موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
مُقدّمةٌ
في هذا العام الجاري (2025)، نتذكّر مرور خمسين عامًا على إصدار الإرشاد الرّسوليّ "إعلان الإنجيل" لمُثلَّث الطُّوبى البابا بُولس السّادس (1963-1978)، حول "البشارة بالإنجيل في العالم المعاصر" (1975)؛ ومرور ستين عامًا على ختام أعمال المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثّاني (1962-1965). لذا، في هذا المقال الموجز، سأقتصر الحديث عن البابا بُولس السّادس، "بابا المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثّاني"، وعن وثيقة "إعلان الإنجيل"، التي ستُكمل، في شهر ديسمبر/كانون الأوّل من هذا العام الجاري، خمسين عامًا على إصدارها.
أوّلًا: "بابا المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثّاني"، الكاردينال جيوفانّي باتيستا مونتيني أو البابا بُولس السّادس
لمُثلَّث الطُّوبى البابا بُولس السّادس، البابا الـ262 في قائمة باباوات الكنيسة الكاثوليكيّة، ألقابٌ عدة؛ من بينها "بابا المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثّاني"، "البابا المفكّر"، "البابا المُصلِح"، "البابا المتجرّد"، "البابا الرّحالة-المتجوّل"، "بابا الحوار"، "البابا المريميّ". لعلّ من أفضل ألقابه على الإطلاق هو "بابا المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثّاني"؛ فهذا اللّقب يختصر الألقابَ كلّها، ويشرح منبعها وأبعادها. لقد دعا مُثلَّث الطُّوبى البابا يوحنا الثّالث والعشرون (1958-1963) إلى انعقاد المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثّاني، وهو المجمع الحادي والعشرون من مجامع الكنيسة الكاثوليكيّة، وافتَتَحه في الـ11 أكتوبر/تشرين الأول للعام 1962؛ ولكنّه تنيّح في الـ3 من شهر يونيو/حزيران لعام 1963. وقد استَكمَل مُثلَّث الطُّوبى البابا بُولس السّادس (1963-1978) أعمالَ المجمع (أي دوراته الثّانية والثّالثة والرّابعة)، وأصدر وثائقه السّتة عشر، واختَتَمه في الـ8 من ديسمبر/كانون الأول للعام 1965. وكان الهدفُ الرّئيسيّ من هذا المجمع الأخير هو "تحديث" (aggiornamento) الكنيسة الكاثوليكيّة، وجعلها تواكب العصر الذي نعيش فيه. وقد أنتج المجمعُ ستة عشر وثيقة (4 دساتير، و9 مراسيم أو قرارات، و3 بيانات أو تصريحات)؛ وهذه هي أسماؤها: نور الأمم، كلمة الله، المجمع المقدَّس، فرح ورجاء، إلى الأمم، النشاط الرسولي، المنشود للكنيسة كلها، المحبة الكاملة، الكنائس الشرقية، السيد المسيح، الدرجة الكهنوتية، كرامة الإنسان، في عصرنا، أهمية التربية.
لقد قام الكاردينال "جيوفانّي باتيستا مونتيني" بدورٍ مهمّ للغاية أثناء انعقاد المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثّاني، وبعده أيضًا، من خلال خطه الإصلاحيّ والتّقدُّميّ. فأثناء انعقاد الدّورة الأُولى من المجمع، قد شارك مشاركةً فعّالة جدًّا في مسيرتها، وأعطى اقتراحات متعلّقة بالقضيّة التي تبنّها المجمع، أعني طالب –مع آباء مجمعين آخرين– بأن يكون موضوع المجمع الرّئيسيّ هو الكنيسة "من الدّاخل" (ad intra) و"من الخارج" (ad extra). وبعد نياحة البابا يوحنّا الثّالث والعشرين، على نحوٍ مُفاجئ من جرّاء مرض السّرطان، أخذ البابا بُولس السّادس على عاتقه –بشجاعةٍ كبيرة وحِسٍّ نبويّ– المهمّة الخطيرة جدًّا الخاصّة بمواصلة الدّورات المتبقّية من المجمع؛ ثمّ أصدر وثائقه النّهائيّة، واختَتَمه بسلامٍ في الـ8 ديسمبر/كانون الأول للعام 1965.
