هذا النوع هي التي تؤدي إلى الهجرة وإلى الرحيل. وأضاف "كونوا أقوى من الاحتلال ومن أبواقه ومن الطابور الخامس ومن أصوات التطرف والتخلف أيًا كان شكلها وأيًا كان لونها. لا تضعفوا أمام هذه المظاهر، كونوا أقوياء لأن إيماننا يعلمنا أن نكون أقوياء في الشدائد والآلام والأحزان والظروف الصعبة".

 

 

لا تكونوا مسيحيين بالاسم

 

وحثّ المطران الشباب بألا يكونوا مسيحيين بالاسم، وقال ما أكثر أولئك الذين يقولون إنهم مسيحيون، ولكنهم لم يأخذوا شيئا من المسيحيّة سوى الشعارات، يلبسون صليبًا وبعضهم يضع أوشامًا، ولكنهم مع أي ظاهرة سلبية نراهم يخافون ويترددون ويفكرون بالرحيل والهجرة. ويتساءل أين أنتم من الصليب الذي يعلمنا المحبة والتضحية والفداء؟ أين أنتم من المسيحية الحقّة التي تعلمنا الصمود والبقاء والثبات رغمًا عن كل الظروف الصعبة التي نعيشها ونلمس وجودها.

 

وتابع: "قد يقول قائل بأن هذا المطران يتحدث وكأنه يعيش في كوكب آخر، ولا يرى ما يعيشه شبابنا وأبناؤنا، وجوابي على ذلك بأن ما تعيشونه وتسمعونه وترونه نعيشه ونراه أكثر منكم، وندركه ونعرفه أكثر من أي واحد منكم، ولكننا نؤمن ونعتقد بأنه أن تكون مسيحيًا هذا يعني أنك يجب أن تكون ثابتًا في إيمانك وحضورك وفي شهادتك للمسيح والكنيسة".

 

ونبّه بأن كلماته هذه ليست شعارات رنانة، كما يحلو للبعض أن يصفها في بعض الأحيان، بل هذا هو إيماننا، وهذه هي قيمنا، وهذه هي الرسالة التي يجب أن ننادي بها. وتابع، بالقول: "كونوا مسيحيين حقيقيين، وليس مسيحيين سطحيين موسميين تتذكرون أنكم مسيحيون فقط في الأعياد والمواسم. كونوا مسيحيين متحلّين بقيم الإيمان والصليب مزروع في قلوبكم، وليس فقط معلقًا في أعناقكم وأحبوا وطنكم، وهو وطن الميلاد والقيامة والتجسد والفداء، ومهما علت أصوات التحريض والعنصرية والكراهية والتطرف لا يجوز أن يجعلنا هذا ننحرف ونترك المبادىء التي يجب أن نتمسك وأن ننادي بها".

 

وخلص المطران عطالله حنا للقول: "لا تجعلوا أحدًا يؤثّر عليكم ويجعل بوصلتكم تنحرف، كونوا أقوياء متحلين بإيمان قوي ومحبة لا حدود لها، ومن يتطاولون ويحرّضون ويسيئون ندعو لهم بالهداية لكي يعودوا إلى إنسانيتهم وإلى رشدهم. نسأل الله بأن يحفظكم، وأن يحفظ من بقي من مسيحيين في هذه الديار، مع تمنياتي لكل واحد منكم بأن تكونوا متمسكين بإيمانكم وبهويتكم العربية الفلسطينية المشرقية".