موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
حوار أديان
نشر الثلاثاء، ١٢ ابريل / نيسان ٢٠٢٢
"المسحّراتي" طقس رمضاني يقاوم التكنولوجيا في دمشق
مسحراتيان يجوبان أحد شوارع دمشق في 7 نيسان 2022

مسحراتيان يجوبان أحد شوارع دمشق في 7 نيسان 2022

أ ف ب :

 

أ ف ب قُبيل ساعة من ارتفاع أذان الجامع الأموي الكبير في دمشق القديمة، يصدح صوت المسحّراتي حسن الرشي وهو ينادي "يا نايم وحّد الدايم" ليوقظ الصائمين لتناول وجبة السحور، في موروث رمضاني مستمر في الأحياء الشعبية في سوريا.

 

في كل ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك، يخرج حسن (60 عامًا) مع صديقه شريف رشو (51 عامًا)، يجوبان الأزقة الضيقة مخترقين الهدوء السائد بقرعهما على طبلة لإيقاظ الصائمين. وهما عينة من قرابة ثلاثين مسحرًا يحافظون على هذا التقليد في دمشق.

 

ويقول حسن (60 عامًا) لوكالة فرانس برس "رغم وجود الهواتف المحمولة والتكنولوجيا المختلفة، لكن الناس يحبّذون الاستيقاظ على صوت المسحراتي". ويضيف "أصبح المسحراتي جزءًا من عادات وتقاليد أهل الشام في شهر رمضان، وهذا تراث لن نتركه".

 

بين أحياء مُنارة وأخرى يسودها ظلام دامس، ينتقل حسن مع صديقه. يمسك بيده اليُمنى عصا مصنوعة من الخيزران، وبيده الأخرى طبلة صغيرة مصنوعة من الفخار ومكسوة بجلد الماعز. يسيرُ بخطوات مُتسارعة في الأزقة، ويطرق بعصاه على أبوابِ من يعرفهم وكلّفوه مُسبقاً بإيقاظهم. ويتفنن أحياناً في القرع على الطبلة بطريقة إيقاعية.

 

ويشرح "نشعر بالبهجة حين نخرج كلّ يوم. أحيانًا، يلحق بنا بعض الأطفال ويطلبون القرع على الطبلة وترداد نداء +قوموا على سحوركم.. إجا رمضان يزوركم+".

 

قبل أن يرتفع الأذان بدقائق، يطرق شريف على باب أحد جيرانه ليشرب كوبًا من الماء، مستبقًا بدء موعد الصيام ليوم جديد. وقد يحملُ المسحراتي بيده أحيانًا سلّة من القش أو حقيبة من القماش لوضع ما قد يُقدم له من طعام. وهو إجمالاً لا يتقاضى أجرًا ماديًا.

 

ويقول شريف لفرانس برس "معدّاتي بسيطة، هي صوتي وطبلتي وعصاي (..) لم أتوقف عن أداء هذا الواجب منذ نحو ربع قرن، حتى خلال الحرب أو تفشي كورونا". ويُضيف الرجلُ الذي غزا الشيب لحيته الخفيفة "سأبقى أوقظ الناس على السحور طالما أن في حنجرتي صوتًا قادر على الارتفاع والصراخ، إنها أمانة حملتها عن أبي وسأحمّلها لولدي".