موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٦ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٤
الدنح هو أن نولد من الله، هل سنولد حقًا في هذا العام الجديد؟

الكاردينال لويس روفائيل ساكو :

 

كان العام المنصرم صعبًا جدًا في منطقتنا، على الناس وعلى الكنيسة، ولا تزال قلوبُنا متعبة وقلقة. ما حدث غير مقبول.

 

من المؤسف أن البشر يعيشون فوضى القيم والعلاقات، والاعتقاد بان المال هو كل شيء، وأن كل شيء مباح، وكأن الله غير موجود. لا يعلمون اننا من دون الله نضيع!

 

وسط كل هذا الظلام: يأتي عيد الميلاد والدنح كل عام ليقول: سيكون لنا الأفضل عندما نقبل أن نولد من الله بنات وأبناء له، وأخوات وأخوة لبعضنا البعض. هذا هو حجر الزاوية في الإيمان المسيحي. هذه هي الهدية الأجمل والأعظم في حياتنا، لذا ينبغي أن نكون مسيحيين في المحبة مدى الحياة لأن الله محبة ورحمة، والمسيح محبة، والمؤمن يجب أن يكون محبة لأن "المحبة لا تسقط أبدًا" (1 قور 13/8). يسوع يدلنا الطريق: "أنا الطريق والحق والحياة" (يوحنا 14/6).

 

الدنح الذي نحتفل به كل عام في السادس من كانون الثاني هو اكتمال ميلاد يسوع. فيه يعلن الله الاب رسميًّا يسوع ابنًا له: بالماء وبحلول الروح القدس عليه، والشهادة: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" (متى 3/17). معمودية يسوع أساس معموديتنا. فيها نولد نحن أيضًا أبناء لله من خلال الماء والروح القدس. وكأبناء يصير لنا ميراث في ملكوته. هكذا يمكن أن تستمرّ أيقونة المعمودية فينا الى الأبد.

 

إنه إلهام إلهي يشدد على أهميّة التذكير بوعود الله لنا خصوصًا اليوم حيث قلوبنا منغلقة وخائفة.

 

الثقة بالله هي ملجأنا الأخير. الله يتحرك ويأتي الينا ويقترب منا من خلال يسوع ليقول لنا اني أحبكم، انتم بناتي وابنائي، وارسلت اليكم ابني يسوع لتكون لكم فيه الحياة وبوفرة (يوحنا 10/10). لنختبر هذا الحب لان لا يوجد شيء أهم من الحب.

 

عيد الدنح/المعمودية هو احتفال بقلب منفتح ومنشرح، باعلان ان الله هو للجميع، ومن اجل الجميع ليكون لهم مستقبل أفضل. علينا ان نتجاوب معه بقلب صادق وانشغاف وحماسة. الانسان الذي يفتح قلبه وفكره لله يرى الامور بشكل جديد. وإنْ فهمنا أننا محبوبون، فلا شيء يمكن أن يُخيفنا! ولن يكون للشر الكلمة الأخيرة، مهما كان عاتيّا.

 

الله ليس إله المتطرفين، إنما هو المحبة والرحمة للجميع. يحبهم ويأمل في تغييرهم. انه الشعلة التي تنير قلب وعقل من يستقبله.

 

إذًا الأمر متروك لنا للدخول في مشروع الولادة "من علُ" (يوحنا 3/3)، لمعرفة كيفية إعادة اكتشاف ابوة الله لنا واخوتنا لبعضنا، والخير والسلام والمحبة والثقة والفرح كل يوم.

 

يذكرنا البابا فرنسيس بذلك في تعليمه: "الله يحبنا. فهو دائمًا مفتوح العين علينا، وينتظر أن نرد له محبته. إن الله يحبنا، ويشفق علينا، ويغفر لنا، ويعزينا".

 

ليكن هذا العيد فرصة لتجديدنا بـ"الروح والحق" (يوحنا 4/24)، وليكن أيضًا لرجال الكنيسة فرصة للمراجعة الذات، وتجديد أمانتهم لرسالتهم، بتعليمهم، ومحبتهم، وخدمتهم، ومواقفهم، وشهادة حياتهم، فيكونوا شعلة لرعاياهم.