موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
الكنيسة في تعريف العامة هي المبنى الذى يجتمع المسيحيون فيه للصلاة والإرشاد الروحى والتعليم الدينى، ولكن فى حقيقة الأمر الكنيسة ليست الحجر بل البشر، فالكنيسة فى تعريفها العام والبسيط مكون من المؤمنين كلهم سواء كانوا إكليروساً أو شعباً، وإلاكليروس هم المنوط بهم قيادة ورعاية الشعب المؤمن والصلاة معهم ولأجلهم اقتداءً بالراعى الصالح السيد المسيح ويتم اختيارهم حسب معايير روحية وعلمية معينة، ويتكون (الإكليروس) من البابا والبطريرك ثم المطارنة فالأساقفة فالكهنة برتبهم المختلفة فالرهبان والراهبات. أما المؤمنون فيطلق عليهم أيضاً «العلمانيون» أى الذين ليسوا من (الإكليروس) ولكن من الشعب المؤمن والكل معاً يكونون الكنيسة ورأسها هو السيد المسيح، لكن كثيراً ما يطلق فى كلامنا الدارج كلمة «كنيسة» قاصدين منها «الإكليروس» فحسب وليس العلمانيين منهم، فإذا هاجم أحد الإكليروس أو شخصا من الإكليروس، يقول «الكنيسة» فعلت كذا أو كذا أو لم تفعل كذا أو كذا..... إلى آخره ويقصد به الإكليروس فقط وإن كان الشعب فى أغلبه يبجل ويحترم رجال (الإكليروس)، وكل ما كانت الرتبة الكنسية أعلى تُبجل أكثر وأكثر، إلا أن فى أحيان أخرى البعض يهاجم ويتطاول ويكتب ويفضح نواقص (الإكليروس) بل فى كثير من الأحيان يتم نسج قصص ونميمة وإشاعات على هؤلاء الرجال خدام العلمانيين. هل لرجال الدين (الإكليروس) نواقص؟ قطعاً نعم، لأنهم بشر مثل كل الناس فهم ليسوا آلهة ولكنهم بشر لهم خطاياهم وهفواتهم ونواقصهم، قد تختلف من شخص لآخر ولكن الشعب يرى فى رجل الدين المثل الأعلى لهم فى كل شىء فى الصلاة والتصرف اليومى ولا يسمح بسهولة أو يتسامح مع أى هفوة يراها من رجل الدين. (الإكليروس) كأن الكاهن أو رجل الدين «إله» معصوم من أى خطأ رغم إنه بشر مثله مثل العلمانيين وقد يصيب أو يخطئ وعليه أن يحاسب نفسه أمام الله إذا أخطأ وهذا ما يسمى فى التعبير المسيحى التوبة أى تغيير مسار العقل والقلب إذا سقط، فضلاً عن وجود رئاسة وقانون كنسى للمحاسبة إذا اقتضى الأمر ذلك. إن الأزمات التى تمر بها الكنائس من حين لآخر مثل مقتل الأسقف إيبفانيوس فى دير مار مقار أو فضائح الاعتداءات الجنسية التى تؤرق قداسة البابا فرنسيس، وقد اعتذر عنها عدة مرات وعلانية كان آخرها فى زيارة لإيرلندا آخر الأسبوع الماضى، لا تعنى أن الكنيسة فى خطر أو ماتت، لأن كأى مؤسسة إذا البعض حاد عن الطريق القويم لا يعنى أن كل جسد عطب، فهناك آلاف يعملون فى خدمة الفقراء والبسطاء ورعاية المؤمنين ومنهم أصبحوا قديسين بسبب أعمالهم وخدماتهم وتواضعهم وإنكارهم للذات، فعلينا أيضاً أن ننظر إلى الجانب المشرق والإيجابى ولا نعمل على هدم المؤسسات التى ترعانا بسبب أخطاء يقع فيها بعض البشر. أخيراً علينا أن نتعلم كيف نتوازن فى معاملاتنا تجاه رجال الدين –من أي دين– من جهة لا نؤله أحداً لأن رجل الدين مهما كان مركزه فهو بشر وله أخطاؤه وضعفاته بل نقبل بروح مسامحة نواقص غيرنا كما على غيرنا قبول نواقصنا أيضاً «لماذا تنظر القذى الذى فى عين أخيك أما الخشبة التى فى عينك لا تقطن لها» كما يقول السيد المسيح فى إنجيل (متى 7:3) ومن جهة أخرى لا يجب علينا اغتنام الفرصة وإضافة مزيد من البنزين على النار ولكن قيمة إنسانيتنا تقتضى أن نحمل أخطاء بعضنا البعض ونعمل على رفع أثقال بعضنا البعض وانتشال من سقط منا.