موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
عُقد يوم السبت الموافق العاشر من حزيران الحالي، لقاء دولي حول الأخوّة الإنسانية بعنوان Not alone، تنظمه المؤسسة الحبريّة "جميعنا إخوة وأخوات"، بالتعاون مع بازيليك القديس بطرس ودائرتي خدمة التنمية البشرية المتكاملة والاتصالات الفاتيكانيتين.
ونظرًا لتواجده في مستشفى جيميلي عقب العملية الجراحيّة التي أجريت له، لم يتمكن البابا فرنسيس من المشاركة في برنامج اللقاء الذي أقيم بعد ظهر السبت في ساحة القديس بطرس، كما كان مخططًا له في الأصل. ولهذا قرأ الكاردينال ماورو غامبيتي، نائب البابا العام على دولة حاضرة الفاتيكان ورئيس مؤسّسة "جميعنا إخوة وأخوات"، الكلمة التي أعدها قداسته لهذه المناسبة.
في بداية كلمته، رحّب البابا فرنسيس بجميع الحضور رغم عدم تمكنه من القيام بهذا بشكل شخصي مباشر، ووجّه إليهم الشكر القلبي على حضورهم معربًا عن سعادته للتأكيد معهم على "التوق إلى الأخوّة والسلام لحياة العالم". ولفت قداسته إلى أنّ "السماء تدعونا إلى السير على الأرض معًا وإعادة اكتشاف كوننا أخوة وإلى الإيمان بالأخوّة كدينامية أساسية لحجّنا".
وذكّر بما كتب في رسالته العامة "جميعنا إخوة وأخوات" حين شدّد على أن للأخوّة شيئًا إيجابيًا تقدمه للحرية والمساواة، وذلك لأن مَن يرى أخًا يرى في الآخر وجهًا لا رقمًا، شخصًا له كرامة ويستحق الاحترام، لا شيئًا ما يمكن استخدامه واستغلاله أو الالقاء به. وأكد أن في عالمنا الذي يمزقه العنف والحرب لا تكفي رتوش تحسينية، بل يمكن فقط لميثاق روحي واجتماعي كبير ينبع من القلوب ويتمحور حول الأخوّة أن يعيد إلى مركز العلاقات قدسية الكرامة البشرية وعدم انتهاكها.
وتحدّث البابا فرنسيس عن الحاجة إلى الأخوّة، لا إلى نظريات بل إلى أفعال ملموسة واختيارات متقاسمة تجعل منها ثقافة سلام. وقال: "ليس السؤال المطروح إذًا ماذا يمكن للمجتمع وللعالم أن يعطياني، بل ماذا يمكنني أنا أن أعطي لإخوتي وأخواتي".
ودعا إلى التفكير في "أفعال الأخوّة الملموسة التي نقوم بها، مثل التصالح في العائلة ومع الأصدقاء أو الجيران، الصلاة من أجل من جرحنا، التعرّف على من هم في عوز ومساعدتهم، حمل كلمة سلام إلى المدرسة أو في الجامعة أو المجتمع، أن نحيط بالقرب شخصًا يشعر بنفسه وحيدًا". وقال: إنّ علينا الشعور بأنّنا مدعوون إلى أن نضع بلسم الحنان في العلاقات التي فسدت بين الأشخاص وبين الشعوب"، مشددًا على ضرورة ألا نكلّ عن الصراخ باسم الله وباسم كل شخص يتوق إلى السلام: لا للحرب.
وأشار إلى أنّ "الأخوّة هي خير هش وثمين، وهي مرساة الحق في بحر تهيجه نزاعات تزرع الكذب، والحديث عن الأخوة هو تذكير لمن يتقاتلون، ولنا جميعًا، بأنّ عاطفة الأخوّة التي توحدنا هي أقوى من الكراهيّة والعنف، وهي توحّد الجميع في الألم ذاته. من هنا يجب الانطلاق دائمًا، من الحس معًا، إلى شرارة يمكنها أن توقد النور مجددًا لإيقاف ليل النزاعات".
وشدّد البابا فرنسيس على أن اعتبار الآخر أخًا ومناداته بالأخ، ليس كلمة فارغة، بل هو الشيء الملموس الأكبر الذي يمكن لكل منا أن يفعله، وهو يعني التحرّر من الاعتقاد بأننا أبناء وحيدون، ويعني اختيار تجاوز منطق الشركاء الذين هم معًا انطلاقًا من المصالح، ويعني أيضًا القدرة على تجاوز حدود روابط الدم والعرق التي تعترف بالشبيه فقط وتنكر المختلف.
كما أكد أنه مع اختيار البشر والمجتمع للأخوّة فإن السياسة أيضًا ستتغير، حيث ستعود الغلبة للشخص على الكسب، للبيت الذي نسكنه جميعًا على البيئة التي تُستغل من أجل المصالح الخاصة، وسيحصل العمل على الأجر الصحيح، وسيصبح الاستقبال غنى، وستصبح الحياة رجاءً وستنفتح العدالة على الإصلاح، وستلتئم ذكريات الشر باللقاء بين الضحايا ومرتكبيه.
وفي الختام، دعا البابا فرنسيس الجميع إلى العمل كي يكون ما عيش اليوم في هذا اللقاء الخطوة الأولى في مسار وأن يطلق مسيرة أخوّة. كما دعا قداسته إلى التأمل في العناق، وأن يحتفظوا من هذا اللقاء بالرغبة في معانقة رجال ونساء العالم كله لكي نبني معًا ثقافة لقاء.