وُلِد "جيوفانّي باتيستا مونتيني" أو "البابا بُولس السّادس"، في الـ26 من شهر سبتمبر/أيلول لعام 1897، في المدينة الإيطاليّة "بريشا" بمقاطعة "لومبارديا". وبعد دراساته الفلسفيّة والثّيولوجيّة، صار كاهنًا في الـ29 من شهر مايو/أيَّار لعام 1920؛ ومارس خدمته الكهنوتيّة لمدة 58 عامًا، حتى نياحته. وفي عام 1923، عُيِنَّ سفيرًا بابويًّا في دولة "بولندا". وعاد إلى إيطاليا مرّة أُخرى، ليشغل مهامًا إداريّة متنوّعة في "الكوريا الرّومانيّة"، ما بين الأعوام 1931-1939. وأخيرًا، في عام 1939، أصبح "أمين سرّ حاضرة الفاتيكان" خلفًا للكاردينال "باتشلّي"، الذي اُنتُخِب بدوره حَبرًا أعظم بسم "البابا بيوس الثّاني عشر"، في عام 1939. وفي عام 1954، أقامه البابا "رئيسَ أساقفة" المدينة الإيطاليّة "ميلانو".
بعد نياحة البابا بيوس الثّاني عشر (1939-1958)، اُنتُخِب خلفًا له البابا يوحنا الثّالث والعشرون (1958-1963)، الذي مَنَحَ، في العام الأوّل من حبريّته، لقبَ "كاردينال" لرئيس أساقفة "ميلانو"، أعني "مونتيني"، ليكون بذلك أوّل كاردينال يحصل على هذا اللّقب من قِبل البابا يوحنّا الثّالث والعشرين. وقد شارك –كما ذكرتُ سابقًا– الكاردينال "مونتيني" في المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثّاني (1962-1965)، الذي دعا لانعقاده البابا يوحنا الثّالث والعشرون؛ ثمّ واصل أعمالَ المجمع بعد انتخابه حَبرًا أعظم بسم "البابا بُولس السّادس"، في إشارةٍ واضحة إلى بولس الرّسول المبشّر. لقد قاد الكنيسةَ –بإيمانٍ وشجاعةٍ– في المرحلة الصّعبة المتعلّقة بحقبة "ما-بعد-المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثّاني".
لقد تميّزت المرحلةُ الأخيرة من حَبريّة البابا بُولس السّادس (عام 1978) بتراجيدا اختطاف وقتل صديقه "ألدو مورو"، المفكّر والسّياسيّ المعروف ورئيس وُزراء إيطاليا لفترتين. وبعد حَبريّة حافلة بالثّمار والإصلاحات والزّيارات الرّسوليّة والأتعاب والمشقّات، رقد على رجاء القيامة البابا بُولس السّادس، في مساء يوم الـ6 من أغسطس/آب لعام 1978، يوم الاحتفال بعيد تجلّي السّيّد المسيح، في مقرّ إقامته في "كاستل غاندولفو"، إثر أزمة قلبية. ثمّ دُفِن في بازيليكا القدّيس بطرس بالفاتيكان. في الـ19 من شهر أكتوبر/تشرين الأوّل لعام 2014، أعلنه مُثلَّث الطُّوبى البابا فرنسيس طوباويًّا؛ وفي الـ14 من شهر أكتوبر/تشرين الأوّل لعام 2018، أعلنه البابا فرنسيس أيضًا، في ساحة القدّيس بطرس، قدّيسًا.
