موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
فِيمَا كانَ يَسُوعُ ذَاهِبًا إِلى أُورَشَلِيم، ?جْتَازَ ما بَيْنَ السَّامِرَةِ والجَلِيل. وفِيمَا هُوَ يَدْخُلُ إِحْدَى القُرَى، لَقِيَهُ عَشَرَةُ رِجَالٍ بُرْص، فَوَقَفُوا مِنْ بَعِيد، وَرَفَعُوا أَصْواتَهُم قَائِلين: «يا يَسُوع، يَا مُعَلِّم، إِرْحَمْنا!». وَرَآهُم يَسُوعُ فَقالَ لَهُم: «إِذْهَبُوا وأَرُوا أَنْفُسَكُم لِلْكَهَنَة». وفيمَا هُمْ ذَاهِبُونَ طَهُرُوا. فَلَمَّا رَأَى وَاحِدٌ مِنْهُم أَنَّهُ قَدْ شُفِيَ، عَادَ وَهوَ يُمَجِّدُ اللهَ بِصَوتٍ عَظِيم. و?رْتَمَى عَلَى وَجْهِهِ عِنْدَ قَدَمَي يَسُوعَ يَشْكُرُه، وكانَ سَامِرِيًّا. فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقال: «أَمَا طَهُرَ العَشَرَة؟ فَأَيْنَ التِّسعَة؟ أَمَا وُجِدَ فِيهِم مَنْ يَعُودُ لِيُمَجِّدَ اللهَ سِوَى هذَا الغَريب؟!». ثُمَّ قالَ لَهُ: «قُمْ و?ذْهَبْ، إِيْمَانُكَ خَلَّصَكَ!»... أثناء تجوال المسيح في إحدى القرى التي كان يمر بها للوصول إلى أورشليم.. كان يقف 10 اشخاص مصابين بالبرص.. وحينها عندما يصاب أحد بهذا المرض كان عليه أن يبتعد عن الناس واذا أراد أن يظهر.. عليه أن يعلن انه مصاب.. لحد الآن الفكرة الطبيعية أن الأنسان عندما يمرض هكذا يكون منبوذ في المجتمع بسبب ما هو عليه.. ولكن هنا تبدأ قصة رغبة الشفاء. "فَوَقَفُوا مِنْ بَعِيد" الجمع يسير وفرح اللقاء يعم قلوب الجميع.. لكن لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب.. وكل فرد مننا مريض بشكل او بآخر.. نقف بعيدًا عن المسيح وندرك أنه هو شفاء كل نفس عطشه للمحبة والسلام.. ولكن لا تكفينا هذه المعرفه يجب أن تكون مرتبطه بفعل فرح اللقاء مع الخالق لتشفى النفس. وَرَفَعُوا أَصْواتَهُم قَائِلين: "يا يَسُوع، يَا مُعَلِّم، إِرْحَمْنا!".. رحمتك يا رب رحمتك.. كم هي رائعة هذه الكلمات ونحن بعمق سنة النعم، سنة الرحمة التي أطلقها قداسة البابا فرنسيس. رفع المرضى صوتهم.. وعرفوا أن فيض المراحم سينعم عليهم بالشفاء.. وأدركوا أنهم سيشفون حتمًا. كم علينا نحن أيضًا أن نتواضع ونطلب من الله رحمته؟ أن نطلب لنا ولغيرنا الرحمة؟ وَرَآهُم يَسُوعُ فَقالَ لَهُم: "إِذْهَبُوا وأَرُوا أَنْفُسَكُم لِلْكَهَنَة. وفيمَا هُمْ ذَاهِبُونَ طَهُرُوا".. يسوع ينتظرنا دومًا وهو واقف على أبواب قلوبنا ينتظر أن نفتح قلوبنا ليحقق محبته فينا.. هل نحن نؤمن حقًا بقدرة الله على التغيير في مسيرة حياتنا؟ "إذهبوا وأروا انفسكم للكهنة".. هنا تتجلى مشيئة تسليم ذواتنا.. فهل نسير مع الله قبل أن ندرك أننا حقًا سنكسب ما نريد.. وبإيمان كامل بعمل الله فينا.. بعد أن وثق المرضى بيسوع.. بأنهم بمجرد طلبهم سوف ينالون النعمة أكملوا والإيمان يمتلك قلوبهم، وفعلاً تم الشفاء قبل وصولهم للكهنة.. تححقت المعجزة.. "فَلَمَّا رَأَى وَاحِدٌ مِنْهُم أَنَّهُ قَدْ شُفِيَ، عَادَ وَهوَ يُمَجِّدُ اللهَ بِصَوتٍ عَظِيم".. شفي الجميع. ولكن أحدهم شعر بأنه لا يكتمل معنى الشفاء إلا عندما يعود ويشكر المعلم. هكذا نحن كالتسعة البقية الذين فقط توقفوا عند حصول المعجزة المنتظرة. نطلب وعند حصول المعجزة نكتفي.. وتأخذنا نشوة الأنتصار لننسى سبب الأنتصار وصانع الانتصار.. هل نعود لنشكر الله، أم هذا حق لنا ويجب أن نأخذه لأننا فقط طلبنا؟ "و?رْتَمَى عَلَى وَجْهِهِ عِنْدَ قَدَمَي يَسُوعَ يَشْكُرُه، وكانَ سَامِرِيًّا".. كم هي رائعة روح التواضع.. إن فرح اللقاء والشكر ليسوع يوازي وأكثر الشفاء الذي حصل.. ولم يعلم سوى الأبرص الشاكر أن إيمانه لعب دوراً في شفائه. وكذلك لن ينمو في فهم نعمة الله إلا المسيحي الذي يشكر. إن الله لا يطلب منا أن نشكره لكنه يُسر بذلك. وهو يستخدم روح الشكر فينا ليعلمنا المزيد عن ملكوته. لم يكن هذا الرجل مريضاً بالبرص وحسب لكنه كان سامرياً أيضاً والسامريون سلالة محتقرة من اليهود باعتبارهم وثنيين. وهنا يشير لوقا ثانية إلى أن نعمة الله لكل إنسان وغير محصورة بجماعة واحده. فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقال: "أَمَا طَهُرَ العَشَرَة؟ فَأَيْنَ التِّسعَة؟ أَمَا وُجِدَ فِيهِم مَنْ يَعُودُ لِيُمَجِّدَ اللهَ سِوَى هذَا الغَريب؟". حتى لو أخذنا ما نريد وأبتعدنا.. الله لا يفعل مثلنا.. يسأل دوما عن الجميع.. فأين التسعة.. وبها نوع من التوبيخ الابوي أين بقية خرافي.. لا تعود وتشكرني.. ثُمَّ قالَ لَهُ: «قُمْ و?ذْهَبْ، إِيْمَانُكَ خَلَّصَكَ!».. هنا تتلخص الرسالة قم وأذهب إيمانك خلصك. شكرا لك يا الله، لأن خلقك لنا يسبق عدمنا.. شكرا لك يا الله، لأن غفرانك يسبق خطايانا.. شكرا لك يا الله، لأن أنتظارك لنا يسبق بعدنا عنك.. شكرا لك يا الله، لأن جوابك لنا يسبق طلباتنا.. شكرا لك يا الله، لأن تعزيتك تسبق حزننا من أنفسنا.. شكرا لك يا الله، لأن شفائك لنا يسبق أمراضنا.. شكرا لك يا الله، لأن حبك لنا يسبق معرفتنا بك.. شكرا لك يا الله، لأن نعمتك تسبق رذائلنا.. شكرا لك يا الله، لأن عنايتك بنا تسبق أهمالنا لذواتنا.. شكرا لك يا الله، لأن الحياة الأبدية تسبق موتنا.. وتذكر بالشكر تدوم النعم.