موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
هنا في هذا المشرق المضطرب يواصل المسيحيون عيشهم وسط آلام وأحزان باتت من يوميات حياتهم.. سنين كثيرة من عمر هذا الحضور الذي لم يعرف لا هدوء دائم او سلام كامل.. حروبٌ كثيرة خاضها المشرق والجميع كان يجاهد ليحافظ على وجوده و يبحث عن دور يقوم به ليعطي معنى ورسالة جماعته.. مسيحيو المشرق عنوان دسم لكل المحطات ومراكز الدراسات العالمية.. وما من احد تمكن بالتعبير بشكل موضوعي عن هذا الموضوع.. ومع هذه الحروب التي اليوم نشهد على تجددها في دول المشرق لا يزال المسيحيون حاضرون وبقوة.. رغم كل شيء.. كنائس مهدمة.. مدن وقرى محاصرة.. عبودية من جديد.. خطف.. تهجير.. تكفير.. قتل.. ولكن بقي المسيحيون ثابتون لا يخافون شيء.. قسمٌ تحمل وجاهد وعانى وصمد وبقى بارضه.. والآخر حمل أمتعته ورحل بعيدًا.. لكن مهلاً.. الرسالة هنا لا تنتهي.. فوطن المسيحي.. رسالته.. لا يمكن لأحد في هذه الدنيا أن يُخفي دورنا او حضورنا فنحن أصحاب الأرض نحن نحيا ونتعايش مع الآخرين وأكثر من ذلك نعتبرهم أخوتنا بالعيش المشترك.. واهمٌ من يقول أن حضور المسيحيون انتهى بمجرد نقص عددهم.. المسيحية لا تعرف عددًا أو ضعفًا.. رغم كل شيء القسم الباقي اليوم مؤمن برسالته التي تقضي بالتمسك بالأرض والحافظ على أرث الأجداد وتحدي صعوبات الحياة وقد يصل الأمر الى الاستشهاد في سبيل رسالة المسيح ولأجل الأوطان.. المسيحية لم تعرف الهدوء او الاستقرار منذ نشاءتها لا وبل وأكثر حياة معلمنا وفادينا كانت كذلك وكان يدعى الناصري الثائر وهاجر وتنقل من مكان لمكان لا ليبحث عن أمان وسلام بل ليوصل رسالته في هذا العالم الغارق بالمادة والشر.. وأما مسيحيو المشرق المهاجرون لهم دورهم.. رغم حياتهم الجديدة وسط صعوبات الحياة الأجنبية من لغة وقوانين مختلفة.. حافظوا على عاداتهم وتقاليدهم ونقلوا ايمانهم معهم بقلبهم وليكملوا حياتهم.. ابرشيات من جديد تفتح ابوابها كنائس جمعيات فرق كشاف تجمعات للشبيبة.. وهذا بدوره شاهد على ذلك الانتعاش المسيحي الذي تشهده بعض المدن الأوربية والعالمية بسبب الحضور المسيحي الجديد المشرقي الأصل.. وهذا يعني أن رسالتنا المسيحية تقوى كل يوم.. مسيحيو الداخل يحملون على عاتقهم شهادة أكبر ليحافظوا على هذا الحضور الرائع. والمهاجرون يسعون من جديد لخلق نور جديد يشع بظلمات ومشاغل الحياة الأجنبية.. مهما كانت صعوبات الحياة كثيرة ..لا بد من رسالة نحيا من أجلها اينما ما كنا.. المسيحية ليست حجارة نحميها بل هياكل في قلوبنا نستقبل بها يسوع القائم من الموت من الأحزان.. ومن قلوبنا نعكس هذا الشعاع النوراني الذي يدل على أننا أبناء أبينا الذي في السماوات.. قد يكون عددا كأفراد قد قل.. ولكن الله خلق شمس واحدة تنير هذه الأرض فيا أخي قم وتشدد فهنالك ليلٌ علينا ولكن سيزول الليل ويأتي يوم جديد ونحن لهذ اليوم الجديد شمسه لنملئ هذه الدنيا بدفيء المحبة.. وطن المسيحي.. رسالته.. فحيث نكون نحن يكون الوطن وتكون الرسالة التي خلقنا الله من أجلها وهي المحبة والعيش مع أخوتنا وشركائنا في أوطاننا من كل المذاهب والقوميات ...