موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٣ أغسطس / آب ٢٠٢٤
الكاردينال سيميرارو: كان البطريرك الدويهي راعيًا تألّم من أجل قطيعه ومعه

فاتيكان نيوز :

 

ترأس عميد دائرة دعاوى القديسين الكاردينال مارتشيلو سيميرارو، مساء الجمعة، في باحة الصرح البطريركي في بكركي القداس الإلهي لإعلان تطويب البطريرك الماروني اسطفان الدويهي. وللمناسبة ألقى عظة قال فيها في كثير من الأحيان، عندما نصلّي بالمزامير، يحدث أن نكرِّر الآية التي أنشدناها قبل إعلان الإنجيل: "الصديق كالنخل يزهر، ومثل أرز لبنان ينمي". وللنخل خاصية: جذعه طويل وأجرد، ولكنه يرتفع نحو السماء وفي الأعلى يقدم ثماره للبدو الذين يسيرون في الصحراء. هكذا يجب على الإنسان البار أن يكون: مصدر سلام وحياة لإخوته عندما يسيرون في الصحراء، أي في صعوبات الحياة. ثم هناك المقارنة الثانية التي تتحدث عن "أرز لبنان" وعلى الأقل بالنسبة لي أيها الإخوة والأخوات الأعزاء؛ أنا الذي جئت إلى هنا من روما، هذه الصورة لها تأثير خاص جدًا. يتلألأ الأرز لجلالته ولخضرة أوراقه وجودة خشبه. وفي التفسير المسيحي، هو يمثل المؤمن المغروس جيدًا في بيت الله، الذي هو الكنيسة، والذي يمنح ذاته لخدمة إخوته.

 

تابع: عندما جاء البابا بندكتس السادس عشر إلى لبنان، ذكّر أن الهيكل الذي بناه سليمان كان مؤثثًا من الداخل بخشب أرز لبنان. وقال إن لبنان كان حاضرًا في هيكل الله. وتذكر، وكان حاضرا، البطريرك بشارة بطرس الراعي الذي عانقته بمودة أخوية. وأضاف البابا الكلمات التي نسمعها اليوم مجددًا بكثير من الرجاء: "ليبقى لبنان اليوم، وسكانه، حاضرين في هيكل الله! ليبقى لبنان مكانًا يعيش فيه الرجال والنساء في وئام وسلام مع بعضهم البعض لكي يقدم للعالم ليس فقط شهادة لوجود الله، وإنما أيضًا شهادة للشركة بين الرجال والنساء، مهما كانت انتماءاتهم السياسية والجماعيّة والدينية".

 

أضاف: بهذا الرجاء عينه، ننظر اليوم إلى الطوباوي الجديد اسطفان الدويهي. لقد كان بطريركاً للكنيسة المارونية لأكثر من ثلاثين عاماً، خلال مرحلة صعبة جداً بسبب الاضطهاد الخارجي والانشقاق الداخلي. وخلال كل هذه السنوات، يمكننا القول إنه لم يعرف يومًا واحدًا من السلام والهدوء. لا بل وجب عليه عدة مرات أن يترك الكرسي البطريركي ليلجأ إلى أماكن أكثر أمانًا بالتأكيد، ولكن في ظروف صعبة. لقد عاش كل شيء كدعوة للمشاركة في آلام المسيح. لذلك لم يكن في قلبه أي استياء، بل كان يقول للذين أساءوا إليه واضطهدوه: "أنا أسامحك على ما فعلته بي، وأنا على استعداد لأن أعاني أكثر محبة بالرب الذي تألم ومات من أجلي".

 

تابع: فتشبّه هكذا بصورة الراعي الصالح في الإنجيل الذي يتخذ يسوع قدوة ومرجعًا. لقد سمعنا للتو كلماته: "أَنا الرَّاعي الصَّالِح والرَّاعي الصَّالِحُ يَبذِلُ نَفْسَه في سَبيلِ الخِراف". هذه الصورة، إذا نظرنا إليها عن كثب، ليست مجرد صورة راعي، وإنما هي صورة "الراعي الصالح". وبالتالي ربما علينا أن نفكر في هذا القول للحظة. ماذا يريد الرب أن يقول؟ وهل كانت هذه الإضافة ضرورية؟ أعتقد ذلك، لأن النبي حزقيال كان قد تحدث عن الرعاة الذين، بدلاً من أن يرعوا الخراف، كانوا يرعون أنفسهم. واليوم أيضًا، للأسف، تحدث مثل هذه الأمور. هناك أشخاص، بدلاً من أن يخدموا الخير العام، يفكرون في رفاهيتهم.

 

أضاف: لذلك ولهذا السبب يتحدث يسوع عن الراعي "الصالح". نكون صالحين عندما نغذي في قلوبنا النية لفعل الخير ثم نقوم به من خلال خيارات وتصرفات مناسبة. لكن يسوع يذهب إلى أبعد من ذلك بكثير: الراعي الصالح هو الذي يبذل نفسه في سبيل خرافه. وهذا ما اقتدى به الطوباوي اسطفان حقًا. لقد كان راعيًا تألّم من أجل قطيعه ومعه، وفعل كل ما في وسعه للدفاع عنه وحمايته ومساعدته على النمو. لكنه كان أيضاً حذراً وحتى دبلوماسياً. ففي إحدى رسائله المعروفة إلى الملك الفرنسي لويس الرابع عشر، كشف كلَّ آلام الشعب وطلب منه أن يأخذه تحت حمايته. هناك جانب آخر يستحق الطوباوي اسطفان أن نتذكره من أجله، وهو جانب ذات آنيّة كبيرة في الكنيسة اليوم: الجانب المسكوني. في الواقع، لقد مارس البطريرك إسطفان أيضًا المحبة المسكونية، إذ كان يحركه على الدوام شعور قوي بكاثوليكية الكنيسة التي تعيش في سياقات - كما ذكرنا سابقًا - غالبًا ما تكون صعبة بسبب العلاقات مع الطوائف المسيحية الأخرى ومع الإسلام.

 

وختم الكاردينال سيميرارو عظته بالقول: إنَّ الأمثلة التي تصلنا منه هي إذن أمثلة المحبة الرعوية، ومحبة الكنيسة، والشعور بالأخوة الكاثوليكية. لنطلب من الرب إذن أن نعرف نحن أيضًا كيف نعبر بهذه الطريقة أيضًا، بشفاعة الطوباوي اسطفان، عن كوننا كنيسة، وكوننا أصدقاء وإخوة في المسيح ربنا.