موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢ فبراير / شباط ٢٠٢٠

ملكوت الله بينكم؟

بقلم :
الأب هشام الشمالي اليسوعي - الأردن

مرقس 4: 21-24. «فَما مِن خَفِيٍّ إِلّا سَيُظهَر، وَلا مِن مَكتومٍ إِلّا سَيُعلَن ]...[ لِأَنَّ مَن كانَ لَهُ شَيء ، يُعطى . وَمَن لَيسَ لَهُ شَيء ، يُنتَزَعُ مِنهُ حَتّى ?لَّذي لَهُ». الملكوت مخبأ، لكنه يظهر للملأ ويُعلن جهارا. ليس الملكوت منشأة من منشآت يسوع، إذ هو تحقيقه. لقد كان الملكوت يعمل في هذا العالم، لكن العالم لم يره، وفاتته رؤيته. القلق، الاهتمامات الدنيوية، الانشغالات المادية والحسيّة، كلها شتّتت الانتباه الى العمل الإلهي الصامت والخفي والذي لا شيء في هذا العالم يستطيع إيقافه. فملكوت اللـه الذي يكشفه المسيح كان مخبأ لكنه ليس مستورا. فإنه ملوى النظر لمن له/لها عيون روحية فيراه. وهو ملوى الاذن لمن له/لها آذان روحية فتسمعه. الملكوت هو حاضر في وسطنا، وساكن فينا وبيننا. إن محبة اللـه تسكن في الانسان بقدر ما يعطيها. إن لم تمتدّ الى القلوب الأخرى، تفقد. أما إن امتدت بفعل عطاء وخير، ستعطى وتزاد. الايمان يَعمل في الانسان بقدر ما يُعمِله. إن لم يمارس الايمان ويشهد له، فإنه يتحجّر . الكلمة الحق تصير بشرا فينا بقدر ما نعمل بها. إن صارت لمجرد الاضطلاع الفضولي، أو للعلك الذهني، أو للمساءلة والتفلسف، أو للترداد العقيم، ولم يتم إيصالها وإعلانها، لن تُسمع ولن تُفهم ويتمّ نسيانها. وقس كذلك على الرحمة التي لن ينالها إلا الراحم (مثل الخادم الذي أعفاه سيده من الدين ولم يعف هذا صاحبه، متى 18: 23-35)، والمغفرة التي لن ينالها إلا الغافر (في صلاة الربّ، الأبانا)، والعطاء الذي لن يناله إلا العاطي، والحبّ الذي لن يناله إلا المحبّ (المرأة الخاطئة التي غفر لها الكثير لأنها أحبت كثيرا، لوقا 7: 36-50)... والحياة الأبدية التي لن تكون إلا للحيّ أصلا (القيامة). ذلك قانون فيزيائي روحي (تعبير من الاسقف بارون)، هكذا تسير الأمور الروحية، وما من طريقة أخرى. إنه ممكن لأنه عمل الروح في الانسان قبل أن يكون عمل الانسان. يمكن الانسان أن يرحم، ويغفر، ويعطي، ويحبّ، ويحيا، لأن هذا عمل الروح فيه. عندئذ، يُغفر له، ويُعطى ويُزاد، ويقوم. نعم، إن القيامة هي للأحياء وليس للأموات! بأعماله الملكوتية، يردّ الانسان ما ناله أصلا من اللـه، ليناله مجددا وأضعافا (مثل الوزنات، متى 25: 14-30). يردّه إليه في الصلاة والتسبيح، في الايمان وخدمة الكلمة والشهادة في الكنيسة، وفي الخدمة للمحتاجين والمعوزين. فلتكن الصلاة صلاة المؤمن أو المؤمنة الذي يتوجه الى الإله الحيّ، يشكره على ما ناله، يردّه إليه، فيزيد هذا العطاء جوهرة ووفرة وغلالا! "ما لك مما هو لك نقرّبه لك"