موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
إنه يوم الأحد السابع عشر من أيار عام 1981؛ عندما تردّد صدى صوت يوحنا بولس الثاني في ساحة القديس بطرس من خلال رسالة مسجلة في مستشفى جيميلي، حيث تم نقله قبل أربعة أيام، في الثالث عشر من أيار، بعد إصابته في الاعتداء الذي تعرّض له في ساحة القديس بطرس.
وقال البابا آنذاك: "أعلم أنه في هذه الأيام ولاسيما عند تلاوة صلاة "إفرحي يا ملكة السماء"، أنتم تتّحدون معي. أشكركم إذ أتأثَّر لصلواتكم وأبارككم جميعًا. أنا قريب بشكل خاص من الشخصين اللذين جُرحا معي. أصلي من أجل الأخ الذي أطلق النار علي، وأغفر له بصدق. وإذ أتّحد مع المسيح، الكاهن والضحية، أقدم آلامي من أجل الكنيسة والعالم. لك يا مريم أكرر: "أنا لكِ بكلّيَّتي".
إثنتان وعشرون بين صلاة التبشير الملائكي وصلاة إفرحي يا ملكة السماء تلاها يوحنا بولس الثاني بينما كان في مستشفى جيميلي. من اللافت للنظر أن البابا فويتيلا قد تحدّث عن معنى الألم الذي، وكما قال في الرسالة المسجلة لصلاة "إفرحي يا ملكة السماء"، في 24 أيار عام 1981، وإذ يقبل بالاتحاد مع المسيح المتألم، يتمتّع بفاعلية لا مثيل لها من أجل تحقيق المخطط الإلهي للخلاص. بقي البابا في المستشفى حتى الثالث من حزيران، لكنه أُجبر على دخول المستشفى مجدّدًا من 20 حزيران وحتى 14 آب، بسبب إصابته بالفيروس المضخم للخلايا وكذلك من أجل إجراء عملية جراحية صغيرة.
خلال فترة التعافي الثالثة من 12 تموز 1992 تلا البابا يوحنا بولس الثاني صلاة التبشير الملائكي مرّتين من مستشفى جيميلي، وفي صلاة التبشير الملائكي في 26 تموز، أطل البابا فويتيلا من نافذة المستشفى. بينما خلال فترة تعافيه بعد خضوعه لعملية جراحية بسبب كسر في الفخذ الأيمن عام 1994 تلا البابا يوحنا بولس الثاني صلاة "إفرحي يا ملكة السماء" أربع مرات من نهاية شهر نيسان وحتى 27 أيار. في آخرها، في 22 أيار، أشار إلى نافذة المستشفى؛ كنافذة احتياط... وفاتيكان آخر.
وفي صلاة "إفرحي يا ملكة السماء"، في 29 أيار بعد عودته إلى الفاتيكان، تحدث عن معنى الألم مشيرًا إلى ما كان يعيشه، بكلمات قوية وقال لقد فهمت أنّه عليَّ أن أُدخِل كنيسة المسيح في الألفية الثالثة هذه بالصلاة، بمبادرات مختلفة، لكنني رأيت أن هذا لا يكفي: إذ يجب أن أُدخلها بالألم، بالاعتداء الذي حدث لثلاثة عشرة سنة خلت وبهذه التضحية الجديدة. ثم أضاف: "لماذا الآن، لماذا هذه السنة، لماذا في سنة العائلة؟ لأن العائلة مهددة، وتتعرض للهجوم. يجب مهاجمة البابا، وعلى البابا أن يتألم لكي يتسنى لكل عائلة وكل العالم أن يرى أن هناك إنجيلًا أسمى: إنجيل الألم، الذي يجب أن نُعدَّ المستقبل من خلاله، والألفية الثالثة للعائلات، لجميع العائلات.
بعدها أطل البابا يوحنا بولس الثاني من نافذة المستشفى؛ في 13 تشرين الأوّل 1996 عندما وصف مستشفى جيميلي بأنّه "الفاتيكان الثالث" بعد ساحة القديس بطرس وكاستيل غاندولفو. بعدها كان هناك صلاة التبشير الملائكي خلال فترة العلاج في المستشفى عام 2005 في شباط وآذار، حيث تمت قراءة نص كلمات الأب الأقدس من قبل نائب أمانة سرّ الدولة آنذاك، الكاردينال ليوناردو ساندري. ولكن يبقى مطبوعًا في الأذهان والقلوب ذاك الثالث عشر من آذار عندما ومن نافذة الطابق العاشر من المستشفى؛ عاد القديس يوحنا بولس الثاني لينطق ببضع كلمات علانية بعد ثقب القصبة الهوائية ليبارك ويحيِّي البشرية جمعاء التي وعلى الرغم من ألمه بقي متّحدًا معها.