موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
ترأس البابا فرنسيس، مساء الثلاثاء 31 آب 2022، القداس الإلهي في بازيليك القديس بطرس بالفاتيكان، مع الكرادلة الجدد الذين تمّ تعيينهم يوم 27 آب، إلى جانب الأعضاء في مجمع الكرادلة. وأتى القداس بعد اجتماعات من النقاش والتفكير، عقدت الاثنين والثلاثاء، وشارك بها حوالي 190 كاردينالاً، بالإضافة إلى بطاركة الكنائس الشرقيّة ورؤساء أمانة الدولة.
في عظته، تأمّل البابا فرنسيس في موضوع "الدهشة"، كما هي موصوفة في قراءات القداس: دهشة بولس إزاء مخطط الله الخلاصي ودهشة التلاميذ في لقائهم مع يسوع القائم من بين الأموات، الذي يرسلهم ليكونوا "تلاميذ لجميع الشعوب". وقال: إنّ الروح القدس يرشدنا كي ننطلق مجددًا من هذا الاحتفال أكثر قدرة على "إعلان عظائم الرب لجميع الشعوب".
ولفت أنّه ومثلما نتعجّب في كثير من الأحيان من عظمة الكون، فإنه أيضًا "تسودنا الدهشة عندما ننظر إلى تاريخ الخلاص"، حيث "يجد كل شيء أصله ووجوده وغايته وهدفه في المسيح". وقال: "في المسيح تباركنا قبل الخليقة؛ فيه دُعينا؛ فيه افتُدينا؛ فيه تعود كل خليقة إلى الوحدة، وجميعنا، قريبين وبعيدين، أوَّلين وأخيرين، قُدِّرَ لنا، بفضل عمل الروح القدس، أن نكون في تسبيح مجد الله".
ولفت البابا فرنسيس إلى أنّه بينما يسحرنا مخطط الله الخلاصي نفسه، يمكننا أن نندهش بشكل أكبر بأنّه "يدعونا إلى المشاركة في مخططه"، كما هي حقيقة الرسالة التي أعطاها المسيح القائم من بين الأموات إلى الرسل: "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلّموهم أن يحفظوا كلّ ما أوصيتكم به" (متى 28 19-20).
أضاف: لقد طمأن الرّب التلاميذ، حيث قال لهم: "هاءنذا معكم طوال الأيام إلى نهاية العالم"، فهذا الوعد "يبعث الرجاء والعزاء". تابع قداسته: إنّ هذه الكلمات لا تزال تملك القوّة لكي تجعل قلوبنا تهتزّ، بعد ألفي عام. نحن مندهشون أكثر كيف أنّ القرار الإلهيّ بحمل البشارة إلى العالم قد بدأ بـ"مجموعة بائسة من التلاميذ"، الذين كانوا لا يزالون مُرتابين.
لكنّه أشار إلى أنّ هذ الأمر يمنحنا الرجاء أيضًا. وقال: هذه الدهشة هي سبيل للخلاص! ليحفظها لنا الله حيّة على الدوام، لأنها تحرّرنا من تجربة التفكير في أنّه يمكننا "تدبير الأمور" بأنفسنا. يجب أن نتجنّب الإحساس الزائف بالأمان بأنّ كل شيء هو مختلف اليوم، وإلا فإنّنا نجازف بالوقوف أمام "الخداع، حيث يسعى أبو الكذب إلى جعل أتباع المسيح دنيويين أولاً، ثمّ حميدين".
تابع البابا فرنسيس يقول، إنّ الشعور بالدهشة الذي نختبره من خلال كلمة الله يوقظ فينا أيضًا "التساؤل في أن نكون في الكنيسة، وأن نكون كنيسة"، وقال: إنّ الوعي بأنّ نكون مباركين في المسيح، وأن نحمل شهادته في العالم، يساعدان في تقوية مجتمعاتنا، ويجعل المؤمنين جماعة جذابة للآخرين.
أضاف: نفرح أيضًا في الامتنان لهذه العطايا التي توحّدنا جميعًا نحن المعمّدين، مشيرًا إلى أنّ القديس البابا بولس السادس عرف كيف ينقل إلينا "محبة الكنيسة، محبّة هي قبل كل شيء امتنان، ودهشة ممتنة لسرها ولعطيّة أن نكون فيها، ليس فقط أعضاء في الكنيسة، بل منخرطين في حياتها، وبأن نكون مشاركين في مسؤوليّتها أيضًا".
في الختام، قدّم البابا فرنسيس أساسيات ما يعنيه أن تكون خادمًا للكنيسة، وهو: "شخص يعرف كيف يندهش أمام مخطط الله، وبهذا الروح، يُحبّ الكنيسة بشغف، وهو مستعد لخدمة رسالته أينما وكيف يرغب الروح القدس.. ليكن الأمر كذلك بالنسبة لنا أيضًا! ليكُن كذلك لكل واحد منكم، أيها الإخوة الكرادلة الأعزاء! لتَنَل لنا هذه النعمة شفاعة العذراء مريم أم الكنيسة".