موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
حوار أديان
نشر الجمعة، ١٧ مارس / آذار ٢٠٢٣
البابا فرنسيس يتحدث إلى وفد من الرهبان البوذيين عن أهمية ثقافة اللقاء

فاتيكان نيوز :

 

استقبل البابا فرنسيس اليوم الخميس وفدا من رهبان بوذيين من تايوان يرافقهم ممثل عن الكنيسة الكاثوليكية. وعقب ترحيبه بالجميع قال الأب الأقدس لضيوفه إن حضورهم هنا اليوم هو شهادة لروح صداقة وتعاون يُنَمونها كمؤمنين متجذرين بقوة في مسيراتهم الدينية. وأراد البابا التذكير بأن هذا اللقاء يأتي عقب وفاة المعلم شينغ يون مؤسس دير فو غوانغ شان الذي يعرفه العالم كله بفضل إسهامه في البوذية الإنسانية، هذا إلى جانب كونه معلما للضيافة بين الأديان، حسب ما تابع الأب الأقدس.

 

تحدث قداسة البابا بعد ذلك عن كون هذه الزيارة، والتي وصفها ضيوفه بحج تربوي، فرصة بالامتياز للتقدم بثقافة اللقاء التي نَقبل فيها بالانفتاح على الآخرين لنكتشف فيهم أصدقاء، أخوة وأخوات، قال الأب الأقدس، فنتعلم هكذا ونكتشف المزيد حول أنفسنا، وذلك لأننا بالخبرة مع الآخرين في اختلافهم نتشجع على الخروج من ذاتنا وعلى تَقَبل اختلافاتنا ومعانقتها. وواصل البابا أن حجا تربويا بين الأديان يمكنه أن يكون مصدر إثراء حيث يوفر فرصا عديدة للّقاء والفهم المتبادل وتثمين خبراتنا المختلفة. وشدد قداسته هنا على أن ثقافة اللقاء تشيِّد الجسور وتفتح النوافذ على القيم المقدسة والمبادئ التي يستلهم منها الآخرون، وتُسقط الجدران التي تفصل بين الأشخاص والتي تجعلهم أسرى الأحكام المسبقة واللامبالاة.

 

ثم توقف البابا فرنسيس عند الحج التربوي في الأماكن المقدسة لدين آخر، وهو ما يقوم به ضيوفه اليوم، فقال إن هذا يمْكنه أن يثري تثميننا لخصوصية التعامل مع ما هو إلهي. وتحدث قداسته هنا عن روائع الأعمال الفنية الدينية التي يزخر بها الفاتيكان وروما، وقال إنها تعكس القناعة بأن الله ذاته قد صار في شخص يسوع المسيح حاجا في هذا العالم محبةً منه لعائلتنا البشرية. وواصل البابا أنه بالنسبة للمسيحيين فإن الله، الذي صار واحدا منا في إنسانية يسوع، يواصل قيادتنا في حج قداسة يجعلنا ننمو في كوننا على صورة الله ومثاله فنصبح، وحسب ما يقول القديس بطرس في رسالته الثانية، شركاء الطبيعة الإلهية (٢ بطرس ١، ٤).

 

تحدث الأب الأقدس بعد ذلك عن أن المؤمنين قد أسسوا على مر التاريخ أزمنة وفسحات مقدسة كواحات للّقاء، حيث يمكن للرجال والنساء أن يستلهموا ما هو ضروري للعيش بحكمة وصلاح، فيصبح هكذا بإمكانهم أن يساهموا في تربية متكاملة للشخص البشري من خلال إشراك العقل والأيادي والقلب والروح، فيختبر الشخص انسجام كمال الإنسان أي كل جمال هذا الانسجام. وشدد البابا في هذا السياق على أن هناك حاجة ضرورية بشكل أكبر لواحات اللقاء هذه في زمننا حيث تتحد السرعة المتزايدة للتغييرات المرتبطة بالبشرية وبالكوكب بتكثيف ايقاعات الحياة والعمل، وهو ما يؤثر أيضا على الحياة والثقافة الدينيتين ويستدعي تكوينا وتربية مناسبتَين للشباب على حقيقةٍ لا تعرف حدود الزمن وعلى طرق مترسخة للصلاة ولبناء السلام. كما وأراد الأب الأقدس تسليط الضوء على أن الأديان كانت لها دائما علاقة وثيقة بالتربية، وكانت ترافق الأنشطة الدينية بالأنشطة التربوية والمدرسية والأكاديمية. وتابع أنه ومثلما كان في الماضي كذلك اليوم، ومع حكمةِ وإنسانية تقاليدنا الدينية، نريد أن نكون حافزا لعمل تربوي متجدد، يمكنه أن يجعل الأخوّة العالمية تنمو في العالم.

 

وفي ختام كلمته إلى وفد الرهبان البوذيين من تايوان أعرب البابا فرنسيس عن الرجاء في أن يقود هذا الحج التربوي لضيوفه، وبإرشاد من معلمهم الروحي بوذا، إلى لقاء أكثر عمقا مع الذات ومع الآخرين، مع التقاليد المسيحية وجمال الأرض، بيتنا المشترك، وأيضا أن تكون زيارتهم في روما غنية بلقاءات حقيقية تكون بدورها فرصا للنمو في المعرفة والحكمة، الحوار والتفاهم.