موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٣١ أغسطس / آب ٢٠٢٤
البابا للرهبان الكبوشيين: كونوا صانعي سلام على خطى القديس فرنسيس

فاتيكان نيوز وأبونا :

 

استقبل البابا فرنسيس صباح اليوم السبت في القصر الرسولي في الفاتيكان المشاركين في المجمع العام السادس والثمانين لرهبنة الإخوة الأصاغر الكبوشيين، حيث تأمل قداسته في ثلاثة أبعاد للروحانيّة الفرنسيسكانيّة، ألا وهي: الأخوّة، الاستعداد، والالتزام من أجل السلام.

 

 

الأخوَّة

 

وقال: إنّ شعار مجمعكم هو "الرب أعطاني إخوة" "لكي أذهب في جميع أنحاء العالم". إنه يذكّر بخبرة القديس فرنسيس، ويسلّط الضوء على أن الرسالة، بحسب موهبته، تولد في الأخوّة لتعزيز الأخوّة. هناك في الأساس، يمكننا أن نقول، "سريّة التعاون"، حيث لا يمكن لأحد، في مخطط الله، أن يعتبر نفسه جزيرة، وإنما كل شخص هو في علاقة مع الآخرين لكي ينمو في الحب، ويخرج من نفسه ويصنع من فرادته عطيّة للإخوة.

 

أضاف: لذلك، أنتم لم تجتمعوا لكي تحسِّنوا -كما نسمع أحيانًا للأسف- "الموارد البشرية" للرهبنة، ولا لتحسين أدائها أو الحفاظ على هيكلياتها. ولكنكم تعودون لكي تعترفوا، في الإيمان، أنكم إخوة مختارون، يجتمعون معًا، ترافقهم محبة الآب التدبيرية، ولكي تسمحوا بأن تُسائلكم هذه الحقيقة، لاسيما فيما يتعلق بمجال التنشئة، الذي تعملون عليه منذ بعض الوقت. وهذا أمر جيد، لأنه بدون تنشئة لا يوجد مستقبل.

 

تابع: لذلك، أدعوكم في لقاءاتكم لكي تسهروا لكي لا توضع أبدًا في المحور الموارد الاقتصادية أو الحسابات البشرية أو أي حقائق أخرى من هذا النوع: جميعها أدوات مفيدة، من الضروري أيضًا أن نقلق بشأنها، ولكن دائمًا كوسيلة، وليس أبدًا كغاية. ليكن الأشخاص في المحور: أولئك الذين يرسلكم الرب إليهم والذين يعطيكم معهم أن تعيشوا خيرهم وخلاصهم. باختصار: لتكن الأخوّة في المحور، تلك التي أشجعكم على تعزيزها في مراكز التنشئة الخاصة بكم، وفي العائلة الفرنسيسكانية الكبيرة، وفي الكنيسة وفي جميع المجالات التي تعملون فيها، حتى على حساب التخلي لصالحها عن مشاريع وانجازات من أنواع أخرى.

 

الاستعداد

 

وقال: أنتم أيها الكبوشيون تتمتعون بسمعة كونكم مستعدين للذهاب إلى حيث لا يريد أحد أن يذهب، وهذا أمر جميل جدًا. في الواقع، يشهد أسلوبكم المنفتح للجميع أن أهم شيء في الحياة هو المحبة، وأنه يستحق الأمر دائمًا أن يبذل المرء حياته في سبيلها. وهكذا أنتم تمثلون علامة للجماعة المسيحية بأكملها، المدعوة لكي تكون، دائمًا وفي كل مكان، مرسلة و"منطلقة". إنها علامة مهمة، لاسيما في أزمنة مثل أزمنتنا، المطبوعة بالصراعات والانغلاق، حيث يبدو أن اللامبالاة والأنانية يسودان على الاستعداد والاحترام والمشاركة، مع عواقب خطيرة وواضحة، مثل الاستغلال غير العادل للفقراء والدمار البيئي.

 

أضاف: في هذا السياق، يشكّل استعدادكم لكي تشاركوا شخصيًا في احتياجات الإخوة وتقولوا بشجاعة متواضعة: "ها أنا ذا، أرسلني!" عطيّة مواهبيّة عليكم أن تقدّروها وتنمّوها. حاولوا أن تكونوا هكذا على الدوام: بسيطين، أحرارًا ومستعدين لكي تتركوا كل شيء لكي تكونوا حاضرين حيثما يدعوكم الرب بقلوب وأذرع مفتوحة بدون أن تبحثوا عن الإطراء والمديح وبدون ادعاءات.

الالتزام من أجل السلام

 

وقال: في الواقع، إن قدرتكم على التواجد مع الجميع، بين الناس، لدرجة أنه قد تمَّ اعتباركم عمومًا "رهبان الشعب"، قد جعلتكم على مر القرون، "صانعي سلام" خبراء، قادرين على خلق فرص للقاء وللتوسط في حل النزاعات، وجمع الأشخاص معًا وتعزيز ثقافة المصالحة، حتى في أصعب المواقف. ولكن، في أساس هذه الموهبة، هناك، كما قلنا، شرط أساسي: أن نكون في المسيح قريبين من الجميع، ولا سيما من الفقراء والمهمّشين واليائسين، بدون استبعاد أي شخص على الإطلاق.

 

أضاف: أصبح القديس فرنسيس نفسه، كما نعلم، "رجل السلام" الذي يعرفه العالم أجمع، بدءًا من لقائه مع البرص، الذين اكتشف في عناقهم جراحه العميقة وقبلها، والذين التقى بحضورهم بالمسيح، مخلصه. وهكذا، إذ غُفر له، أصبح حاملًا للغفران، وإذ اختبر الحب أصبح موزِّعًا للحب، وإذ اختبر المصالحة أصبح معززًا للمصالحة. إن الإيمان هو الذي جعله في مناسبات عديدة أداة سلام في يد الله، وهو، بالنسبة له ولنا، كان وسيبقى على الدوام على اتصال حيوي مع القرب من الأخيرين، لا ننسينَّ ذلك أبدًا.