موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر السبت، ٣ سبتمبر / أيلول ٢٠٢٢
أول لاجئين مناخيين في الولايات المتحدة يجدون ملاذًا جديدًا في لويزيانا
لقطة جوية لجزيرة آيل دون جان شارل في ولاية لويزيانا الأميركية في 24 آب 2022

لقطة جوية لجزيرة آيل دون جان شارل في ولاية لويزيانا الأميركية في 24 آب 2022

أ ف ب :

 

تقف جوان بورغ أمام منزلها الجديد في شريفر في لويزيانا، البعيد نحو 60 كيلومترًا عن جزيرة آيل دو جان شارل التي نشأت فيها وحيث يهدّد ارتفاع مستوى المياه السكان يوميًا، بعدما أصبحت من أوائل "لاجئي المناخ" في الولايات المتحدة.

 

وتقول لوكالة فرانس برس "أنا متحمّسة جدًا. لا يسعني الانتظار للانتقال إلى المنزل. أنتظر هذا اليوم منذ الأزل".

 

وبورغ من بين عشرات الأميركيين الآتين من آيل دو جان شارل الذين نُقلوا إلى شريفر، وهم أول المستفيدين من منحة إعادة توطين فدرالية أُعطيت إليهم في العام 2016.

 

ويُعتبر هؤلاء أول "لاجئي المناخ" في الولايات المتحدة، أي الأشخاص الذين أُرغموا على ترك منازلهم بسبب تداعيات التغيّر المناخي. وتضيف "كنّا دائمًا نعتبر المنزل الذي كنّا نملكه هناك على الجزيرة موطننا. نشأنا أنا وإخوتي جميعًا هناك، ذهبنا إلى المدرسة هناك. كان مكانًا فيه سلام".

 

غير أن بيت بورغ دُمّر مثلما دُمّرت منازل عديدة أخرى في الجزيرة.

 

يربط طريق واحد فقط الجزيرة بالبرّ الرئيسي، ويصعب أحيانًا سلكه بسبب الرياح العاتية أو حركة المدّ والجزر. وكان سكّان آيل دو جان شارل من سكان أميركا الأصليين، من أصول أميركية هندية، إذ لجات عدة قبائل إلى الجزيرة هربًا من الاضطهاد الحكومي في مطلع القرن التاسع عشر.

 

غير أن التغيّر المناخي جعل من الجزيرة رمزًا للتآكل الساحلي الذي تشهده عدة مناطق في ولاية لويزيانا معرضة للأعاصير.

 

 

90% من المساحة مغمورة بالمياه

 

سيتمّ بناء 37 منزلًا في شريفر لايواء نحو 100 من السكان الحاليين أو السابقين لآيل دو جان شارل، باستخدام هبة فدرالية بقيمة 48 مليون دولار خُصّصت للمشروع في العام 2016.

 

يقول لوكالة فرانس برس حاكم الولاية جون بيل ادواردز، الذي كان يتفقّد السكان الذين يكتشفون منازلهم الجديدة، "إنه المشروع الأول من نوعه في تاريخ بلادنا". ويضيف "عرفنا أشخاصًا على مرّ السنوات اشترينا منازلهم ونقلناهم إلى أماكن أخرى. لكننا لم نتعامل مع مجتمعات بأكملها بهذه الطريقة ونقلناها إلى مكان واحد بسبب التغيّر المناخي".

 

منذ ثلاثينيات القرن الماضي، خسرت آيل دو جان شارل "نحو 90%" من مساحتها بسبب مياه المستنقعات، حسبما يقول أليكس كولكر، وهو أستاذ مشارك في الاتحاد البحري لجامعات لويزيانا.

 

وكانت الجزيرة هشّة بالأساس، لكن التغيّر المناخي يفاقم الأخطار على البيئة والسكان، بحسب كولكر، فمستويات البحار ارتفعت واليابسة تغرق والانجراف يستمرّ. وتزيد العواصف الأكثر شراسة وتواترًا من حدة المشكلة. ويتابع كولكر "هذا المجتمع هو أحد المجتمعات الأكثر هشاشة في لويزيانا، ولويزيانا من أكثر الأماكن هشاشة في الولايات المتحدة".

 

 

"هنا منزلي والجزيرة موطني"

 

على طول الطريق المؤدّي إلى آيل دو جان شارل عشرات المنازل التي لم يبقَ منها غير الأعمدة.

 

العام الماضي، ضرب إعصار "إيدا" ولاية لويزيانا واعتُبر عاصفة خطيرة من الفئة الرابعة. كان ثاني أعنف إعصار سُجّل في تاريخ ولاية لويزيانا، بعد الدمار الذي تسبب به إعصار كاترينا في العام 2005.

 

دمّرت العاصفة جزءًا من سقف منزل كريس برونيت (57 عامًا). وضع بعدها الرجل لافتة أمام منزله كتب عليها "آيل دو جان شارل لم تَمُت. التغيّر المناخي مقرف".

 

ويبدو برونيت غير مبال بالبعوض المنتشر حوله، ويتحدث أحيانًا باللغة الأكادية الفرنسية القديمة التي كانت محكيّة في المنطقة. ويقول إن الأعاصير لا شيء مقارنة بما يُسمّى بـ"تسرب المياه المالحة" الذي يدمر القنوات والممرات المائية الأخرى.

 

قبل بضع سنوات، وافق برونيت على الانتقال للعيش في مكان آخر، متبنيًا وجهة نظر زعيم قبيلة شوكتو التي ينتمي إليها والقائلة إن إعادة التوطين هي الطريقة الوحيدة للحفاظ على مجتمع الجزيرة المتضائل. غير أن أصحاب المنازل التي لا تزال صامدة لا يريدون التخلي بالكامل عن أرضهم.

 

تأمل بيرت ناكان (64 عامًا) التي ستنتقل إلى أحد المنازل الجديدة في شريفر، أن تُعيد طلاء مسكن عائلتها في آيل دو جان شارل، على الرغم من سعادتها لأنها صارت مالكة منزل لأول مرة. وتقول ناكان "هذا المنزل هنا هو منزلي. لكن الجزيرة ستبقى دائمًا، في قلبي، موطني".