ثانيًا: ألقابُ البابا بُولس السّادس وحَبريّته المثمرة
إضافةً للّقب الشّامل، "بابا المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثّاني"، كما ذكرتُ أعلاه، ثمَّة ألقابٌ أخرى مهمّة جدًّا تطلق على البابا بُولس السّادس. إنّه –على سبيل المثال– "البابا المفكّر"، "البابا المُصلِح"، "البابا المتجرّد"، "البابا الرّحالة-المتجوّل"، "بابا الحوار"، "البابا المريميّ". ولنتناول بإيجازٍ هذه الألقاب.
"البابا المفكّر"
إضافةً إلى عظاته وأحاديثة ورسائلة ودساتيره الرّسوليّة حول قضايا شتّى، أصدر البابا بُولس السّادس سبع رسائل عامّة، وأربعة عشر إرشادًا رسوليًّا، حول مواضيع متنوّعة في غاية الأهمّيّة.
ففي عام 1964، أثناء انعقاد المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثّاني، أصدر أوّل رسالة عامّة له بعنوان "كنيسته"، حول مهمّة الكنيسة في العالم المعاصر ("خلاص المجتمع البشريّ")؛ وعرض فيها مشروعه الحَبريّ، وتصوّره عن ماهيّة الكنيسة ورسالتها، وأهمّيّة الحوار وأشكاله وأبعاده. وفي عام 1965، أصدر الرّسالة العامّة الثّانية بعنوان "شهر مايو/أيَّار"، حول أهمّيّة القيام بالصّلوات إلى العذراء مريم في شهر مايو/أيَّار، المكرّس لها كاملةً. وفي العام عَيْنه (1965)، أصدر الرّسالة العامّة الثّالثة بعنوان "سرّ الإيمان"، وتناول فيها قضايا إيمانيّة وعقائديّة، ولا سيّما عقيدة وعبادة القربان المقدّس. وفي عام 1966، أصدر الرّسالة العامّة الرّابعة بعنوان "أُمّ المسيح"، ودعا من خلالها إلى التّضرُّع إلى العذراء القدّيسة في شهر أكتوبر/تشرين الأوّل.
وفي عام 1967، أصدر الرّسالة العامّة الخامسة بعنوان "تَرقّي الشّعوب"، حول الحاجة إلى تعزيز تنميّة الشّعوب؛ وتناول فيها تعاليم الكنيسة الاجتماعيّ، ولا سيّما في ما يتعلّق "بالتّنميّة الشّاملة لكلّ إنسانٍ وكلّ الإنسان". وفي العام عَيْنه (1967)، أصدر الرّسالة العامّة السّادسة بعنوان "البتوليّة-العزوبة الكهنوتيّة"؛ وتناول فيها أمر الكهنوت المتبتّل والكهنوت المتزوّج. وفي عام 1968، أصدر الرّسالة العامّة السّابعة والأخيرة، بعنوان "الحياة البشريّة"، حول تنظيم النّسل والأُبوة-والأُمومة المسؤولة.
وتُعدُّ وثيقة "إعلان الإنجيل" (1975) من أهمّ الإرشادت الرّسوليًّة الأربعة عشر التي أصدرها البابا بُولس السّادس في حبريته، وفي شهر ديسمبر/كانون الأوّل من هذا العام الجاري، تأتي الذّكرى الخمسون على إصدارها.
"البابا المُصلِح"
لقد أنجز البابا بُولس السّادس إصلاحات متنوعة، ونفّذ إصلاحات المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثّاني؛ منها: الإصلاحات الطّقسيّة الخاصّة بالقداس اللّاتيني، وإصلاحات في "الكوريا الرّومانيّة"، وإلى آخره. ففي عام 1965، بدأ عملًا عميقًا لتعديل هياكل الحُكم المركزيّ للكنيسة، فخلق هيئات جديدة للحوار مع غير المسيحيّين وغير المؤمنين. وأنشأ مجمع الأساقفة، الذي عقد خلال حَبريّته أربع جمعيّات عاديّة، وجمعيّة واحدة غير عاديّة، ما بين عامي 1967 و1977. وقام أيضًا بتأسيس "اللّجنة الثّيولوجية العالميّة"، في عام 1969.
