موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢٣ فبراير / شباط ٢٠٢٥
البابا في يوبيل الشمامسة: كونوا رسلًا للمغفرة، وخدامًا للأخوّة، وبناةً للوحدة والشركة
متأملاً في الأوجه الثلاثة للمجانيّة: المغفرة، والخدمة المجانيّة، والشركة

أبونا :

 

مفوضًا عن البابا فرنسيس الذي يواصل تلقي العلاج في مستشفى جيميلي بسبب إصابته بالتهاب في الرئتين، ترأس وكيل عميد دائرة البشارة بالإنجيل، رئيس الأساقفة رينو فيسيكيلا، الأحد 23 شباط 2025، القداس الإلهي في بازيليك القديس بطرس، بمناسبة يوبيل الشمامسة.

 

وخلال القداس، تمّ رسامة 23 شماسًا جديدًا.

 

وقال المطران فيسيكيلا في مستهل العظة: "أيها الإخوة والأخوات، وخاصة أنتم أيها الشمامسة الأعزاء، وأنتم الذين ستدخلون قريبًا الخدمة الشماسيّة المقدّسة من خلال وضع اليدين، إنّه لفرح خاص بالنسبة لي أن أقرأ العظة التي كان البابا فرنسيس سيلقها أمامكم جميعًا في هذا الأحد الخاص".

 

وأضاف: "في الاحتفال الإفخارستي، حيث تأخذ المناولة المقدّسة أبعادها الأكثر اكتمالاً ومعنىً، نشعر أنّ البابا فرنسيس -رغم أنّه على سرير الشفاء في المستشفى- قريب منا وحاضر بيننا. وهذا يدفعنا إلى جعل صلاتنا أقوى وأكثر حماسة، حتّى يتمكّن الرّب من مساعدته في هذا الوقت من المحنة والمرض".

 

إعلان المغفرة

 

وبالاستناد إلى النص الإنجيلي الذي تقدّمه الكنيسة في ليتورجية الأحد السابع من زمن السنة (لوقا 6، 27-38)، تأمّل البابا فرنسيس في ثلاثة أوجه للمجانيّة، أولها إعلان المغفرة، و"هو مهمّة الشماس الأساسيّة"، وهي "عنصر لا غنى عنه في كلّ مسيرة كنسيّة وشرط أساسيّ لكلّ عيش مشترك بين النّاس"، مشيرًا إلى أنّ يسوع بيّن ضرورتها ومدى أهمّيّتها عندما قال: "أحبّوا أَعداءكم" (لوقا 6، 27).

 

وأوضح البابا بأنّه "لكي ننمو معًا، ونتشارك النّور والظلال، والنجاحات والفشل، يجب أن نعرف أن نغفر ونطلب المغفرة، ونعيد بناء العلاقات، ولا نستثني من محبّتنا حتى من يضربنا ويخوننا"، لأنّ "العالم الذي لا يرى فيه الخصوم سوى الكراهية هو عالم بلا رجاء، وبلا مستقبل، ومقدّر له أن تمزّقه الحروب والانقسامات والانتقامات التي لا تنتهي، كما نرى اليوم للأسف".

 

وكنماذج للمغفرة، أشار البابا إلى الحبّ الأمين والسّخي الذي أظهره داود أمام شاول، ملكه ومضطهده أيضًا في القراءة الأولى (1 صموئيل 26، 2. 7-9. 12-13. 22-23)؛ واستشهاد القديس اسطفانوس؛ وفي يسوع نفسه، نموذج كلّ خدمة شماسيّة، الذي تجرّد من ذاته على الصليب وبذل حياته لأجلنا (فيلبي 2، 7)، وصلّى من أجل صالبيه وفتح للص اليمين أبواب الفردوس (لوقا 23: 34، 43).

الخدمة المجانيّة

 

ثم سلط البابا الضوء على الخدمة المجانيّة، مؤكدًا على كلمات يسوع: "أَحِسِنوا وأَقرِضوا غَيرَ راجينَ عِوَضًا" (لوقا 6، 35). وأوضح بأنها "كلمات قليلة تحمل في طياتها عطر الصّداقة الجميل. أوّلًا، صداقة الله لنا، ثمّ صداقتنا بعضنا لبعض".

 

وإذ أشار البابا إلى أن الخدمة المجانيّة "ليست وجهًا ثانويًا" في عمل الشماس، بل "بعدًا جوهريًّا" في كيانه، "فهو يكرّس نفسه ليكون، في خدمته، "نحاتًا" و"رسامًا" لوجه الآب الرّحيم، وشاهدًا لسرّ الله – الثالوث"، شجّع قداسته الشمامسة على العمل المجاني بفرح، ومن دون تذمّر ودون أن يسعوا إلى اعتراف الآخرين بهم.

 

وقال: كونوا داعمين بعضكم لبعض، حتّى في علاقتكم مع الأساقفة والكهنة... سيكون عملكم المنسجم والسّخي جسرًا يربط المذبح بالشارع، والإفخارستيا بحياة النّاس اليوميّة. وستكون المحبّة هي أجمل ليتورجيا لكم، والليتورجيا هي أسمى خدمة تقدّمونها بتواضع".

الوحدة والشركة

 

أما الوجه الثالث من المجانيّة، فهو الوحدة والشركة.

 

وقال: إنّ "العطاء دون مقابل يوحّد، ويخلق روابط، لأنّه يعبّر عن روح المشاركة ويغذّيها، ولا يكون له هدف سوى بذل الذات وخير الآخرين". وأشار إلى أن الشركة تُبنى من خلال توسيع رسالة الشمامسة واحتضان الفقراء، "كنوز الكنيسة"، كما قال القديس لاورنسيوس، شفيعهم. ويعبّر الشمامسة عن الشركة من خلال جعل الآخرين يشعرون بالتقدير والشمول، ليس فقط بالكلام، ولكن قبل كل شيء بالأعمال.

 

وتابع البابا فرنسيس في عظته بالقول: "وهكذا، فإنّ رسالتكم، التي تأخذكم من المجتمع لتعيدكم إليه من جديد وتجعل منه مكانًا منفتحًا مُرَحِّبًا بالجميع، هي إحدى أجمل التعابير للكنيسة السينودسيّة، والتي هي في حالة انطلاق دائم إلى الغير".

النزول، وليس الصعود

 

وأخيرًا، توجّه البابا فرنسيس إلى أولئك الذين سينالون الرسامة الشماسيّة، وحثهم على عدم اعتبار رسامتهم ترقية أو "صعودًا" إلى وضع أعلى، بل "نزولاً" إلى التواضع، وذلك "لأنّنا مع السيامة لا نصعد، بل ننزل، ونصير صغارًا، ونتواضع، ونتجرّد".

 

وفي الختام، عهد البابا فرنسيس بالشمامسة إلى العذراء مريم، خادمة الرّب، وإلى القديس لاورنسيوس، شفيعهم. وقال: "ليساعدانا لنعيش كلّ خدمتنا بقلب متواضع ومليء بالمحبّة، ولنكون، في المجانيّة، رسلًا للمغفرة، وخدامًا للإخوة، وبناةً للوحدة والشّركة".