موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٦ سبتمبر / أيلول ٢٠٢٣

ربوا أولادكم إن كنتم تحبون بلادكم

سارة طالب السهيل

سارة طالب السهيل

سارة طالب السهيل :

 

الاهتمام بالطفولة جزء لا يتجزأ من الوطنية والانتماء، فمن يحب وطنه ويخاف على أهله يُهيِّئ لهم جِيلًا متعلمًا متحضرا ومؤهلا لإعمار الأرض وإصلاح  الأمور ونشر العلم والثقافة والتطور والخير والمحبة  والسلام.

 

من يُرِدْ إصلاح وطنه يصلح تربية أطفاله.

 

حب الوطن ليس شعارات رنانة وخطبا صماء إنما هو عمل وإخلاص لتثبيت عادات وسلوكات صالحة ونبذ كل ما هو مؤذي و مخرب، وكما يقال: "من يحب بلاده يربي أولاده"، إشارة إلى العلاقة المترابطة بين حب الوطن وتربية الأولاد.

 

إن كنت تحب وطنك، رَبِّ أولادك بطريقة تؤدي إلى تطوير وتقدم وطنك. تربية أبنائك بشكل سليم يعزّز التقدّم والازدهار في وطنك وبهذا تصبح أنت مفيدًا وإيجابيًا لوطنك، فليس حب الوطن صرخًا وشعارات جوفاء، إنما عمل صادق لتأسيس بنية تحتية متكاملة قوية لوطنه، وإيمان بأن تربيتهم التربية الصالحة ضمان لمستقبلهم.

 

تربية أولاد صالحين على القيم النبيلة والأخلاق الحسنة تسهم في إنشاء مجتمع أفضل بدلا من التأفف والتذمر طوال الوقت والشكوى من صعوبة التعامل مع الناس والشكوى من سوء أخلاق البشر، والاعتراض بأن الأجيال لم تتلق التربية الكافية ولم تأخذ نصيبها من التهذيب والتعليم وتقويم السلوك، لذا علينا أن نبدأ العمل بدلا من الشكوى.

 

كل واحد يبدأ من بيته.

 

الأمر ليس مقتصرًا على السلوك والعادات والطباع الطيبة التي تمكن من الاندماج والتعامل مع الغير بسهولة وراحة، كما أن تربية الأولاد لا تقتصر على تقويم الأخلاق والقيم الإنسانية والاجتماعية والثقافية فقط، إنما يستوجب صناعة جيل مؤهل لبناء وطن.

 

بناء الوطن يحتاج أنواعًا من العلوم، فالأولاد المتعلمون يستطيعون الإسهام في تطوير وتقدم وطنهم بالمشاركة في العمل والابتكار وبناء المؤسسات وتقدّم وتطوّر الوطن والابتكار والاختراع والعلوم والاقتصاد، ما يعزز التنمية الشاملة للوطن.

 

التأثير الإيجابي الذي يمتد إلى المجتمع والوطن في بناء مستقبل أفضل وتعزيز التقدم والازدهار في البلاد وتكوين مجتمع أكثر انضباطًا وتعاونًا. فعندما يتغذى الأبناء على القيم والأخلاق الحسنة، يسهمون في بناء وتعزيز العلاقات الإيجابية في المجتمع وينشرون ثقافة التسامح والاعتدال والمحبة وقبول الآخر بعيدا عن الصراعات والتنافس غير الشريف وخطاب الكراهية والتطرف والارهاب، بل سيحب أخيه المواطن مهما اختلف عنه في اللون أو الجنس.

 

إذا ربيتم أولادكم على العمل والأمل والتفاؤل والإصرار على النجاح، يصبحون إيجابيين في المجتمع. يمتلكون المهارات والقدرات اللازمة للتفاعل مع الآخرين بشكل صحيح وبناء علاقات سليمة، ما يسهم في تعزيز السلم والتناغم الاجتماعي.

 

وتربية أطفالكم على الانفتاح والتبادل الثقافي الحضاري وتلاقي المعلومات ما يفتح أبوابا جديدة على  العالم.

 

وبرغم الانفتاح على الآخر يجب تربية الأجيال الجديدة على احترام ذواتهم وخصائصهم وصفاتهم والثقة بالنفس والارتباط بالإرث الثقافي البيئي الايجابي والاعتزاز باللغة والثقافة المحلية والزي الوطني والطعام التقليدي والنمط الشعبي للوطن فيسهم هذا في الحفاظ على الهُوية والتراث. إذ يمكن للأطفال أن يتعرفوا على التراث والتقاليد واللغة والتأريخ المحلي، وبالتالي يعززون الانتماء.

 

أيضًا تعليمهم بما يخص الاستدامة البيئية عندما يتم تعليم الأطفال قيم الحفاظ على البيئة والاستدامة، يتشكل لديهم وعيًا بيئيًا ويتبنون سلوكات صديقة للبيئة، ما يسهم في الحفاظ على جمال الطبيعة والموارد الطبيعية في وطنهم.

 

وأيضا من جانب الابتكار والتطور الاجتماعي والتفكير الإبداعي، وبالتالي يمكن أن يكون لها أثر إيجابي في التطور الاجتماعي للوطن. إذا تم توفير بيئة تشجع على التعلم والاكتشاف والابتكار، فإن الأولاد يمكن أن يصبحوا روادًا في مجالات مختلفة ويسهموا في تطوير الصناعات والخدمات والتكنولوجيا.

 

باختصار، تربية الأولاد على حب وطنهم من خلال العمل على خدمته تعطي تأثيرا إيجابيا ينعكس على المجتمع والوطن خيرا ورفاها وبناء. فهي تعزز القيم والمبادئ الإيجابية، وتسهم في تطور الوطن وازدهاره، وتسهم في بناء مجتمع قوي مبدع. عندما ينشأ جيل من الأطفال الصالحين والملتزمين، يمكن أن يكون لهذا تأثير عميق وإيجابي على الوطن ومستقبله.

 

فالطفل كالإناء املأه بكل ما هو جميل ومفيد حتى يصب ما بجوفه على وطنه عندما يكبر و كأنه ماء يسقي زرعه.