"البابا المتجرّد"
قد تخلّى وألغى وباع البابا بُولس السّادس "التيرا"، وهي التّاج الذي كان يضعونه –سابقًا– باباوات الكنيسة على رؤساهم؛ ووزّع ثمنه على الفقراء والمعوزين. واليوم، يُحتفَظ بالتّاج البابويّ في كنيسة "الحبل بلا دنس" بواشنطن.
"البابا الرّحالة-المتجوّل"
يُعدُّ البابا يوحنا الثّالث والعشرون أوّل بابا يغادر الفاتيكان، لكنّه زار بعض المدن الإيطاليّة؛ لكنّ البابا بُولس السّادس أوّل بابا يقوم بزيارات رسوليّة دوليّة خارج إيطاليا. إضافةً إلى رحلاته وزياراته العشر بداخل إيطاليا، يُعدُّ البابا بُولس السّادس أوّل بابا يقوم بزيارات رسوليّة حول العالم، منذ أيام البابا بيوس التّاسع (1792-1878). إنّ الرّحلات الثّلاث الأُولى من بين الرّحلات التّسع التي قام بها البابا، خلال حَبريَته، إلى خمس قارات، تعود إلى فترة المجمع: في عام 1964 ذهب إلى الأراضي المقدّسة؛ ثمّ إلى الهند. وفي عام 1965، ذهب إلى نيويورك حيث ألقى خطابًا تاريخيًّا أمام الجمعيّة العموميّة للأمم المتّحدة، ودعا فيه إلى "السّلام العالميّ"، ليكون أوّل بابا يذهب إلى مقرّ الأمم المتّحدة. ولا تزال كلماته الرّائعة والمشهور تتحدّى ضمائر البشر: «"يجب على البشريّة أن تنهي الحرب، أو الحرب هي التي ستنهي البشريّة" [...] أبدًا الحرب! أبدًا الحرب! إنّه السّلام، والسّلام [وحده]، هو الذي يجب أن يوجّه مصير الشّعوب والبشريّة جمعاء».
إنّه أوّل بابا يضع أقدامه في الأراضي المقدّسة؛ وأوّل بابا يزور القارات الخمس. لقد زار 19 دولة؛ وقام برحلاته بين الأعوام 1964 و1970. وهو أوّل بابا يزور: "فاتيما" بالبرتغال، في عام 1967، لمرور خمسين عاما على ظهورات العذراء مريم؛ وتركيا، في العام عَيْنه، للتّلاقي مع البطريرك الأرثوذكسيّ البيزنطيّ المسكونيّ "أثيناغوراس الأوّل"؛ وقارة أمريكا اللّاتينيّة، عبر كولومبيا، في عام 1968؛ وقارة أفريقيا، عبر أوغندا، في عام 1969؛ وقارة أسيا الشّرقيّة وأستراليا، في عام 1970. ولذا، حتى قبل مُثلَّث الطُّوبى يوحنّا بُولس الثّاني، كان بُولس السّادس يُلقّب بـ"البابا الرّحالة-المتجوّل".
"بابا الحوار"
على خُطى المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثّاني، قد انخرط البابا بُولس السّادس في فضاء الحوار المسكونيّ من خلال لقاءات ومبادرات مهمّة. فهل يمكن أن يُنسى اللّقاء التّاريخيّ بين قداسَة البَابَا بُولس السَّادس والبطريرك الأرثوذكسيّ البيزنطيّ "أثيناغوراس الأوّل" (1964)؟ ورفع الحُرمات المتبادلة بين كنيستي روما والقسطنطينيّة (1965)، منذ الانشقاق الذي حدث عام 1054؟ واللّقاء التّاريخيّ بين قداسَة البَابَا بُولس السَّادس وقداسَة البَابَا القبطيّ شنودَه الثّالِث (1973)؟ وهو أيضًا أوّل بابا يفتح باب الحوار مع الكنائس النّاجمة عن "الإصلاح".
