موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٣ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٥
القدس 2033: دعوة لنسير معًا بتواضع كإخوة

أندريا تونيلي ، ترجمة موقع أبونا :

 

دعا البابا لاون الرابع عشر، الذي اختار أن يتضمن شعاره الأسقفي إشارة إلى الوحدة في المسيح، جميع المسيحيين إلى القيام برحلة روحية مشتركة. فقد دعا المسيحيين للقيام إلى حج نحو «يوبيل الفداء» في عام 2033، في منظور العودة إلى القدس، إلى منبع إيماننا.

 

يوم الجمعة 28 تشرين الثاني 2025، في مدينة إزنيق التركية، موقع نيقية القديمة، صلّى رؤساء العديد من الكنائس المسيحية معًا بدعوة من بطريرك القسطنطينية، برثلماوس، لإحياء الذكرى الألف وسبعمائة للمجمع المسكوني الأوّل. كانت مراسم قصيرة لكنها مؤثّرة، أُقيمت قرب آثار كنيسة القديس نيوفيطس التي عادت لتظهر من جديد من مياه البحيرة الكبرى.

 

وقد حمل هذا الاجتماع الذي جمع رؤساء الكنائس المختلفة بصمات الإنجيل: فقد جرت الكثير من تعاليم يسوع على شواطئ بحيرة أخرى، بحيرة الجليل (طبريا). وعلى هذه الشواطئ دعا الناصري صيادين اثنين، بطرس وأندراوس، وجعلهما رسله له.

 

ومع ذلك، لم يستطع جمال المكان وعميق الإشارة التي جمعت الكاثوليك والأرثوذكس والبروتستانت في الصلاة أن يطغيا على الجرح المؤلم لمن لم يتمكن من الحضور. ومن هذا المنطلق، عندما التقى البابا لاون الرابع عشر مرة جديدة ببعض هؤلاء القادة المسيحيين بعد أقل من أربع وعشرين ساعة من اجتماعهم في إزنيق، شكرهم وأعرب عن أمله في أن تتاح لقاءات جديدة ولحظات مماثلة لتلك التي شهدتها نيقية، بما في ذلك مع الكنائس التي لم تتمكن من الحضور.

 

واقترح أسقف روما أن يُحتفل معًا بمرور ألفي عام على موت وقيامة يسوع، وعلى ميلاد الكنيسة في العُليّة بالقدس. وقد وجّه خليفة بطرس هذه الدعوة المتواضعة والشجاعة إلى الجميع، داعيًا المسيحيين إلى تجاوز نيقية والعودة إلى أصول الإيمان، إلى المكان الذي بدأ فيه كل شيء.

 

وذكّر البابا لاون بأولوية البشارة وإعلان الكرازة، وشدّد مجدّدًا على أنّ الانقسامات بين المسيحيين تشكّل عائقًا أمام شهادتهم. فالعودة إلى القدس تعني العودة إلى ذبيحة الجلجلة وإلى القبر الذي وجدته النساء فارغًا في صباح عيد الفصح. تعني العودة إلى مكان العشاء الأخير، حيث غسل يسوع أرجل الرسل وكسر الخبز معهم. وتعني العودة إلى مكان العنصرة، عندما تحوّلت مجموعة صغيرة من الرجال المحبطين والخائفين إلى قوة دافعة لنشر الإنجيل.

 

لقد تحطّم تلاميذ يسوع بموت معلمهم، لكنهم في العُليّة ثم على شواطئ بحيرة الجليل التقوه حيًّا وقائمًا. وفي العُليّة تلقّوا الروح القدس، الذي حولهم إلى مبشرين لا يعرفون الكل، مستعدّين أن يهبوا حياتهم لإعلان أن ذلك الإنسان الذي مات على الصليب قد قام، وهو ابن الله.

 

وعليه، فإن العودة إلى القدس تعني أن نصبح نحن أنفسنا حجّاجًا، معًا، لنلتقي من جديد في العُليّة، ولنتذكر جميعًا ما هو جوهري حقًا. تعني تجاوز ما هو غير أساسي: ترسبات السياسة الكنسية، والتنافسات والمطالب، والاستراتيجيات، والقوميات، والتحالفات، والتقاليد البشرية التي فرّقت بيننا. وتعني تجاوز الانقسامات من خلال إعادة اكتشاف قلب رسالة الإنجيل، فهذا ما تحتاجه الكنيسة، وهذا ما يحتاجه العالم.

 

قال أسقف روما، خليفة بطرس، بحضور بطريرك القسطنطينية، خليفة أندراوس: «ما أعظم الحاجة إلى السلام والوحدة والمصالحة حولنا وداخلنا وبيننا!». إنّ الدعوة إلى القدس في عام 2033 هي دعوة للقاء من جديد بتواضع، كإخوة متّحدين في خدمة بعضهم البعض، لنكرّر معًا كلمات صياد الجليل: «أنت المسيح، ابن الله الحي!».