موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢ أغسطس / آب ٢٠١٨
الأب مدروس يكتب حول بيان البطريركية اللاتينية بشأن ’يهودية الدولة‘

الأب د. بيتر مدروس :

<p dir="RTL">تتألّق البطريركية اللاتينية، في مدرسة الكرسي الرسولي اي الفاتيكان، بمواقفها الوطنية الأصيلة . ولا عجب لأنّ &nbsp;الهدف من اعادة تأسيسها سنة ١٨٤٧ كان خدمة الفلسطينيين في وطنهم (وكانت نسبتهم حينها في الارض المقدسة اكثر من خمس وتسعين بالمئة) مع الاْردن وجزيرة قبرص. وما زالت البطريركية اللاتينية وطنية محلية في اكليروسها وشعبها العربي (ما خلا قبرص). وإنْ كان ينضم لخدمة سكانها الأصليين عدد من الرهبنات الأجنبية أو إنْ كان الفاتيكان يعيّن استثنائيا وبشكل موقت مدبرًا رسوليًّا &nbsp;إيطاليًا في ظروف عصيبة<span dir="LTR">.</span></p><p dir="RTL">استنكرت البطريركية &quot;قانون يهودية الدولة&quot; واعلنت انه موضع جدال اكثر منه واقعي وانه مع ذلك خطير على العرب الفلسطينيين. ولا يخفى على احد أنّ المسنّين بينهم البالغين أكثر من سبعين سنة كانوا مولودين وموجودين &quot;قبل قيام الدولة&quot;. يعلن القانون المذكور أنّهم ليسوا في وطنهم، بخلاف القرار ١٨١ للأمم المتحدة وبخلاف وثيقة استقلال اسرائيل التي ارادت ان تضمن المساواة لكل مواطنيها. ويخاف المرء بصواب استبعاد المواطنين الفلسطينيين لسنة ١٩٤٨ اذ سوف يكون ممكنًا، قانونيًّا، نقلهم وإبعادهم &nbsp;بجرّة قلم &nbsp;وببناء جدران وحواجز جديدة، بما أنّهم &quot;مقيمون&quot; لا &quot;مواطنون&quot;.&nbsp;ويرى المحلّلون في قانون &quot;يهودية الدولة&quot; التي تريد ان تكون عبرية تأييدًا معنويًا قانونيًا لما حصل في النكبة، حيث تحوّل ٧٥ بالمئة من فلسطينيي فلسطين الى لاجئين بلا أمل العودة، لا لهم ولا لابنائهم.</p><p dir="RTL"><strong>بعد حُلم (بضم الحاء) المساواة والكرامة، حقيقة التمييز والتهميش</strong></p><p dir="RTL">لحظ البيان البطريركي اللاتيني المقدسي ان وثيقة الاستقلال الإسرائيلية ذاتها أعلنت ان لا كرامة بلا مساواة. وتوهّم نَفَر ممّن لُقّبوا بـ&quot;العرب الإسرائيليين&quot; أنهم كانوا مواطنين متساوي الحقوق مع اليهود القادمين من جميع أنحاء العالم. وما تردّد قوم منهم ان &quot;افتخروا بدولتهم&quot;. وفجأة ظهر جليًّا ان &quot;الدولة&quot; ليست دولتهم، وأنّ لغتهم (التي أهملها كثيرون منهم) ما عادت رسمية بعد ان كانت اللغة الوحيدة منذ قرون طويلة لمواطني فلسطين حتى حين حكمتها تركيا وبريطانيا ومنطقتها الأقلية اليهودية ايضًا.</p><p dir="RTL"><strong>لا ديمقراطية مع الثيوقراطية</strong></p><p dir="RTL">يفخر الاسرائيليون اليهود ان &quot;دولتهم&quot; هي الديمقراطية في الشرق الأوسط، وقد نسوا قبرص وأغفلوا لبنان. ولكن دولة مبنية على ديانة عمادها التوراة وخصوصًا التلمود (لهذا السبب لا دستور عند اسرائيل) لا يمكن ان تكون دولة كل مواطنيها بل فقط اتباع&nbsp;ديانتها، والمقصود الأتباع بالاسم، بما فيهم الملحدون واللاأدريّون.</p><p dir="RTL"><strong>أية &quot;يهودية&quot; هي أساس هذا القانون؟</strong></p><p dir="RTL">اذا اجيب &quot;الدين اليهودي&quot; فلا مجال لدولة معاصرة لان الدولة الدينية في الغرب كانت من مزايا العصور الوسطى، حيث لم يكن فصل بين الكنيسة والدولة. اما اذا كان المقصود القومية العرقية اليهودية، فالدولة المتوخّاة تمييزية عرقية&nbsp;لا يمكن أن يحيى فيها غير اليهودي على حقوق اليهودي. وإذا شدّدت احدى دول الغرب اليوم او بعض أحزابها &quot;اليمينيين&quot; على القومية لنعترف بالعنصرية. لذا تدهورت بعض دول الغرب، بذريعة الضيافة والاستقبال والتجنيس، الى ظلم مواطنيها لارضاء الأجانب وغيرهم بالامتيازات<span dir="LTR">.</span></p><p dir="RTL"><strong>منّ هو يهودي الدين والعرق؟</strong></p><p dir="RTL">ما زالت تلك الأسئلة بلا جواب، منذ حالة الضابط &quot;شاليط&quot; في السبعينات من القرن الماضي. وأحسب الإشكالية أتت من كون والدته غير يهودية. وهنالك نزاع بين الفرق الحاخامية حول معتنقي اليهودية. ويصرّ متشددون &nbsp;على عدم الاعتراف بتهويد الدخلاء الذين دخلوا على يد ربابينيين &quot;أرثوذكس&quot; او &quot;مجدّدين&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>خاتمة</strong></p><p dir="RTL">سيكشف المستقبل القريب لهذا القانون الأخطار والأضرار وهو مقال إضافي لحقّ القوّة الضارب بعرض الحائط قوّة الحق. ومهما طغى الظلم، لا يقدر أن يرقى الى الحق. ومن ناحية عملية، من المخجل التأييد المطلق من &quot;أعظم ديمقراطية في العالم&quot; حيث يحلف مواطنوها بالولاء &quot;لعَلَم الولايات المتحدة الامريكية، في سبيل الحرية والعدالة للكل&quot;، ما عدا لفلسطينيي ١٩٤٨ و١٩٦٧، ناهيكم عن شعوب اخرى سُحقت ودُمّرت في شرقنا العربي الجريح<span dir="LTR">!</span></p>