"البابا المريميّ"
أظهر البابا بُولس السّادس ارتباطه العميق بالسّيّدة العذراء مريم، وتقديره لأهمّيّتها ودورها في التّاريخ الخلاصيّ، في وثائقه عن والدة الإله. وجديرٌ بالذّكر أنّه، في عام 1970، ولأوّل مرّة في تاريخ الكنيسة، أعلن امرأتين، القدّيسة "تريزا الأفيليّة" والقدّيسة "كاترين السّيانيّة"، مُعلّمتين في الكنيسة الكاثوليكيّة.
ثالثًا: "إعلان الإنجيل"
أصدر البابا بُولس السّادس الإرشاد الرّسوليّ ("إعلان الإنجيل") في الذّكرى العاشرة لاختتام المجمع الفاتيكانيّ الثّاني، الذي تتلخّص أهدافه كلّها، في نهاية المطاف، وفقًا لقناعة البابا، في هدفٍ واحد: «جعل كنيسة القرن العشرين أكثر قدرة على إعلان الإنجيل لبشر القرن العشرين» (بند 2). أوضح البابا أنّه، انطلاقًا من المسيح المبشّر-الكارز، على الكنيسة أن تكون هي أيضًا مبشّرة-كارزة. ويتعرض إلى:
+ المقصود بالبشارة بالإنجيل (التّبشير أو الكرازة بالخبر السّار)؛
+ مضمون البشارة بالإنجيل الأساسيّ (الإله الذي كَشَفَ عنه يسوعُ المسيح في الرّوح القُدس، والخلاص عبر الإيمان بالمسيح، وارتباطه بالحياة العمليّة الشّخصيّة والجماعيّة والاجتماعيّة، وتَرقّي البشر الشّامل)؛
+ وسائل البشارة بالإنجيل (شهادة الحياة، والكرازة الحيّة، وليتورجيا الكلمة، والتّعليم المسيحيّ، وسائل التّواصل الاجتماعيّ، والأسرار المقدّسة، والتّقويّات الشّعبيّة)؛
+ ومُتلقّي البشارة بالإنجيل أو المخاطبين (البشارة الشّاملة للجميع)؛
+ وعَمَلَة أو خُدام البشارة بالإنجيل (الكنيسة بأسرها مُبشِّرة)؛
+ وروح البشارة بالإنجيل (العلاقة الباطنيّة بالرّوح القدس، والحماس الرّوحيّ).
ويختم البابا إرشاده الرّسوليّ بهذه العبارات الجميلة والمشجّعة: «فلنحافظ، إذًا، على حرارة الرّوح. ولنحافظ على فرحة التّبشير الحلوة والمعزيّة، حتى عندما يتعيّن علينا أن نزرع بالدّموع [...] وليكن هذا [التّبشير] أعظم فرحة في حياتنا المبذولة» (بند 80).
خُلاصةٌ
لا شكَّ أنّ مُثلَّث الطُّوبى البابا بُولس السّادس، بابا المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثّاني، إضافةً إلى كونه مبشّرًا عظيمًا في القرن العشرين، على غرار بُولس الرّسول في القرن الأوّل الميلاديّ، هو أيضًا "البابا المفكّر"، "البابا المُصلِح"، "البابا المتجرّد"، "البابا الرّحالة-المتجوّل"، "بابا الحوار"، "البابا المريميّ". لَيْت ذكراه العطرة تحثّنا على اتّباع خُطوَاته واقْتفَاء أَثَرِه، لنواصل فكرَ المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثّاني، وإصلاحاته، وروحه، من أجل "إعلان الإنجيل"!