موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١ سبتمبر / أيلول ٢٠٢٤
البابا: مدعوون إلى عيش إيماننا بشكل متناغم

فاتيكان نيوز :

 

تلا البابا فرنسيس ظهر اليوم الأحد، 1 أيلول، صلاة التبشير الملائكي.

 

وفي كلمته إلى المؤمنين والحجاج المحتشدين في ساحة القديس بطرس، انطلق قداسته من قراءة اليوم من إنجيل القديس مرقس والتي تنقل حديث يسوع عما هو طاهر وما هو نجس. وقال أن هذا كان موضوعًا يُهتم به كثيرًا في تلك الفترة وكان يُربط باحترام الطقوس وقواعد التصرف لتفادي كل ما أو مَن يُعتبر نجسا، وقد كان هذا ما يشبه الهوس بالنسبة لرجال الدين في تلك الحقبة، قال قداسته.

 

وتوقف عند لوم الفريسيين والكتبة ليسوع لأنه يسمح لتلاميذه بتناول الطعام بأيد نجسة أَي غير مغسولة. وهكذا تحدث إليهم يسوع داعيا إياهم إلى التأمل حول معنى الطهارة حيث قال إنها لا ترتبط بطقوس خارجية بل في المقام الأول بالاستعداد الداخلي. ولكي يكون الشخص طاهرا لا جدوى من غسل الأيادي مرات كثيرة إن كان يغذي في أعماق قلبه مشاعر شريرة مثل الطمع والحسد والكبرياء أو مقاصد سيئة مثل الخبث والسرقة والخيانة والشتم (راجع مرقس ٧، ٢١-٢٢). وقال الأب الأقدس إن يسوع يلفت الانتباه إلى أن مجرد تطبيق الطقوس لا يجعل الإنسان يكبر في الخير، بل وقد يجعله في بعض الحالات لا ينتبه إلى، أو حتى يبرر، اختيارات وتصرفات، سواء له أو للآخرين، تتناقض مع المحبة وتجرح النفوس وتغلق القلوب.

 

وأشار إلى كون هذا أمرا هاما بالنسبة لنا نحن أيضا، فقال على سبيل المثال إنه لا يمكن الخروج من القداس الإلهي للتوقف في مدخل الكنيسة للنميمة وقول أشياء كريهة تفتقد إلى الرحمة حول كل شيء، وسلط قداسته الضوء بالتالي على الثرثرة التي تفسد القلوب والنفوس. لا يمكن مثلا، واصل قداسة البابا، أن نصلي بخشوع بينما نعامل أحباءنا في البيت ببرود وعدم اكتراث، أو نهمل الوالدين المسنين الذين هم في حاجة إلى مساعدة ومرافقة، وذلك في إشارة إلى كلمات يسوع التي يرويها لنا إنجيل اليوم: "فقد قالَ موسى: أَكرِمْ أَباكَ وأُمَّكَ، ومَن لعَنَ أَباه أَو أُمَّه، فلْيَمُتْ مَوتًا. وأَمَّا أَنتُم فتَقولون: إِذا قالَ أَحَدٌ لِأَبيه أَو أُمِّه: كُلُّ شيءٍ قد أُساعِدُكَ به جَعَلتُه قُرباناً، فإِنَّكم لا تَدَعونَه يُساعِدُ أَباه أَو أُمَّه أَيَّ مُساعَدة فَتنقُضونَ كلامَ الله بِسُنَّتِكمُ الَّتي تَتَناقلونَها. وهُناكَ أَشياءُ كثيرةٌ مِثلُ ذلكَ تَفعَلون" (مرقس ٧، ١٠-١٣). وواصل البابا فرنسيس أن هذه حياة مزدوجة، وهو ما كان يفعل الفريسيون، أي الاهتمام بالطهارة الخارجية بدون أفعال صالحة تطبعها الرحمة إزاء الآخرين. ثم أعطى البابا مثالا آخر فقال إنه لا يمكن أن يكون الشخص في الظاهر يتصرف بشكل صحيح مع الجميع، بل ويقوم بأعمال طوعية وببعض اللفتات الخيرية، بينما تنمو في داخله كراهية إزاء الآخرين وازدراء للفقراء والأخيرين أو أن يتصرف بشكل غير نزيه في عمله. وقال إن من يتصرف بهذا الشكل يختزل العلاقة مع الله إلى مجرد لفتات خارجية ويظل في داخله غير متجاوب مع عمل نعمة الله المطهِّر ومنغمسا في أفكار ورسائل وتصرفات خالية من المحبة.

 

وسلط قداسته الضوء بعد ذلك على طهارة الحياة التي نحن مدعوون إليها، فنحن مدعوون إلى الحنان والمحبة، ودعا البابا فرنسيس إلى أن يتساءل كل واحد: هل أعيش إيماني بشكل متناغم؟ أي أني أحاول أن أفعل في حياتي خارج الكنيسة ما أفعل في الكنيسة بالروح ذاتها؟ بمشاعري وكلماتي وأفعالي؟ هل أجعل ما أقوله في صلاتي ملموسا في القرب من الأخوة واحترامهم؟ ثم ختم البابا حديثه متضرعًا كي تساعدنا مريم، الأم الطاهرة، على أن نجعل من حياتنا، بالمحبة المحسوسة والمعاشة، تعبدا مُرضيا عند الله.