موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
المطران قيس صادق
كان القدّيس يوحنا الذهبي الفهم معروفًا بقدرته على تفسير الكتاب المقدّس. وكان مُعجبًا كلّ الإعجاب ببولس الرسول، ففسّر رسائله. ولكي يتأكّد مِن صحّة تفسير الرسائل سأل الربّ أن يعطيه علامة.
في ذلك الزمن، تمرّد على الأمبراطور أركاديوس رجل مِن النبلاء. فاستولى الإمبراطور على ممتلكات الرجل، وهدّده بالإعدام. فشعر الرجل النبيل باليأس، وقرّر أن يستنجد بالقدّيس يوحنا.
فلمّا وصل إلى الصرح البطريكيّ، لم يستطع القدّيس بوحنا أن يقابله حالاً، وطلب منه أن يعود إليه في المساء. وقال القدّيس يوحنا لأحد الكهنة المعاونين، واسمه بروكلوس، وقد خلف القدّيس يوحنا لاحقًا كبطريرك القسطنطينيّة، أن يدلّ الرجل على مكان غرفته عند وصوله.
فعاد الرجل النبيل وذهب بروكلوس إلى البطريرك ليعلن له قدوم الزائر.
كان باب الغرفة مغلقًا، وسمع بروكلوس أصوات نقاش، فنظر مِن ثقب الباب. كان القدّيس يوحنا جالسًا يكتب، ورجلٌ أصلع محدودب قليلاً، واقف خلف كتفه ينظر ويكلّم القدّيس.
فعاد بروكلوس إلى الرجل النبيل وقال له إنّ البطريرك في اجتماع. وتكرّر ذلك مرارًا، فكان بروكلوس يعود في كلّ مرّة إلى غرفة البطريرك في تلك الليلة، وما زال الرجل يكلّم القدّيس يوحنا.
فانتظر الرجل الشريف الليل بطوله مِن دون جدوى.
وفي الصباح، عاد الرجل النبيل إلى دار البطريركيّة، نظرًا لأهمّيّة الموضوع، ضرورة مقابلة البطريرك. فذهب بروكلوس لإعلام البطريرك وشاهد الرجل ذاته في الغرفة. بدا يوحنّا مأخوذًا بكلام الرجل. واستغرب بروكلوس كيف دخل ذلك الرجل مِن غير أن يعبر به.
وعاد الرجل النبيل للمرّة الرابعة، فأكّد له بروكلوس أنّ البطريرك ليس عنده أحد، وأنّه لم يدع أحدًا يدخل عليه مِن دون علمه. فلما وصل إلى غرفة البطريرك، انصدم لرؤية الزائر الغريب. فعاد إلى الرجل النبيل وقال له أن يعود أدراجه لاستحالة مقابلة البطريرك.
في ذلك اليوم، تذكر القدّيس يوحنا الرجل النبيل واستفسر عنه. فأخبره بروكلوس أن الرجل قد جاء ثلاث مرات، ولكن في كلّ مرة كان البطريرك مشغولًا بالتحدّث إلى الرجل نفسه.
سأل القدّيس يوحنا بروكلوس عمّن رأى في الغرفة. أجاب بروكلوس أنّه يشبه الرسول بولس، الذي إيقونته على مكتب القدّيس. حينئذ أدرك القديس يوحنا بفرح أنّ هذه هي العلامة التي طلبها إلى الله فيما يتعلق بتفسيراته لرسائل بولس.
وبعد مقابلته الرجل النبيل، وافق البطريرك على التوسّط بينه وبين الإمبراطور، فتصالح الرجلان في وقت قصير، واستعاد الرجل أملاكه.