موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ١٤ مارس / آذار ٢٠٢٠

الشفاء خلاص

بقلم :
الأب هشام الشمالي اليسوعي - الأردن
ما أجمل طلب الشفاء إن كان في هذا الاتجاه!

ما أجمل طلب الشفاء إن كان في هذا الاتجاه!

 

"لأَنَّه شَفى كَثيرًا مِنَ النَّاس" (مرقس 3: 10)

 

نرى يسوع يبشر في الجليل ويجذب الناس من كلّ حدب وصوب، من أراضي المؤمنين وغير المؤمنين (مرقس 3: 7-12)، يجذبهم بتعاليمه وأعماله وبالمعجزات والعجائب. وهنا تتجلى أيضًا قوّته: جماهير من عدة مناطق من اليهود وغيرهم يحيطون بيسوع.

 

في صلب رسالة يسوع هذه في أن يجمع الشعوب، كانت الشفاءات بارزة بشكل خاص. وللشفاءات دلالة أبعد وأعمق من الظاهر. كانت هناك قناعة بأنه عندما يأتي يوم الربّ -الذي أتى يسوع به- سيتمّ إصلاح الخلق الذي مرض بفعل الخطيئة. ومن خلال الشفاءات يصلح يسوع هذه الخليقة المريضة. والشعب الذي يلتفّ من حوله هو هذا الشعب الذي تمّ شفاؤه وتجميله، لكي يعكس مجددا صورة أبهر لله.

 

وبعد. نؤمن بأن الشفاء لا يخصّ الجسد وحسب. هو أيضًا شفاء العقل والقلب والارادة والفكر والمشاعر والاحاسيس والمخيلة. عقول منحرفة موسوسة، قلوب منقسمة متحجرة، مشاعر مدمنة مشحونة، إرادات منجرفة ومشتطة (متطرفة). كلّها علامات على الفظاعات التي تمارسها الخطيئة على من يرتكبها. لذلك، في كثير من الشفاءات كان يسوع يبادر بغفران الخطايا، إذ كان يعطي الاولوية للغفران على الشفاء، وهذا ما أعلنه أصلا للقديس يوسف يوم تجسّده، أنه سيخلّص شعبه من خطاياهم (متى 1: 21). وغالبًا ما كان يسوع يشير الى الايمان والخلاص في عملية الشفاء، "إيمانك خلّصك".

 

إن لمغفرة الخطايا أيضًا دلالة أبعد وأعمق من الظاهر. إنها تندرج في مشروع الله الخلاصيّ، الذي لا يحدّه الزمن، كالله. إنها تعيد الحياة الابدية لمن خسرها بالخطيئة. يماهيها الربّ مع الشفاء الزمني، فيصبح الشفاء خلاصًا أرضيًا وعلامة على الخلاص الأبدي.

 

إن الشفاء الغافر هو الشفاء الأكمل والأسمى والمحيي.

 

ما أجمل طلب الشفاء إن كان في هذا الاتجاه!